كتب- محمد آدم:

عقب هجمات 11 سبتمبر 2001 تنبأ كثيرون في الغرب أن تكون هذه الهجمات هي كلمة النهاية للإسلام في أمريكا، فجاءت التقرير الأمريكية - بعد تداعيات الأزمة المختلفة - لتؤكد تزايد أعداد المؤمنين بالدين الإسلامي، بعدما أقبلوا على القراءة عن هذا "العدو الجديد" وعرفوا حقيقته على خلاف ما فعله مرتكبو جريمة هدم برجي التجارة العالمي وقتل ألفي أمريكي.
 
وعقب هجمات لندن ومدريد وباريس وظهور داعش وانتشار الصورة السلبية النمطية عن الإسلام، كدين عنيف يستخدم السيف لقطع رقاب مخالفيه، واستغلال منظمات كنسية ويهودية متطرفة ووسائل إعلام غربية هذه الحوادث في تشويه الإسلام، وانتشار حركات مثل "حرق القرآن" للقس المتطرف تيري جونس، وحرق مساجد المسلمين في أوروبا، فوجئ الجميع بظهور مشاهير أمريكان وحديثهم الإيجابي عن الإسلام. 
 
والآن يتكرر الأمر في نيوزيلاندا وأستراليا ودول أخرى بعد جريمة مذبحة مسجدي مدينة "كيرست تشيرش" في نيوزيلاندا واستشهاد 50 مسلمًا وإصابة 50 آخرين؛ حيث يتوافد أهالي المدينة من كل حدب وصوب؛ للتضامن مع المسلمين ودخول مساجدهم، والتعرف عن قرب على الإسلام وسماع الأذان ومشاهدة الصلاة.
 
عشرات النيوزيلانديين توافدوا على المساجد، وسمح لهم المسلمون بالدخول بملابسهم للجلوس ومشاهدتهم وهم يصلون؛ كنوع من التضامن معهم، وبعضهم وقف خارج المساجد يحميها ليس في نيوزيلاندا فقط، ولكن في دول غربية عديدة، وجرى السماح بقراءة القران في البرلمان النيوزيلاندي وإطلاق أذان الصلاة في أكبر جامعات نيوزيلاندا.
 
 
 
كما استمر توافد المواطنين لوضع أكاليل من الزهور في محيط المسجد، وأدت مجموعة من أفراد قبائل "الماوري"، سكان البلاد الأصليين في نيوزيلندا، رقصة "الهاكا" أو المعروفة برقصة الحرب، حدادا على ضحايا الهجوم على المسجدين.
 
وبدأ كثير من المسلمين والمساجد تتلقى استفسارات وتساؤلات حول تعاليم الإسلام، وزادت نسب بيع الكتب التي تقوم بالتعريف بالإسلام أو نسخ القرآن المترجمة.
 
ويثير ذلك تساؤلات حول أسباب هذا الإقبال على التعرف على الإسلام، سواء عقب هجمات إرهابية ضد المسلمين أو إقبال غير المسلمين، وخصوصًا الغربيون، على الدخول في الإسلام برغم ما تفعله تنظيمات متطرفة منسوبة للإسلام من عمليات قتل وتفجيرات في أوروبا والعالم، وبرغم الحملات الإعلامية الغربية المكثفة لشيطنة الإسلام بعد هذه الأعمال المسيئة لصورة الإسلام؟
 
فبعد كل موجة عداء ضد الإسلام في أعقاب هجمات أو عمليات إرهابية في الغرب تنتشر أنباء عن دخول العديد من غير المسلمين إلى الإسلام رغم الحملات الإعلامية الشعواء في جميع وسائل الإعلام الغربية والأمريكية ضد المسلمين والإسلام.
 
فما يحدث يدفع الكثيرين في الغرب أن يقرءوا عن هذا الدين الذي قتل بسببه 50 مسلمًا في مسجدهم، أو هذا "العدو" الذي صوّرته لهم وسائل الإعلام في الغرب على أنه العدو، فيكتشفوا حقيقته بعيدًا عن ممارسات بعض المنتسبين له، وينضموا للإسلام.
 
