منذ تأسيس جماعة الإخوان المسلمين على يد الإمام الشهيد حسن البنا، سنة 1928م، دخلت كل الأنظمة التي تعاقبت منذ ذلك التاريخ في صدامات مع الجماعة لم تسلم خلالها قياداتها وأعضاؤها والمنتمون إليها من البطش والظلم ومصادرة الأرواح والحريات والأموال. إزاء ذلك، تساءلت دراسة منشورة على موقع "إخوان ويكي" تحت عنوان: «الإخوان المسلمون» وأسباب الصدام مع الأنظمة الحاكمة»: «هل السبب في هذه الصدامات والضربات التي تتعرض لها جماعة الإخوان المسلمين هي بسبب الأهداف والأفكار والمبادئ التي تعيش عليها الجماعة؟ أم أن عدم تحور الجماعة وسيرها في فلك النظام وخدمته هو الذي عرضها للاضطهادات المتتالية؟ أم أن الخطأ متبلور في طبيعة الأنظمة والحكم الفردي الذي عاشت وتعيش فيه مصر، وهو ما يجعله لا يقبل الآخر؟ أم أن ديناميكية الجماعة هي التي لم تتطور وسايرت المتغيرات التي حدثت على الساحة والمستجدات التي أحدثها الزمن؟ ولماذا الإخوان دون غيرهم؟».

تشير الدراسة إلى دور  الإخوان في تغيير مفهوم الوطنية، فبحسب الدراسة فقد عمل المستعمر على تفريغ معاني الوطنية أو تجريدها من المعاني والروح الدينية التي كانت تحميها تعاليم الدين الإسلامي، بل عمل على إبراز نجوم تستطيع أن تسيطر على الروح الوطنية لكنها في الحقيقة روح مزيفة يغلفها العمل من أجل خدمة الاستعمار. حتى نشأت دعوة الإخوان المسلمين عام 1928م، حيث عمل حسن البنا منذ اللحظة الأولى على إيجاد جيل يعرف حق وطنه، وحدد مهمة الإخوان المسلمين في رسالة: "رسالة بين الأمس واليوم" والتي صدرت أوائل الأربعينيات فقال: "شهد الله أننا لا نريد شيئًا من هذا وما لهذا عملنا ولا إليه دعونا، ولكن اذكروا دائمًا أن لكم هدفين أساسيين:

1 - أن يتحرر الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي وذلك حق طبيعي لكل إنسان، لا ينكره إلا ظالم جائر أو مستبد قاهر.

2 - أن تقوم في هذا الوطن الحر دولة إسلامية حرة، تعمل بأحكام الإسلام، وتطبق نظامه الاجتماعي، وتعلن مبادئه القويمة، وتبلغ دعوته الحكيمة الناس، وما لم تقم هذه الدولة فإن المسلمين جميعًا آثمون مسئولون بين يدي الله العلي الكبير عن تقصيرهم في إقامتها وقعودهم عن إيجادها. ومن العقوق للإنسانية في هذه الظروف الحائرة أن تقوم فيها دولة تهتف بالمبادئ الظالمة وتنادي بالدعوات الغاشمة، ولا يكون في الناس من يعمل لتقوم دولة الحق والعدالة والسلام".

وبحسب الدراسة فإن أسباب الصدام في المرحلة الملكية كثيرة ومتعددة، كان مرجعها إلى وجود الاستعمار وفرض سياسته وواقعه على أنظمة وأداة الحكم في مصر آنذاك، كما كان من هذه الأسباب:-

