طرح الحقوقي علاء عبد المنصف، مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، ما وصفها بخطة تنفيذية مُقترحة، لإجراءات قانونية وقضائية، تُمكن من مقاضاة المسؤولين عن وفاة الرئيس الشهيد محمد مرسي أمام الجهات القضائية الدولية.

وأكد - في دراسة له، نشرها المعهد المصري للدراسات - أنه يمكن بالفعل مقاضاة رموز سياسية رسمية بحكومة العسكر، أمام القضاء الأوروبي، وفقا لمبدأ الولاية القضائية العالمية، أو المحكمة الجنائية الدولية، أو وفقا لطلبات فتح تحقيق دولي، على جريمة التعذيب بالإهمال الطبي المُتعمّد التي أفضت لمقتل الرئيس مرسي.

وأشارت الدراسة إلى بعض "الإجراءات القضائية المُتوفرة، والتي -بعد عمل دؤوب وهادئ- تُمكننا من مُقاضاة بعض الأسماء الرسمية في دولة السيسي، أمام القضاء الدولي، وفق عدة أدوات وآليات دولية، تُتيح النظر في تلك القضية بشكل مُباشر، في حال تصنيفها كنوع من أنواع الجرائم العالمية".

وأوضحت الدراسة، التي حملت عنوان: "نحو تعامل قانوني دولي مع قضية الدكتور محمد مرسي" أن "الإهمال الطبي الذي أفضى إلى موت كفرع من فروع التعذيب يُعد نوعا من أنواع الجرائم العالمية المنصوص عليها في العديد من المواثيق الدولية، ومنها مواثيق صدقت عليها مصر".

محاصرة رموز النظام

وقالت: "في ظل الهيمنة الدولية لدول وأنظمة المصالح، وقدرتها على تغيير سياسات القضاء العالمي، أو على الأقل إمكانية الضغط عليه والحيلولة دون إتمام الإجراءات القانونية/ القضائية إلى نهايتها؛ وجب علينا أن نضع أهدافا واقعية لكافة الإجراءات المُتبعة في هذه القضية. حتى لو كانت تلك الخطوات بطيئة وطويلة".

وشدّدت الدراسة على "ضرورة وضع مُقترح يعمل على محاصرة رموز النظام في مجموعة قضايا وإجراءات تمنع إفلاتهم من العقاب، وهو الهدف العام، الذي يجب أن نسعى إليه".

وتابعت: "يعمل الهدف العام على شل/ تقليل/ تحجيم حركتهم في الانتهاكات والجرائم من ناحية، مع توفير وعي حقيقي لدى المجتمع المصري، بخطورة النظام وإجراءاته، والطريقة القمعية التي يتعامل بها، والتي من السهل أن تصل إلى كافة الشرائح، حتى مؤيدي النظام الحالي أنفسهم".

ووفق الدراسة تنحصر الطرق المُتاحة لمقاضاة مسؤولي العسكر دوليا في ثلاثة اتجاهات، وهي: تفعيل مبدأ الولاية القضائية العالمية، والتوجه للمحكمة الجنائية الدولية، وتبني تحقيق دولي شامل في جريمة قتل الرئيس مرسي.

وأوضحت أن هناك قائمة أولية للمُدانين بقتل الرئيس مرسي، تضم: قائد الانقلاب الدموي عبد الفتاح السيسي، ووزير الداخلية الانقلابي الأسبق محمد إبراهيم، ووزير الداخلية الانقلابي السابق مجدي عبد الغفار، ووزير الداخلية الحالي محمود توفيق قنديل، ومساعد وزير الداخلية لقطاع السجون زكريا الغمري، وقاضي محاكمة مرسي، المستشار محمد شرين فهمي.

وأردفت: "نستطيع تجهيز ملف قانوني مُحكم بكافة الانتهاكات والجرائم التي حدثت مع الدكتور مرسي، مُنذ لحظة القبض عليه وإخفائه قسرا، مرورا بالمحاكمات السياسية التي افتقرت لأبسط معايير المحاكمات العادلة".