دفاع عن الإسلام والمسلمين
 
هذا الزخم الكبير للتعرف على الإسلام والمسلمين يقابله أيضا خروج غربيين غير مسلمين للدفاع عن المسلمين، فلم يكن غريبًا أن يقوم شاب صغير بتلقين نائب عنصري كاره للإسلام في البرلمان الأسترالي درسًا، ويضربه بالبيض على رأسه؛ بسبب شماتته في المسلمين الذين قتلوا في المسجد.
 
وكان السيناتور الأسترالي قد أصدر بيانًا يقول فيه: "إن السبب الحقيقي لإراقة دماء المسلمين" في نيوزيلندا كان "برنامج الهجرة الذي سمح للمتعصبين المسلمين بالهجرة إلى نيوزيلندا، وأنه أبرز الخوف المتزايد داخل المجتمع من الوجود الإسلامي المتزايد".
 
وأثارت تعليقاته الغضب في جميع أنحاء البلاد، وكُتب التماس، عبر الإنترنت، يدعو إلى عزله من البرلمان أكثر من خلال 265 ألف توقيع، خلال 24 ساعة، ثم فاجأه فتى بالهجوم ببيضة كسرها على رأسه، تعبيرًا عن رفضه لتصريحاته العنصرية.
 
أيضًا الممثل الأمريكي "بن أفليك" - غير مسلم - انبرى على شاشات التلفزيون الأمريكي في حلقة من برنامج "ريال تايم" ليدافع بحرارة عن الإسلام والمسلمين ضد انتقادات وكلام اعتبره "مقززا وعنصريًا"، قاله "بيل ماهر" المعروف بإلحاده وبميوله اليسارية المتطرفة على شبكة "أتش بي أو".
 
ومضى يقول: "هناك مليار شخص ليسوا متطرفين ولا يسيئون إلى النساء، ويريدون الذهاب إلى المدارس والصلاة خمس مرات في اليوم، ولا يقومون بأي من الأمور التي تقول إن المسلمين يقومون بها"، وأضاف: "لقد قتلنا من المسلمين أكثر مما قتلوا من صفوفنا بفارق كبير".
 
والممثل ليام نيسون الذي أشيع أنه اعتنق الدين الإسلامي، خلال تصويره لفيلم «2Taken » بمدينة إسطنبول التركية، بعث ضمنا برسالة إيجابية عن الإسلام للغربيين، بعيدًا عن اتهام الدين بالعنف حين قال: "عندما كنت في أسطنبول وسمعت صوت الأذان كان شيئًا غريبًا عليَّ، لكنه بعد ذلك دخل إلى قلبي وشعرت بشيء من الروحانيات، لكن شائعة إسلامي غير حقيقية".
 
وكان حديث "نيسون" عن الصلوات الخمس في اليوم، وما شاهده من مسلمي تركيا من تقدم وحضارة ودور الإسلام في سعادتهم، وقراءته عن الإسلام نفسه، من أسباب هذا التغيير الذي جعله لا يعتقد في الاتهامات التي توجه للمسلمين، واعتباره أن مثلها يوجه لمتطرفين مسيحيين دون أن يشوه هذا المسيحية. 
 
كما كانت مشاهد المساجد التاريخية في تركيا من أسباب تفكيره؛ حيث قال: "هناك 4 آلاف مسجد في المدينة، وبعضها فائق الجمال، وهي فعلاً تدفعني إلى التفكير في اعتناق الإسلام".
 
 
 
وقد لفت الصحفي الألماني "دانيال باكس" الأنظار بدراسة أعدها مؤخرًا يسأل فيها: لماذا يعتمد إرهابيون - كالذين قاموا باعتداءات باريس - على الإسلام مرجعيةً لهم؟ رغم أن أفعالهم لا تَمُتُّ بأية صلة إلى ما يؤمن به معظم المسلمين؟ وسلّط الضوء على ذلك في دراسة نشرها موقع "قنطرة" الألماني للتواصل بين المسلمين والغرب، خلص منها إلى أن "هذا إرهاب لا يمتُّ إلى الإسلام بأيَّة صلةٍ".
 