  1. الفكر الذي احتضن به الانجليز بعض المصريين وصنعوا منهم زعمات يخدمون بها سياستهم في مواجهة المصريين.
  2. تقديم بعض من في السلطة المصالح الفردية والحزبية على المصالح العامة للوطن والشعب وخدمة القضايا الوطنية مما جعلهم يصطدمون مع كل من يعمل ضد مصالحهم ورغبات المحتل.
  3. التغييرات التي أحدثتها جماعة الإخوان في صفوف الشعوب والعمل على نشر الوعي الوطني والمطالبة المستمرة باستقلال البلاد والتحرر من قبضة المحتل وأعونه من الحكام.
  4. تكالب الدول الغربية والصهاينة على حركات المقاومة ضدهم وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين والتي برز أفردها في العمليات النوعية ضد أهداف المحتل، والمقاومة العنيفة التي ظهرت منهم في حرب فلسطين عام 1948م وحرب القنال عام 1951م.

 

تأسيس النظام الخاص

وبحسب الدراسة فإن الإمام البنا عندما أدرك مرامي وأهداف الإنجليز ومماطلتهم في الانسحاب من البلاد قام بتكوين جهاز النظام الخاص الذي أنشأه عام 1941م،  وكان يهدف من نشأته إلى:

1- محاربة المحتل الإنجليزي داخل القطر المصري.

2- التصدي للمخطط الصهيوني اليهودي لاحتلال فلسطين.

وتشدد الدراسة على أن النظام الخاص للإخوان لم يكن هو النظام العسكري السري الوحيد في مصر، فقد كان لكل حزب مثل الوفد ومصر الفتاة عناصر عسكرية متمثلة في القمصان الزرقاء والخضراء، كما كانت جماعة اليد السوداء والتي كان يرأسها أحمد ماهر وكان نائبه النقراشي هي الجمعية السرية لحزب الوفد، وقامت بعمليات اغتيال كثيرة مثل السير لى ستاك، وحسن عبد الرازق باشا وإسماعيل زهدي بك عضوي حزب الأحرار، كما اشترك إبراهيم عبد الهادي (رئيس الوزراء فيما بعد)، وعبد الرحمن بك فهمي بجرائم اغتيال سياسية. بل كانت من أهم الأحداث والاغتيالات السياسية حادثة مقتل أمين عثمان، والذي قام بها حسين توفيق ومحمد أنور السادات والذي كان يعتبره السادات عملًا بطولياًّ وكان يفتخر به.

وتستعرض الدراسة بطولات النظام الخاص في جهاد فلسطين، من جمع السلاح والمال وإرساله للمجاهدين في فلسطين أثناء الحرب العالمية الثانية. حتى فتحت قصص المقاومة التي قام بها الإخوان ضد المستعمر الانجليزي والصهاينة النار عليهم، وكان ذلك واضحا وجليا من الأفعال والتحريض التي يقوم بها الانجليز والصهاينة لتشويه الإخوان، فقد كتبت فتاة صهيونية تدعى «روث كاريف» مقالا ونشرته لها جريدة« الصنداى ميرور» في مطلع عام 1948م ونقلته جريدة «المصري» حاولت فيه إقناع حكومات أوروبا بخطورة حركة الإخوان حرضت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ضد الجماعة قائلة «إذا كان المدافعون عن فلسطين –أي: اليهود- يطالبون الآن مجلس الأمن بإرسال قوة دولية لتنفيذ مشروع التقسيم الذي أقرته هيئة الأمم المتحدة، فإنهم لا يطالبون بذلك؛ لأن الدولة اليهودية في حاجة إلى الدفاع عن نفسها، ولكنهم يريدون إرسال هذه القوة الدولية إلى فلسطين لتواجه رجال الإخوان المسلمين وجهًا لوجه، وبذلك يدرك العالم كله الخطر الحقيقي الذي تمثله هذه الحركة، وإذا لم يدرك العالم هذه الحقيقة في وقت قريب فإن أوروبا ستشهد ما شهدته في العقد الماضي من القرن الحالي إذ واجهتها حركة فاشية نازية وقد تواجهها في العقد الحالي إمبراطورية إسلامية فاشية تمتد من شمالي إفريقيا إلى الباكستان، ومن تركيا إلى المحيط الهندي».

