بقلم: د. علي محمد الصلابي
 
علمتني الصحوة الإسلامية ولست من روادها، ولكنني من تلاميذها، معاني وقيما ومبادئ سامية ترسم طريق الإنسان في مسيرة الحياة وتدله على عالم الخلود والآخرة:

علمتني الصحوة الإسلامية بأن الانتماء للإسلام العظيم شرف ونعمة من الله عز وجل تستحق الشكر والحمد والثناء، قال تعالى: "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" (فصلت: الآية 33). 

علمتني الصحوة الإسلامية أن أعيش هذه الحياة بطاعة الله تعالى والعيش مع القرآن الكريم والاقتداء بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وأهمية أن يكون لك رسالة وهدف سامٍ في الوجود.

علمتني الصحوة الإسلامية أن هذه الأمة العظيمة جاهدت وناضلت وكافحت حتى حررت ديارها وبلدانها من الاستعمار البغيض، وقدمت تضحيات كبيرة حتى وصلت إلى مبتغاها.

علمتني الصحوة الإسلامية أن الجهود العظيمة التي قام بها دعاة الإسلام في القرنين الماضيين (الفترة الحديثة) على امتداد بقاع العالم من الهند إلى المغرب الأقصى وإندونيسيا وبلاد الغرب والشرق، بأن وسطية الدعوة الإسلامية التي تبنوها أعلت من قيمة الدين الحنيف وعظمة الرسالة التي هي سبيل سعادة الإنسان المسلم في كل زمان ومكان، وبدت أهمية الجهود والمشاق التي تحملها دعاة الإسلام طوال تلك المرحلة، من خلال فهم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإظهار الحق ومحاربة الأباطيل، وبأن السلسلة الذهبية للدعاة إلى الله تعالى من عهد النبوة إلى الصحابة والتابعين وأتباع التابعين إلى القرنين الماضيين من أمثال محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن علي السنوسي وعبد الكريم الخطابي وخير الدين التونسي ومحمد عبده وجمال الدين الأفعاني ورشيد رضا وعبد الحميد بن باديس إلى محمد بشير الإبراهيمي، بدت حلقات متواصلة وجهود تراكمية في مراحل الصحوة الإسلامية.

علمتني الصحوة الإسلامية أهمية العلم والمعرفة وأن الحضارة الإسلامية أعظم حضارة عرفتها الإنسانية وإشعاعاتها في المعمورة لا تنكسر ومنها الصروح العلمية العالية مثل جامعات القرويين والزيتونة والأزهر الشريف ومدارس الشام والعراق والمدينة المنورة ومكة المكرمة. كما علمتني أن أعظم حضارة إنسانية هي الحضارة الإسلامية والتي ظهرت في كتابات: شكيب أرسلان وسعيد النورسي ومصطفى السباعي وأبو الأعلى المودودي وسيد قطب وعصام العطار وعبد الكريم زيدان ومحفوظ النحناح وراشد الغنوشي والقرضاوي وغيرهم بالعشرات.

علمتني الصحوة الإسلامية أن المدارس الفكرية الإسلامية تتكامل وتتعاون وتتضامن وبأن خلاف التنوع هو نعمة وليس نقمة، ولذلك أحببت في الله تعالى: الشيخ عبد العزيز بن باز وابن عثيمين والشيخ الألباني والشيخ حسن البنا وسيد قطب والقرضاوي وفتحي يكن، وعبد الحميد بن باديس وبشير الإبراهيمي، وعلماء الجزائر الأفذاذ ممن ناضلوا وكافحوا ضد الاستعمار، والشيخ الطاهر بن عاشور والثعالبي والغنوشي، وأحمد الشريف السنوسي وعمر المختار والطاهر الزاوي وسليمان الباروني، وعبد الكريم الخطابي والكتاني وماء العينين، وأبو الحسن الندوي وولي الدين الدلهوي والمباركفوري وأبو الأعلى المودودي رحمة الله على الأحياء والأموات جميعاً.