ويقول "دانيال باكس" إن التدخلات الغربيَّة في العالم الإسلامي التي أدت إلى عملية تفتت دول في الشرق الأوسط وحدود دينية - عرقية، مثل ما حدث مؤخرًا في العراق وليبيا، جعلت جماعات إرهابية تتغلغل في هذا الفراغ.
 
وقال إنَّ هؤلاء المتطرفين الإسلاميين الذين يشكلون أقلية مثلاً في ألمانيا، "ينتمون في كثيرٍ من الأحيان إلى صغار المجرمين السابقين والفاشلين في حياتهم، كما كانت حال المعتدين في باريس، وهم يستخدمون مصطلحاتٍ إسلاميَّةً مثل "الجهاد"، فيُسقِطون معناها الأصلي ويحوِّرون تفسيرها، لكي يبرروا فِعلاتهم وليرفعوا من شأنها.
 
الإبحار الإلكتروني جزء من السر 
 
وبسبب لجوء الكثير من الغربيين للعالم الافتراضي عبر الإبحار الإلكتروني، بحثا عن الحقيقة، أو من أجل التعرف على الآخرين، باعتبار أن هذا يوفر عليهم الحرج ويدفعهم للقراءة والترجمة بحرية بينهم وبين أنفسهم دون ضغوط المجتمع المعادي للإسلام المحيط بهم، أدرك كثير من الغربيين حقيقة الإسلام وتعاطفوا مع المسلمين أو اعتنقوا الإسلام.
 
فبعد جريمة الهجوم على مجلة "شارل إيبدو" في فرنسا، لم يجد الفرنسيون والفرنسيات سوى عالم "الفيس بوك" و"تويتر" ومواقع التواصل والمكتبات الأخرى، لمعرفة حقيقة هذا الدين؛ الذي جعل هؤلاء الشباب المتطرف المنتمي لداعش، يقتلون 12 فرنسيًّا بينهم 9 من رسامي المجلة المسيئة للإسلام، وشرطي فرنسي "مسلم".
 
وكتب أحد الشباب المسلمين في الجزائر يقول إنه وصل العديد من الجزائريين طلبات كثيرة من شباب فرنسي يريدون التعرف عليهم لأجل مناقشة ما حدث في مجلة "شارلي إيبدو"، والحديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعن الإسلام، ووجد الكثير منهم - عبر المناقشة - إجابات مباشرة تختلف تمامًا عما حاولت بعض قنوات التلفزة الفرنسية والغربية تقديمه عن الإسلام.
 
وأعطوا مثالاً لما حدث مع المخرجة إيزابيل ماتيك التي أعلنت التحول للإسلام، والذي اعتبروه "بداية لتوافد قياسي للفرنسيين على دين الله"، بعدما قال أحد الجزائريين إن شابا فرنسيا تقدم بالفعل بعد نقاش معه لإعلان إسلامه، في عز هذا الجدل الكبير حول الإسلام في فرنسا، وبعد تسعة أيام من أحداث شارلي إيبدو.
 
والمخرجة الفرنسية "إزابيل ماتيك" التي أشهرت إسلامها في خضم حادثة قتل رسامي "شارلي إيبدو" في باريس كتبت علي صفحتها الرسمية على "فيسبوك" تشير إلى قراءتها عن الإسلام ومعاونة مسلمين فرنسيين لها للتعرف على حقيقة الدين.
 