 

مراحل الصدام

المحطة الأولى في الصدام بين النظام الملكي والجماعة ، كان في عهد النقراشي باشا، حيث اجتمع سفراء الإنجليز وأمريكا وفرنسا في مدينة فايد في 11نوفمبر 1948م وطلبوا من النقراشي باشا إصدار قرار بحل جماعة الإخوان المسلمين، واستجاب النقراشي باشا لهذا الأمر وقرر حل جماعة الإخوان المسلمين في 8 ديسمبر 1948م ومصادرة أموالها واعتقال أفرادها.

 ووفقا للدراسة فإن أسباب قبول النقراشي هذا القرار رغم رفضه من جانب حسين سري سنة 1940 والنحاس سنة 1942م، إنما يعود إلى أسرار حياة النقراشي، فقد انضم للوفد منذ نشأته، غير أن الإنجليز رفضوا توليه منصب وزير من عام 1924م حتى 1929م بسبب اتهامه في قضايا الاغتيالات، لكنها وافقت أوائل عام 1930م فتولى وزارة المواصلات ثم الداخلية في وزارة محمد محمود باشا.

وكان أول عمل قام به كرئيس للحكومة إعلانه دخول الحرب بجوار إنجلترا في 26/ 2/ 1945م، ونوه في خطاب العرش الذي ألقاه في 12/ 11/ 1945م بالصداقة مع بريطانيا، ولا يخفى على أحد ما قام به في 9/2/1946م من مذبحة كوبري عباس ضد الطلبة، بالإضافة لعرضه القضية المصرية عرضًا هزيلًا ضيع البلاد كما أضاع السودان. وعندما اندلعت حرب فلسطين رفض أمام مؤتمر في أكتوبر 1947م دخول الجيوش النظامية، وإمداد المتطوعين بالمساعدة، غير أنه رضخ لأوامر الملك عندما أمر بدخول الجيش المصري رغم ما فيه من ضعف، والغريب أنه قبل الهدنة في 4 ديسمبر 1948م استجابة لنداء اليهود ومن خلفهم الإنجليز والأمريكان بالرغم من وصول المجاهدين وقوات الجيش لمناطق هامة، حتى إنهم كانوا على مقربة من تل أبيب، ومع ذلك لم يقم أثناء الهدنة بإمداد القوات بالسلاح، بل ومنع السلاح في الوقت التي كانت العصابات اليهودية تحصل على السلاح وتقوم بخرق الهدنة بين الحين والآخر.

وأصدر أمرًا بمنع باقي المجاهدين من السفر، بل وطالب بعودة المجاهدين الموجودين في أرض المعركة، بل أصدر أمرًا للواء فؤاد صادق باعتقال كل المجاهدين الموجودين في فلسطين، غير أن الرجل رفض اعتقالهم حتى يتموا مهمتهم. وعندما وقع الجيش المصري تحت الحصار في الفالوجا لم يمده بالإمدادات ولم تصل له أية إمدادات إلا عن طريق المتطوعين تحت قيادة الضابط معروف الحضري، وظل الجيش تحت الحصار حتى عقدت معاهدة رودس في مارس 1949م، مما زاد من حنق وغضب الجيش على الملك والوزارة. واستكمل مراحل الاضطهاد والصدام خلفه إبراهيم باشا عبدالهادي – الذي سمى عهده بالعسكري الأسود لشدة التعذيب – حتى أقاله الملك وجاءت حكومات أقلية.

