طالب مقاولون ورجال أعمال بتطهير الجيش من جنرالات الفساد وإنقاذ سمعته، وقالوا إن الجيش يجب أن يقتصر دوره على مهمته الأساسية، وهي الدفاع عن البلاد في وقت الخطر وحماية الحدود وحفظ الأمن.
كانت الفيديوهات التي نشرها رجل الأعمال محمد علي بشأن إشراف القوات المسلحة على غالبية المشروعات، وإسنادها إلى مئات المقاولين من الباطن بالإسناد المباشر، قد كشفت عن معاناة الكثير من المقاولين ورجال الأعمال قبل وأثناء وبعد التنفيذ، فيما يتعلق بالشق المادي واستحقاقاتهم لدى الجيش.
وأكد رجال الأعمال أن قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي تلاعب بسمعة جيش بلاده، وجعله مادة للتشكيك في نزاهته وشفافيته من قبل المقاولين والمواطنين العاديين، والمؤسسات غير الرسمية، ووسائل إعلام عربية ودولية، محذرين من استمرار تدخل الجيش في المشاريع الاقتصادية، وابتزاز الشركات الخاصة من كبار الضباط، والحصول على عمولات مالية، إلى جانب رواتبهم من وراء هذه المشروعات.
من جانبه قال المهندس المعماري "ع. م" - بإحدى شركات المقاولات: "إن شركتنا والتي أعمل فيها مهندسًا مدنيًا لم تتقدم للحصول على إنشاء عمارات سكنية بمشروع دار مصر، بل تم استدعاء رئيس الشركة وتكليفه ببناء 5 عمارات بعد أن كانت 10، متعللاً بعدم وجود سيولة لديه".
وعن السبب في عدم قبول الشركة بناء 10 عمارات، أوضح - في تصريحات صحفية - أن "رئيس الشركة حاول رفض الموضوع بسبب هامش الربح البسيط 5% - 10%؛ الذي حدّده له مسئولون في الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ودفع التكاليف من خزانة الشركة".
وقدَّر أرباح الهيئة الهندسية للقوات المسلحة من المشروع "بنحو 15 و20 بالمئة من قيمة الوحدات البالغ عددها نحو مائة ألف وحدة بمتوسط سعر 600 ألف جنيه"، مؤكدًا أن "الهيئة لم تتكلف جنيهًا واحدًا ثمن الأرض التي هي ملك للدولة".
خسائر كبيرة
وكشف المقاول محمود عطية، صاحب إحدى شركات البناء، عن أن "شركته تكبّدت خسائر كبيرة، وتعطل العمل لديها في عدد من المشروعات الأخرى؛ بسبب عدم صرف مستحقاتنا، وعدم استطاعتنا المطالبة بها".
وقال - في تصريحات صحفية - إن "ما زاد الطين بلة هو استلام مشروع دار مصر قبل تعويم الجنيه في عام 2015، بنسبة أرباح قليلة، ثم حدثت أزمة التعويم أثناء عملنا، وارتفعت تكاليف البناء شيئًا فشيئًا حتى وصلت 50 بالمئة ثم 100 بالمئة، فمثلاً ارتفع سعر طن الحديد من نحو خمسة آلاف جنيه إلى 10 آلاف، وتحملنا جزءًا كبيرًا من الخسائر بسبب مماطلة المسئولين في تعويضنا عن فرق الأسعار".
وأكد أن "الجيش كان يقوم بدور الإشراف فقط، في هذا المشروع الضخم، ولم يستخدم آلة أو ماكينة واحدة، وكانت جميع الأموال باسم الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، ونتيجة تأخر المستحقات توقف مئات المقاولين عن العمل، وتأخر تسليم المشروع حتى الآن، رغم أن كراسة الشروط تنص على تسليمه بعد عام ونصف من التعاقد في مارس 2015".
أوامر عسكرية
وحول الموقف داخل القوات المسلحة من فساد الخائن عبدالفتاح السيسي وزبانيته من الجترالات، يرى الكاتب السياسي أحمد الشناف أن إمكانية تحرك ضباط من الجيش وفرصه لوقف حالة الفساد القائمة وإهدار المال، قائمة وحاضرة.
وقال الشناف - في تصريحات صحفية -: "الجيش المصري تحكمه الأوامر العسكرية والهيكل الهرمي، ومن يخالف تلك الإجراءات المتبعة يتعرض للحبس والتنكيل والتعذيب على يد المخابرات الحربية، ورغم ذلك يمكن التحرك من داخله".
وأضاف: "كل قيادات الجيش تخضع للرقابة الشديدة من قبل أجهزة نظام السيسي، سواء على مستوى الهاتف، وما يتعلق بالحياة الشخصية، وهو ما يجعل أي تحرك من داخل الجيش أمرًا صعبًا لكنه ليس بمستحيل".
وحول إمكانية وجود تحرك من داخل الجيش لمحاسبة الفساد، وحماية سمعة القوات المسلحة، توقع أن يكون التحرك من خلال قيادات حالية وسابقة في المخابرات الحربية، أو قيادات أخرى بالجيش، وكشف عن أن السيسي عمل على فصل جميع القيادات العسكرية التي لم تؤيده وتعلن ولاءها له، ووضع آخرين بالسجن.
ولفت إلى أنه عندما حاول المستشار هشام جنينة الكشف عن فساد الجيش تعرض للضرب المبرح من قبل بلطجية، ثم اعتقِل بعد ذلك وحبس 5 سنوات، رغم أنه كان رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، ووجهت تهم له بترويج معلومات خاطئة عن القوات المسلحة عبر وسائل الإعلام.
تسريبات الفساد
وكشف الكاتب الصحفي نزار قنديل عن أن السيسي عمد من خلال عقده لمؤتمر الشباب الثامن إلى محاولة أخيرة منه للتغطية على تسريبات الفساد.
واوضح قنديل أن إدارة الخائن السيسي تواصلت مع 6 ممن يصفونهم بكبار الصحفيين في مصر ليديروا نقاشًا في مؤتمر الشباب يتحدثون خلاله عن قضايا سياسية مهمة، على رأسها الإصلاح السياسي.
وقال - في تصريحات صحفية - إنه تم الترويج لمؤتمر الشباب قبل يومين من خلال مقال للصحفي المقرب من المجرم عبدالفتاح السيسي، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأخبار، ياسر رزق.
ووصف قنديل قضايا الفساد التي كشفت عن السيسي والجيش بأنها "زلزال سياسي هز أركان النظام"، خاصة أن شريكهم المقاول تحدث بجرأة كبيرة إلى المصريين، وهو ما أقلق سلطات الانقلاب من أي تحرك أو رد فعل يعيد للأذهان ما حدث مع المخلوع حسني مبارك في نهاية 2010.
وانتقد القائمون على مؤتمر الشباب الذين تعمدوا إشراك عدد غير مسبوق من الصحفيين والإعلاميين المرقعين والمطبلين للمنقلب السيسي، لخلق حالة نقاشية حول قضايا سياسية، كنوع من الموسيقى التصويرية تضفي على السيسي حالة من المصداقية في ردوده، والتشويش على فيديوهات محمد علي، والرد على فيديوهاته بشكل غير مباشر.