وعندما وقعت المفاجأة واعتنق السياسي الهولندي "فان دورن" Arnoud Van Doorn - أحد أعضاء حزب "من أجل الحرية" الذي يتزعمه خيرت فيلدز المعروف بعنصريته ومعاداته للإسلام - الدين الإسلامي، لفت "دورن" الأنظار عندما كتب في صفحته على "تويتر" يشرح سبب هذه "البداية الجديدة" كما أسماها، ويوضح سبب إسلامه، ومنها إبحاره الالكتروني للتعرف علي الإسلام.
 
حيث قال: "من يعرفني من قريب يعلم أنني منذ أكثر من سنة وأنا أقرأ وأتعمق في الإسلام من خلال الكتب والحوارات، ولكنَّ البعيدين عني فاجأهم القرار طبعًا؛ لذلك يحاولون التشكيك فيه"، ما يشير لأن قراره جاء من واقع معرفته المباشرة بالدين الإسلامي الذي كان يهاجمه في السابق وكان يقرأ عنه ليعرف حقيقته، ويبحث عن ثغرات يهاجمه منه.

 
وهو ما أكده بنفسه حين قال: "أنا شخص لا أحكم على الأشياء من خلال السماع وتناقل الأقوال، وكان قراري بعد نقاش مطول أن اعتنقت الإسلام بكل حرية، وهو قرار خاص ولا أريد لأحد أن يناقشني فيه".
 
لهذا يقول مفكرون مسلمون وكتاب وأئمة مساجد: إن "المثير للغاية أن الكثيرين ممن تحولوا إلى الإسلام لم نكن نحن المسلمين مَنْ قدم لهم الصورة الجيدة عن الإسلام، ولم يؤدّ الكثيرون منا دورًا مؤثرًا في إسلامهم، إنما يأتي دخولهم إلى الإسلام، بسبب حادثة ما، أو رغبتهم في إيجاد ملاذ نفسي آمن".
 
وقالوا إن "معظم الداخلين للإسلام قرأوا كتبًا وأبحروا في الفضاء الإلكتروني للتعرف عليه، وتعمَّقوا بشكل جلي في فهم الإسلام كما يجب"، وبعضهم قال لأصدقاء مسلمين بعد إسلامه: "إنهم يدركون بصورة جلية أن بعض المسلمين لا يمكن أن يمثلوا الصورة الحقيقية لهذا الدين، وأنهم يدركون أن هناك حدودًا ما بين دين ما وأتباع هذا الدين الذين قد يفعلوا ما هو مخالف لهذا الدين أحيانًا".
 
لهذا تشير بعض تقارير المنظمات الإسلامية ومساجد غربية إلى أن عدد الذين يعتنقون الإسلام يزداد بصورة ملحوظة، وبصورة ملفتة عقب كل أزمة يجري فيها تشويه الإسلام، سواء علي يد منتسبين له، أو بحملات هجومية عليه في الغرب نتيجة تفجيرات أو اعتداءات تدفع كثيرون للقراءة والتعرف على هذا الدين وهذا "العدو" فيكتشف بعضهم حقيقته ويتجه للإسلام أو على الأقل لا يناصبه العداء.
 
تدمير برجي أمريكا أعاد الاهتمام بالإسلام
 
وفي أمريكا كانت الدراسات تشير بوضوح أن القراءات عن حجم الإقبال على الإسلام منذ أحداث سبتمبر عام 2001 صارت مدهشة بعد شهدت خمولاً منذ قاد الملاكم محمد علي كلاي، ظاهرة اتجاه قافلة الأمريكيين للإسلام عام 1969؛ حيث تحولت أحداث 2001 إلى بحث مستمر عن كل ما يعنيه "العدو الجديد" الإسلام، وجاءت النتيجة إيجابية. 
 
واعترفت أرقام أمريكية رسمية بعد سنتين من أحداث الحادي عشر من سبتمبر أن الدين الإسلامي يتقدم، وأنه يتحوّل إلى الديانة الأولى في البلاد، وأن معتنقي الإسلام زادوا في عام 2010 إلى 2.6 مليون، وأن عدد المسلمين الأمريكيين ارتفع أثناء العقد الماضي ليفوق عدد اليهود للمرة الأولى في معظم مناطق الغرب الأوسط وجزء من الجنوب، في حين فقدت معظم الكنائس الرئيسية أتباعها وفقاً لما ذكره إحصاء للأديان في الولايات المتحدة عام 2012.
 