 

المحطة الثانية، استمرار الصدام ، بعدما خرج الإخوان من السجون في بداية الخمسينات عملوا على عودة شرعيتهم وهذا ما أقرته المحكمة بعدما ألغت قرار الحل الذي أصدره النقراشي باشا لكونه قرارا غير دستوري، وأمرت بإعادة أملاك الإخوان لهم غير أن حكومة الوفد رفضت ذلك كما رفضت الاعتراف بجماعة الإخوان كهيئة إسلامية جامعة، وحاولت سن قانون لحصرها في كونها جمعية خيرية كغيرها من الجمعيات. حتى أنها أصدرت القرار بقانون رقم (50) لسنة 1950م والذي مدَّ العمل بالأحكام العرفية لمدة عام، أو للمدة التي تنتهي فيها الحكومة من إصدار قانون الجمعيات؛ لأن إلغاء الأحكام العرفية كان يعني سقوط القرار بحلِّ الإخوان، الصادر من الحاكم العسكري مستندًا فيه لتطبيق الأحكام العرفية، كما حاول «فؤاد سراج الدين» بيع المركز العام في المزاد العلني، وحوَّله إلى قسم شرطة الدرب الأحمر، كما أصدرت حكومة الوفد بعد ذلك قانون الجمعيات في 26أبريل من عام 1951م، وهو القانون (66) لعام 1951م بشأن الجمعيات ذات الأغراض الاجتماعية والدينية والأدبية، وكان الغرض من هذا القانون تحويل الإخوان إلى جماعة دينية بعيدة عن السياسة، إلا أن قرار محكمة القضاء الإداري الصادر في 17سبتمبر 1951م لم يمكِّن حكومة الوفد من تنفيذ مخططها؛ إذ قرر أن جمعية الإخوان المسلمين تكوَّنت في ظلِّ الحقِّ الأصيل في تكوين الجمعيات الذي أعلنه دستور 1923م. وجاء الحكم في الموضوع في القضية (190) لسنة 3 قضاء إداري ليؤكِّد الحكم السابق، ويؤكِّد أن الإخوان هيئة إسلامية جامعة، وأن الإخوان وفقوا أوضاعهم وفقًا للقوانين المعمول بها.

 

المحطة الثالثة، عسكرة الوطن،

تعزو الدراسة أسباب الصدام بين الجماعة ونظام 23 يوليو ، إلى روح الانفرادية والسيطرة على السلطة من قبل بعض العسكر الذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها في سدة الحكم. وتعزو الدراسة أسباب الصدام أيضا إلى الخلافات والمشاحنات التي شقت صفوف الضباط، حيث كان نجيب يريد عودة الجيش إلى ثكناته بينما كان عبدالناصر يريد بقاء العسكر في الحكم ولذلك دبر التفجيرات التي حدث في مارس 1954 من جل تخويف الشعب وترجيح بقاء الجيش في الحكم وعدم عودتهم إلى الثكنات.ولذلك راح عبدالناصر يشيع الرهبة والرعب في قلوب الشعب عن طريق المظاهرات التي كان يحركها الضابط أحمد طعيمة وإبراهيم الطحاوي والانفجارات التي أحدثها عبد الناصر حتى يطلب الشعب أن يظل العسكريون في السلطة يحمون البلاد، وما كانت هذه التفجيرات إلا بمعرفة وإدارة عبد الناصر كما ذكر بغدادي صـ(146) عندما قال: «لقد اعترف عبد الناصر لي ولكمال الدين حسين وحسن إبراهيم يوم الأحد 21/ 3/ 1954م بأن التفجيرات التي حدثت في مبنى محطة السكك الحديدية وحرم الجامعة ومحل جروبي هو التي قام بها بهدف إثارة البلبلة في نفوس الناس حتى يجعلها تشعر بعدم الأمن والطمأنينة».

السبب الثالث هو قرارات مجلس قيادة الثورة، حيث قيد الحكم العسكري البلاد منذ سيطرته على مقاليد الحكم، ففي 10/ 12/ 1952م أصدر مجلس قيادة الثورة (على ما به من خلافات) قرارًا بإلغاء دستور عام 1923م وإعلان الدستور المؤقت في 10/ 2/ 1953م.