علمتني الصحوة الإسلامية بأن معاني الحرية والمساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان والأخوة الإنسانية والإسلامية والمشاعر النبيلة نحو بني الإنسان والحرص على إيصال رسالات الله لهم في أي مكان.

علمتني الصحوة الإسلامية بأن قيمة الإنسان هي في مستوى علاقته بالله وتحقيقه العبودية لله وطاعته ومحاربة الظلم والتصدي للجهل وإعانة الملهوف ومساعدة الناس بكل إنسانية ولطف ابتغاء مرضاة الله.

علمتني الصحوة الإسلامية بأن نضال الشعوب وجهادها وكفاحها ضد الاستبداد والدكتاتورية والغزاة وعبادة لله إذا أخلص العبد نيته لله.

علمتني الصحوة الإسلامية أن الحياة تتطور وتتقديم في عالم الأفكار والوسائل والاجتهادات البشرية وتبقى الثوابت في العقيدة والقيم والأخلاق والمبادئ التي جاءت في القرآن الكريم.

علمتني الصحوة الإسلامية أن الشهود الحضاري للإسلام قادم، وبأن تحرير فلسطين حتمي كما حررها صلاح الدين الأيوبي بعد جهود تراكمية شارك فيها الكثير من الأبطال مثل نور الدين زنكي والقاضي الفاضل وغيرهم.

علمتني الصحوة الإسلامية أهمية المصالحة بين الشعوب وحكامها وأن ذلك هو مقصد إسلامي كبير وقيمة إنسانية رفيعة، وأهمية وجود قاعدة دستورية بين الحاكم والمحكوم تعطي للشعب حقه، وكذلك للحاكم وقف بيعة تراضي واختيار شوريّ.

علمتني الصحوة الإسلامية أن التعايش بين الديانات الكبرى هدي نبوي كريم وأن الثقافة الدستورية راسخة في حضارتنا العظيمة ووثيقة المدينة المنورة خير دليل على ذلك.

علمتني الصحوة الإسلامية أن التعاون بين بني الإنسان بالخير مقصد إسلامي وهدي محمدي كريم ومنهج راشدي سار عليه الخلفاء الراشدين في الدولتين الصديقية والعُمرية ومن جاء بعدهم.

علمتني الصحوة الإسلامية أن قيمة الوفاء لأولئك الذين بذلوا الغالي والثمين في تبليغ رسالات الإسلام في أرجاء المعمورة.

علمتني الصحوة الإسلامية فنوف المعارف وفقه الحضارة الإسلامية وأساليب الدعوة من خلال روادها أمثال العلماء المصلحين والدعاة والأستاذة الكبار: جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وحسن البنا ومحمد الغزالي وعبد الكريم زيدان ومحمد أحمد الراشد وحسن الترابي وجمال الدين القاسمي ومصطفى السباعي وعثمان بن فوده ووهبي الزُحيلي ومحمد سعيد رمضان البوطي وعصام البشير وعمر الأشقر ومحمد أحمد جيلي ومحمد بحيري ومبارك رحمة وياسين عبد العزيز وعبد المجيد الزنداني والديلمي والكشك ومحمد متولي الشعراوي وأكرم ضياء العمري وأحمد نوفل ومحمد راتب النابلسي وعبد الرزاق قسوم وعوض القرني وسفر الحوالي وعماد الدين خليل وعلي القرداغي ومحمد الحسن ولد الددو وأحمد الريسوني وعبد المجيد النجار وآخرون.

علمتني الصحوة الإسلامية أن المستقبل للشعوب التي تسعى لنيل حقوقها وكرامتها.

علمتني الصحوة الإسلامية أن إرادة الشعوب تنتصر على إرادة الطغاة والمستبدين.

علمتني الصحوة الإسلامية أن الدنيا دار ابتلاء وامتحان وما بعدها مرهون بالعمل الصالح في الدنيا ابتغاء مرضاة الله "أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ" (ص: 28).

الصحوة الإسلامية شرف يتسامى وغرس رباني يُأتي ثماره في كل حين بإذن ربه.