وطالبت الدراسة بتوثيق كافة إجراءات الإهمال والرعاية الطبية اللازمة، التي حدثت بحق الرئيس مرسي، والتي أدت كنتيجة طبيعية في نهاية المطاف لحالة الوفاة التي كانت على مرأى ومسمع من الجميع".

الجنائية الدولية

ولفتت إلى أن الجنائية الدولية في مايو 2015 رفضت قبول النظر في الشكوى التي تقدم بها حزب الحرية والعدالة بغرض فتح تحقيق في جرائم ضد الإنسانية، كون مصر لم تصادق على معاهدة روما، التي نصت على إنشاء الجنائية الدولية.

إلا أن الدراسة نوهت إلى إمكانية طرح قضية وفاة مرسي أمام المحكمة الجنائية الدولية عبر "مجلس الأمن الدولي"، ودون تقديم طلب من جهة رسمية مصرية، على غرار قبول الجنائية الدولية التدخل في دولتي ليبيا والسودان رغم أنهما غير عضوتين في المحكمة.

وطبقا للدراسة؛ هناك مساران لطرح قضية مرسي أمام مجلس الأمن الدولي عبر "الوصول بطلب تحقيق من مجلس الأمن، وهو يأتي عبر تواصل مستمر مع الدول الأعضاء والسعي لتبني دولة لهذا الطلب داخل المجلس، وإمّا السعي لتفعيل المادة 15 من اتفاقية روما، وذلك عبر العمل على تشكيل قناعة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، حتى يُباشر التحقيق في هذه الجريمة باستشعاره أن الجرائم التي تمت تدخل في اختصاصه".

واستشهدت الدراسة بتصريحات سابقة للمدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية التي أكدت أن قانون المحكمة يتيح التدخل إذا طلب مجلس الأمن ذلك.

ورأت أن فكرة إجراء تحقيق شامل ومستقل في ظروف وفاة الرئيس مرسي، بما في ذلك ظروف احتجازه، باتت مُتاحة رغم الصعوبات التي تواجه الأمر، مؤكدة أن "التحقيق يجب أن يتم من قبل محكمة مختصة ومستقلة عن السلطة التي احتجزته، على أن تُفوض بإجراء تحقيقات فورية ونزيهة وفعّالة في ظروف الوفاة".

حملات دعائية

وذكرت أن "التحقيق الدولي يأتي بإجراءات مُتتابعة وتواصل مستمر ودؤوب مع بعثات دولية ومجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان عن طريق العديد من الشكاوى الدولية الفردية بتفويض من أسرة مرسي، وعبر منظمات حقوقية متعددة، للوصول بالقناعة لدى إحدى تلك الآليات بضرورة فتح تحقيق مستقبل من قبل الجهات المعنية".

وطالبت الدراسة بتوفر عدة آليات وتكتيكات تُساعد الفريق العامل على تلك القضية من الاستمرار فيها. ومن تلك الآليات: العمل السياسي الدؤوب والمتواصل من قبل المعارضين للسعي إلى تبني دولة ما لطلب الملاحقة القضائية.

وأكدت على أهمية "الترويج والضغط الإعلامي الدولي، الذي يُشجع هذه الإجراءات القضائية والآليات الدولية، ومدى أهميتها في عدم الإفلات من العقاب، وترويج وتسويق نزاهة واستقلالية القضاء الجنائي الدولي وآلياته المُتعددة".

كما دعت الدراسة إلى ما وصفته بالمُشاركة الجماهيرية لهذه الإجراءات القانونية الدولية، مثل عمل الحملات الدعائية لتأييد هذه الإجراءات، والتعاون مع شركة علاقات عامة، لبلّورة رؤية تعامل تسويقي لتلك الإجراءات، وإشراك المجتمع المدني الدولي في أهمية ودعم هذه الإجراءات.

وشددت على أهمية مخاطبة الجهات الرسمية التي أصدرت تقارير بشأن وضع "الرئيس مرسي" قبل الوفاة، لدعم التحرك، مثل لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان البريطاني، والأمم المتحدة، والمقررين الخواص، ومنظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، والكتّاب بالصحف العالمية.