السبب الرابع أن العسكر  بدأوا في سياسية الاستعمار السابقة [فرق تسد] بين جميع القوى الشعبية والأحزاب حتى أصدر قرارا في عام 1953م بحل جميع الأحزاب السياسية ثم بعدها بفترة وجيزة قرارا أخر بحل جماعة الإخوان المسلمين.

السبب الخامس أن الإخوان اعترضوا على وضع الحريات في ظل الحكم العسكري الانفرادي الذي شكله عبدالناصر حتى أنه عمد إلى إزاحة أقرانه – بل وحبسهم – مثل البغدادي وعامر وكمال الدين حسين وصلاح وجمال سالم، بل إن رفض الإخوان لاتفاقية الجلاء التي وقعها عبدالناصر على هذا النحو المفرط في حق مصر، كانت سببا في زيادة الصدام.

وتشير الدراسة إلى أن هذه الفترة «اتسمت  بالصدام بين كل الأطراف، التي حاول كل منها أن يكون هو الفائز. فوجدنا صراع العسكر بين بعضهم البعض حتى تغلب فريق على الأخر. ورأينا الصراع بين العسكر والأحزاب السياسية، في محاولة لتفريغ الساحة من الأحزاب المؤثرة. بل إن عبدالناصر قام باعتقال الشيوعيين وقادة الأحزاب في سعيه للحكم الفردي السلطوي. ورأينا الصراع بين العسكر ودعاة الديمقراطية وعودة العسكر إلى ثكناتهم مثل السنهوري والذي كان جزاءه الضرب من العسكر. ورأينا الصراع بين الإخوان والعسكر في محاولة لضرب الحركات الإسلامية القوية».

وتستخلص الدراسة من ذلك أن  أزمات الصراع والصدام في اصلها نابعة من السلطة الحاكمة، وليس من الإخوان كما يدعون لأنها لو كانت الجماعة هي سبب الصدام فلماذا اشتبك النظام العسكري مع كل القوى الموجودة – بما فيهم أنفسهم – في محاولة لسيطرة فئة قليلة على الحكم والاستئثار به؟

وتؤكد الدراسة أن حادث المنشية مصطنع (وكل ذلك واضح في تتابع الأحداث والتي ذكرتها صحف الأهرام والجمهورية والأخبار لأيام 27 أكتوبر حتى 4 نوفمبر 1954م والتي يظهر من بين سطورها كذب وافتراء هذا الحادث). وتنقل عن الدكتور هالة مصطفي في كتابها "الدولة والحركات الإسلامية المعارضة بين المهادنة والمواجهة في عهدي السادات ومبارك"ص(111: 119): «انتهت أغلب الدراسات في مجال النظم السياسية المقارنة إلى إدراج النظام المصري في عهد جمال عبد الناصر ضمن النظم السلطوية – Authoitarian Regime- وأنه نظام يتسم بعدد من الخصائص أهمها 1- إنه نظام لا ينهض على وجود أيديولوجية سياسية قوية متماسكة، 2- وجود حزب سياسي واحد يحتكر القوة السياسي، 3- لا يوجد تعبئة سياسية في النظام السياسي السلطوي إلا في بداية قيامه، أما بعد استقراره فإن النظام لا يعتمد إلى الاعتماد على التعبئة الجماهيرية، 4- يهتم النظام بالسيطرة على الجيش ويحتل القادة العسكريون وضعا متميزا في النظام السياسي حيث يتحولون إلى سياسيين.كما تميز هذا النظام بضعف الأيديولوجية الرسمية، والضعف المؤسسي».

وترى الدراسة أن هذه الخصائص قام عليها نظام عبد الناصر والسادات ومبارك ومن بعدهم السيسي حيث الانفراد بالسلطة وعدم إشراك الهيئات أو المؤسسات في إدارة دفة الحكم ومن ثم وجد الصدام مع كل طوائف الشعب غير أنه زاد مع الإخوان بسبب محاولتهم إصلاح هذا النظام وإرساء الحياة النيابية فتؤدي بطبيعة الحال إلى الصدام.