إذ قال ديل جونز الباحث الذي شارك في الدراسة التي أجرتها جمعية الإحصائيين للهيئات الدينية الأمريكية: إن عدد معتنقي الإسلام زاد إلى 2.6 مليون في عام 2010 مقابل مليون واحد في عام 2000 مدعومًا بالهجرة واعتناق الإسلام، وأشارت البيانات إلى أن حوالي 55% من الأمريكيين يحضرون الطقوس الدينية بانتظام، بينما الـ85% من الأمريكيين الذين يعتنقون عقيدة دينية لا يحضرون الطقوس، وذكرت الدراسة أن حوالي 158 مليون أمريكي جرى تصنيفهم على أنهم لا ينتمون لأي دين.
 
وأشارت أرقام أمريكية أخرى إلى اعتناق حوالي 20 ألف أمريكي سنويًّا للدين الإسلامي، وتحدثت وزارة الداخلية الأمريكية عن رقم 100 ألف مسلم في السنوات العشر التي تلت الحادث فقط، واعترفت دول مثل هولندا - بحسب تقارير الصحف الغربية - بهوس مواطنيها على اقتناء المصاحف المترجمة، حتى صار في كل بيت مصحف إلكتروني.
 
كلما زاد العداء زاد الإقبال على الإسلام!
 
حتى عام 2006، لم يكن لمسلمي الدانمارك وغالبيتهم من البوسنة وتركيا والعراق وفلسطين مدفن لأهاليهم الذين يقضون نحبهم، وحتى عام 2006، تاريخ اندلاع قصة الرسومات الكاريكاتورية المسيئة لخاتم الأنبياء والمرسلين في صحيفة "جيلاند بوست"، ظل مسلمو الدانمارك يتجمعون في مصليات صغيرة لأجل أداء الصلاة، ولكن نشر الصحيفة للرسومات وغضب المسلمين الذي كلّف الدانمرك خسارة ثلاثة مليارات دولار، جزاء لمقاطعة منتجاتها، جرّ الدانماركيين للتعرف على الإسلام وسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
 
وفي عام 2008، قامت جامعة كوبنهاجن بدراسة خاصة ضمّت 69 صفحة، تحولت إلى أزمة في هذا البلد الإسكندنافي؛ لأنها أكدت أن المئات من الدانماركيين لم يكتفوا بالتطلع الفضولي على الدين الإسلامي، وإنما اعتنقوه، وبالرغم من أن التقرير بقي في إطاره السري كواحد من أسرار الدولة فإن الحزب الليبرالي وحزب المحافظين طالبا باجتماع حكومي عاجل، لأجل توقيف ما أسموه بـ"النزيف"، وكتبت حينها نفس الصحيفة "جيلاند بوستن" التي أساءت للرسول صلى الله عليه وسلم، تقول إن أكثر من خمسة آلاف دانماركي ودانماركية غالبيتهم من الشباب اعتنقوا الدين الإسلامي، وصارت المساجد مليئة بالمصلين، وتضاعف عدد المحلات التي تبيع المواد الغذائية الحلال، وصار للمسلمين مدافنهم الخاصة، فانقلب السحر على الساحر.
 
وتحدثت صحيفة "تليجراف" البريطانية حينئذ عن تفوق مرتادي المساجد في إنجلترا وأوروبا على مرتادي الكنائس؛ إذ لم يزد الذين يتوافدون على الكنائس عن 670 ألف متعبد مسيحي كل يوم أحد، في الوقت الذي فاق عدد مرتادي المساجد في إنجلترا 680 ألف مصلي خلال أيام الجمعة، بحسب "تليجراف".
 
