أما عيدنا الشرعي فهو عيد الفطر غرة شوال، بعد أن تتم فريضة الصوم التي هي ركنٌ من أركان الدين الدين، وحق من حقوق رب العالمين، وصدق الله العظيم: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ (البقرة: من الآية185).
ولهذا العيد شعائر يجب أن نتعرفها ونعلنها ونحافظ عليها ونقوم بها ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ (الحج: 30).. فمن شعائره زكاة الفطر التي شرعها الإسلام برًّا بالفقراء والمساكين، وتدعيمًا لروح التكافل الاجتماعي بين الأمة الواحدة، بمناسبة هذا الموسم المبارك، وأنسب أوقاتها قيبل العيد وليلة العيد، وأفضلها شرعًا بعد صلاة الفجر من يوم العيد إلى الصلاة، ويجوز إخراج قيمتها نقودًا، والكيلة من الحبوب تجزء عن أربعةٍ أو ستة، فمَن كان في يسر فليأخذ بالأول وهو الأحفظ، ومن قُدر عليه رزقه فليأخذ بالثاني ذلك تخفيف من ربكم ورحمة، ويخرجها الإنسان عن نفسه، وعمَّن تلزمه نفقتهم، وتجب على كل قادرٍ عليها مستطيع لها، ومَن تطوع خيرًا فهو خير له.
ومن شعائر العيد إحياء ليلته بذكر الله تبارك وتعالى، وشكره على ما وفق إليه من إتمام شهر الصوم، وتجديد التوبة والاستعداد لما بعد رمضان بالعزم الأكيد على المحافظةِ على طاعةِ الله تبارك وتعالى والبعد عن معصيته، فإنَّ الله تبارك وتعالى باقٍ لا يفنى ولا يزول ولا تغيره الأيام ولا الشهور، وهو المعبود المقصود في كل آن، فعلينا أن نجدَّ في طاعته في غير رمضان كما كنا نجد في رمضان.
ومن شعائره أن تؤدى صلاته في وقتها، وأن يشترك المسلمون في إحيائها وحضورها حتى كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يأمر بإخراج النساء والفتيات وذوات الخدور إليها حتى الحائض منهن يشهدن الخير- وجماعة المسلمين.
ومن شعائره بعد ذلك التزاور والتواد، ونسيان الشحناء والبغضاء والحزازات وصلة الأرحام، وتفقد الأقارب، والإكثار من الصدقة على الضعفاء والأيتام.
ومن شعائره التحرز من معصية الله، فإن شكره تبارك وتعالى، لا يكون بمعصيته، ولكن يكون بطاعته، وما درج عليه الناس وخاصةً الشباب من التحلل من القيود والانطلاق من حدود الفضيلة والخلق، بدعوى أنه يوم عيد وليعوضوا ما فاتهم في رمضان وسوسة شيطانية وإغراء وإفساد، والأولى بهم والأخلق أن ينصرفوا إلى الطاعةِ والشكر، لا إلى العربدة والسكر والقلوب بيد الله، ونسأله تعالى صلاح الحال.
ذلك عيدنا الشرعي نقوم بشعائره؛ امتثالاً لأمر الله، واحتسابًا لما عنده، وإحياءً عنده، وإحياءً لشعائره.. ولكن عيدنا الحقيقي ليس اليوم.
أيها المسلمون: إن دعوتنا فيها حياة أرواحنا وأرضنا، وفيها صلاح أمرنا.. كل ذلك اليوم في الميزان فإذا انتصرت دعوة الإسلام وسادت غيرها من الدعوات الفاسدة الطائشة الضالة المضلة التي لا حقَّ فيها ولا خير تحررت أرضنا من براثن الغاضبين الظالمين المعتدين.