فضحت فرنسا قائد الانقلاب الدموي عبد الفتاح السيسي، وكشفت عن تفاصيل الدور القذر الذي يمارسه مع ميليشيات الإرهابي خليفة حفتر ضد الشعب الليبي.

واتهم الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون كلاًّ من السيسي وحفتر بارتكاب جرائم حرب تستوجب محاكمتهما دوليًّا.

وانتقد ماكرون مواصلة ميليشيات حفتر - المدعومة من السيسي والإمارات - قصف المنشآت والمرافق المدنية، كالطائرات ومحطات المياه والوقود، بزعم استخدامها في إخفاء عناصر أو معدات عسكرية استوردتها حكومة الوفاق المعترف بها دوليًّا من تركيا ودول أخرى.

من جانبها كشفت مصادر دبلوماسية مصرية وأوروبية في القاهرة عن وقوع "خلافات في وجهات النظر بين فرنسا ومصر بشأن الوضع الميداني والسياسي في ليبيا"؛ نتيجة رفض باريس العديد من الممارسات التي ترتكبها ميليشيات شرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر، والتي تحظى بدعم من قائد الانقلاب الدموي عبدالفتاح السيسي والإمارات.

ويتركز الخلاف على استمرار قصف ميليشيات حفتر المنشآت والمرافق المدنية، كالطائرات ومحطات المياه والوقود؛ بدعوى استخدامها في إخفاء عناصر أو معدات عسكرية استوردتها حكومة الوفاق المعترف بها دوليًّا من تركيا ودول أخرى.

ويحاول السيسي تجاوز هذه الخلافات قبل قمة السبع الكبرى، المقرر عقدها في فرنسا نهاية شهر أغسطس الحالي، والتي كان يأمل أن ينجح قبلها في تغيير توازن القوى الميداني لصالح حفتر؛ بهدف انتزاع مباركة أمريكية وأوروبية لدعم عسكر مصر له.

جرائم حرب

وقالت المصادر: إنّ باريس تلقي اللوم على القاهرة في استمرار قصف حفتر لهذه المنشآت لأسباب مختلفة، مؤكدة أنّ اللواء المتقاعد يحصل على المعلومات والبيانات اللازمة لهذه العمليات من استخبارات السيسي الحربية يضاف إلى ذلك أن دولة الانقلاب تؤمن لحفتر إمداده بالمعدات والذخائر اللازمة لذلك

وأشارت إلى أن فرنسا كانت تحاول الوصول إلى اتفاق مع إيطاليا ودول أخرى "للعمل معًا على تقليص إمدادات الذخيرة والسلاح للطرفين المتناحرين في ليبيا، سعيًا للوصول إلى نقطة يمكن البناء عليها لإرغامهما على العودة لمسار المفاوضات السلمية".

وأضافت أنّ الحكومة الفرنسية التي كانت تدعم حفتر بصور شتى غير معلنة، فقدت حماستها له حاليًّا أكثر من أي وقت مضى، بسبب توالي الوقائع التي يُحرج فيها الدول الداعمة له، بارتكاب مخالفات ممنهجة وجرائم حرب أو خرق للهدنات، ولعجزه عن حسم المعارك المتتالية، وفشله في إثبات أنه الرجل الأقوى في ليبيا كما كان يصوّر سلفًا.

وبحسب المصادر، فإن المعركة في طرابلس على وشك دخول شهرها السادس ولم يحقق حفتر التقدم الذي كانت الدول الداعمة له أو الراضية به أو المعارضة للوجود الإسلامي في حكومة الوفاق تتوقعه عند اندلاع المعركة الحالية في أبريل الماضي.

ضغط أوروبي

وذكرت أنّ فرنسا ما زالت عند موقفها الرافض لانخراط التيار الإسلامي في جيش حكومة الوفاق أو أن يكون له دور في خارطة المستقبل الليبية، وترى أنّ دولة العسكر - وعلى رأسها السيسي الدموي - لا تحقق أيضًا أي نجاح عملي في ملف تطويق الإسلاميين الذي كانت قد بدأت به منذ أعوام، وتسعى لبثّ الروح فيه من جديد حاليًّا من خلال استضافة قوى سياسية وقبلية مختلفة مؤيدة لحفتر أو معارضة للإسلاميين، ودعمها لمحاربتهم جهويًّا، وتجفيف منابع إمدادهم بالأفراد والعتاد من داخل ليبيا.

وأشارت المصادر إلى استمرار التنسيق الفرنسي مع دولة الانقلاب في ملفات عديدة، على رأسها صفقات التسليح والمناورات العسكرية والتصدي للهجرة غير النظامية، إلا أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يمتنع حاليًّا تحت ضغط أوروبي وداخلي عن منح مزيد من المساعدات لحفتر.

وهو ما دعا السيسي وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد منذ أشهر عدة إلى تكثيف اتصالاتهما بموسكو وواشنطن؛ لتعويض ما قد ينتج عن خفوت الدعم الفرنسي، مع استمرار معارضة ماكرون لسياسة حكومة الوفاق في مهادنة ميليشيات تعتبرها باريس "إرهابية"، وهي النقطة التي باتت المحور الأهم الذي تلتقي عنده مصالح السيسي وفرنسا في ليبيا.

زيارة حفتر

كان السيسي قد استقبل حفتر في زيارة لم يعلن عن تفاصيلها مطلع شهر أغسطس الحالي، وتلقى في الوقت نفسه اتصالاً من ماكرون استعرض بشكل أساسي تطورات الملف الليبي، وأكد خلاله السيسي مساندة دولة الانقلاب لميليشيات حفتر لمواجهة ما يسميه مكافحة الإرهاب والقضاء على التنظيمات الإرهابية".

وبحسب مصادر مطلعة، سيكثّف السيسي في الفترة المقبلة من إرسال المواد الغذائية والمساعدات الطبية ومعدات عسكرية من مصر ودول أخرى تجمعها علاقات جيدة مع نظام العسكر، فضلاً عن تكثيف اتصالاته مع الدول الغربية، وأحدثها بريطانيا، لرفع الحظر المفروض رسميًّا - وليس واقعيًّا - على تصدير السلاح إلى ليبيا، وتحسين ظروف التواصل بين حفتر والدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة. وهو الملف الذي تنشط فيه دولة العسكر عمليًّا أكثر من أي دولة أخرى داعمة لحفتر.

وكانت الدول الداعمة للواء المتقاعد قد خاضت معركة دبلوماسية مع الدول الأوروبية المعترفة بحكومة الوفاق الوطني بطرابلس، لمنع اتخاذ أي تدابير من شأنها توقيع عقوبات على حفتر أو تعطيل الدعم العسكري واللوجيستي المقدم له من حكومات دولة السيسي والإمارات والسعودية وبدرجة أقلّ روسيا، بما في ذلك تحريك تحقيقات دولية بشأن تدخل الإمارات حربيًّا في الميدان الليبي، واستخدام أسلحة صينية الصنع لا تمتلكها إلا دول معدودة، منها أبوظبي لتحقيق أفضلية لمصلحة حفتر، بحسب مصادر دبلوماسية من مصر ودولتين أوروبيتين.

وخلال شهر يوليو الماضي، استضاف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج، الذي بات خصمًا لمصالح دولة السيسي بعد حوالي أسبوع من إصدار حفتر بيانًا أعلن فيه الحرب على تركيا واستهدافه السفن التابعة لها، والحديث عن تدخل أنقرة بشكل مباشر لدعم العناصر التي يصفها هو والسيسي بـ"الإرهابية".