 

السادات ومرحلة جديدة من الصدام

لم تأخذ معارضة الإخوان للسادات الشكل العنيف، غير أنه انقلب عليهم حينما رفضوا ونددوا بمعاهدة السلام وزيارته لإسرائيل، ولم يكن صدام السادات بالإخوان فحسب بكل كان مع كل الطوائف حتى بلغت ذروة الصدام بين النظام والقوي السياسية والدينية في سبتمبر 1981م حينما قام السادات باعتقال رموز وبعض أعضاء هذه الهيئات الدينية السياسية بما فيهم الأستاذ التلمساني والبابا شنودة والشيخ أحمد المحلاوي وفتحي رضوان والكثيرين من القوى السياسية وغيرهم.

ولذا:

  1. فقد اصطدم النظام بالهيئات الإسلامية السلمية كالإخوان لسياستها المعارضة لسياسته.
  2. أصطدم النظام بجماعات العنف لسياستها العنيفة نحو النظام وتعامل النظام معها بنفس الطريقة.
  3. اصطدم النظام مع المؤسسات الرسمية كالأزهر بسبب مواقفه نحو بعض القوانين التي أقرها النظام بالرغم من مخالفتها الدستور والشريعة.

اصطدم النظام مع الأقباط بسبب حركة الاحتجاج المسيحي والتي تزعمتها الكنيسة القبطية بسبب المادة الثانية من الدستور.

 

مبارك وسياسة الاقصاء

وحينما جاء مبارك استمر على نهج الاقصاء تنفيذا لسياسة الغرب وبعض الدول العربية المالكة التي تكره المنهج الاسلامي والذي يدعو لتداول السلطة مثل السعودية والامارات.  ولقد شهد  مبارك ببعد الإخوان عن العنف وأنهم جماعة يعملون من خلال مؤسسات الدولة وذلك في تصريحه الذي نشرته صحيفة الأهرام العدد 39046 السنة 118 ليوم 16 جماد الأولي 1414 هـ الموافق 1/11/1993م صـ(1) حيث قال: «إن هناك حركة إسلامية في مصر تفضل النضال السياسي على العنف وقد دخلت هذه الحركة بعض المؤسسات الاجتماعية واستطاعوا النجاح فيها في انتخابات بعض النقابات المهنية مثل الأطباء والمهندسين المحامين».

الصدام بدأ من جانب النظام، عن طريق الاعتقالات المستمرة بعد القضية الشهيرة بسلسبيل ثم تقديم رموز الجماعة للمحاكمات العسكرية المتتالية بدون تهمة كعسكرية 1995م و2001م وعسكرية 2007م والتي حوكم فيها 40 من قيادات الجماعة، أضف لذلك التضييق الذي مارسه النظم ضدهم داخل النقابات والانتخابات التشريعية وتزويرها المستمر وشطب الطلبة من انتخابات الاتحادات، وضرب شركاتهم الاقتصادية، وزاد من الصدام وقوف الجماعة ضد توريث الحكم وهو ما جعل نظام مبارك أكثر شراسة معهم. فحدث ما حدث من انتهاكات في انتخابات 1995م ثم انتخابات 2000م ثم انتخابات 2005م والتي شهدت نزاهة نسبية في المرحلة الأولى فقط، كما تم تزوير انتخابات مجلس الشورى وما حدث في المحليات لا يدل على أن الإخوان سببا في الصدام يوما ما فهم يعملون من خلال الأدوات القانونية والدستورية ويحوزون على ثقة الشعب.

واستمر الصدام حتى اندلعت ثورة 25 يناير والتي لم تدم كثيرة حتى عاد النظام القديم تكوينه وأجهض على الثورة ورجالها، ولم تقتصر مصادماته مع الاخوان فحسب بل بلغت ذروتها مع جموع الشعب كله.