أيضا اعترفت صحيفة معاريف الصهيونية حينئذ، بتوافد جزء من يهود أوروبا على الإسلام، أو على الأقل اعترافهم بأن الإسلام لا يدعو أبدًا للعنف، وهو ما يعني أن
كل الجهود لأجل تلطيخ صورة الإسلام قد انقلبت رأسًا على عقب رغم هدم برجي التجارة، وهو ما انعكس لاحقًا في طلبات بناء مسجد ضمن المشروع الجديد مكان مركز التجارة العالمي.
 
ويعود ذلك إلى تحرك المسلمين والجنود الذين يعملون في الخفاء لخدمة الإسلام في تقديم الكثير من الكتابات الإلكترونية بكل اللغات، وفتح المساجد في الغرب لزيارات غير المسلمين للتعرف على حقيقة الإسلام ومناقشة المسلمين في مخاوف الغربيين التي تبثها وسائل الإعلام بشأن الإسلام، وهو ما فعله أيضًا مسلمو بريطانيا ودول أوروبية عقب هجمات باريس والدنمرك الأخيرة.
 
وقبل هذا لفت نظر الحكومة والصحف في الدانمارك إلى أنه بعد سنتين من الرسوم المسيئة للإسلام ولرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، حدث دخول لآلاف من الدنماركيين في الإسلام.
 
فما فعله هؤلاء الجنود المجهولون (الدعاة ونشطاء الإنترنت) هو أنهم قدموا الإسلام كما هو، فسافرت كتاباتهم وصورهم إلى كل القارات، وقرأها الملايين واقتنعوا بأن ما يقوم به أعداء الإسلام لأجل تشويهه غير حقيقي، ولا يعدو أن يكون حملات تخويف وترهيب وتشويه.
 
ولأول مرة في تاريخ البشرية، صار عدد المسلمين أكبر من الكاثوليك، باعتراف الفاتيكان، الذي اعترف الناطق الرسمي بأن عدد المسلمين قد فاق عدد المسيحيين الكاثوليك، ولا يوجد أي أمل لتوقيف هذا الزحف، ولا يمكن لأقلية أن تتفوق على الأكثرية، بل عليها أن لا تستفزّها.
 
ونشر نشطاء معلومات عديدة عن اعتناق وكيل وزارة العدل الفنزويلي الإسلام واعتناق خمسة آلاف سويدي الإسلام حديثًا، بحسب تقرير أعده "اتحاد المسلمين في السويد"، وأودع أخيرًا مجمع البحوث الإسلامية في القاهرة.
 
كما بلغ عدد الذين اعتنقوا الإسلام في إسبانيا خلال السنوات الأخيرة أكثر من عشرين ألف شخص، وأن معظم المقبلين على الإسلام من المثقفين والعلماء الذين يعتنقون بعد بحث كبير، وأن هناك مئات الدارسين الغربيين المنصفين الذين أصدروا كتبًا تؤكد سمو الإسلام ورسالته على جميع الأديان.
 
واستنتجت الدراسة بأن أسوأ المجتمعات الأوروبية وأقلها قبولا للإسلام والمسلمين اليوم هي اليونان، تليها سلوفينيا، حيث إنها البلد الأوروبي الوحيد الذي لا توجد فيه مساجد رسمية للمسلمين.
 
ربما لهذا كانت حملة "زر مسجدي" التي نفذت في 17 مسجدا في بريطانيا، قبل سنوات مفيدة للغاية في تعريف الكثير من الغربيين على حقيقة الإسلام، وهو ما دفع بعض من زاروا المساجد من البريطانيين للكتابة علي مواقع التواصل أن "هناك حاجة إلى تعميم هذه الحملة في جميع الدول الأوروبية، وأن تشارك فيها جميع الجمعيات والمراكز والهيئات والتجمعات الإسلامي، بشتى ألوانها وتوجهاتها ومذاهبها وأصول القائمين عليها وجنسياتهم لكي يشاهد الأوربيون المساجد ويتناقشوا مع من فيها حول حقيقة الإسلام مباشرة".