لأنهم أحد ثلاثة أضلاع (مع أمريكا والخليج) أسهموا في انقلاب 2013 وتصعيد السيسي لاغتصاب الحجم، فقد أبدى الصهاينة رعبهم من المظاهرات الشعبية العفوية التي اندلعت ضد السيسي ونظامه القمعي وكسر المتظاهرين حاجز الخوف، محذرين من خسارتهم مكاسب كبيرة أعطاها إياهم السيسي الخائن.

إذاعة الجيش الصهيوني قالت فور اندلاع المظاهرات إن "المشاهد التي تنقل من ميادين مصر حاليا تطور بالغ الخطورة وفي حال تطورت وانتهت بسقوط السيسي فإن هذا سيفضي إلى تدهور البيئة الاستراتيجية لإسرائيل بشكل كارثي".

ودعت الإذاعة الصهيونية نتنياهو إلى التواصل فورا مع ترامب؛ للتباحث حول التطورات في مصر وحذرت من أن "المساس بنظام السيسي سيمثل كارثة استراتيجية لإسرائيل".

ويفتقد السيسي حاليا لمساعدة نتنياهو الذي يوشك على مغادرة الحلبة السياسية، بعد فشله في الانتخابات البرلمانية، بعدما وصفه نتنياهو بانه "صديقي السيسي"، واعتبره الصهاينة "صديق إسرائيل"، بعدما لعب نتنياهو دورا حاسما في تأمين شرعية دولية للانقلاب، ووظف تأثيره في اقناع واشنطن بدعم السيسي.

عميلنا في القاهرة!

تعد دولة الاحتلال الصهيوني بقاء سلطة الانقلاب الخائن عبدالفتاح السيسي أهم مركب في بيئة الكيان الصهيوني الإقليمية، وبسبب الخدمات التي قدمها لهم السيسي وتتعارض مع الأمن القومي المصري، أصبح السياسيون الصهاينة يحذرون صحفهم من إظهار خدمات المجرم الخائن السيسي وإبرازها كي لا يقول عليهم المصريون انه عميل للكيان الصهيوني.

فتسفي مزال، السفير الصهيوني الأسبق في القاهرة، كتب في صحيفة "معاريف" يقول إنه "يتوجب إعادة النظر في التغطية الإعلامية لمظاهر العلاقة الشخصية بين نتنياهو والسيسي؛ لأنها تظهر السيسي كعميل في نظر شعبه، وهذا لا يخدم المصالح الإسرائيلية"!!

ويقول الباحث الصهيوني عوفر فنتور أن "إسرائيل استفادت من أزمة الشرعية التي يعاني منها نظام السيسي وصممت العلاقة معه وفق معادلة تقوم على تقديم الدعم السياسي والدبلوماسي له، مقابل تجند مصر تحت حكمه لخدمة المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية"!!

أيضا اعتبر الناطق السابق بلسان الجيش الى "آفي ينيهو" السيسي "ذخر استراتيجي لنا وهو هدية شعب مصر لإسرائيل".

كما كتب الباحث الصهيوني إهود عيلام يقول: "إسرائيل ترى في السيسي فرعون صديق لأنه يتعامل مع معارضيه بدون رحمة، واستقرار حكمه متطلبا مهما من متطلبات أمننا القومي، فصعود السيسي جنبنا التداعيات الكارثية لثورة 25 يناير".

أيضا كتب الكاتب الصهيوني دان مرغليت في صحيفة "اسرائيل هيوم" يقول: "أمعن السيسي في القتل لأنه يدرك مغزى فشله، وعلينا التجند لإنجاح حكمه، فهذه قصة حياة أو موت ليست بالنسبة له، بل لنا ايضا".

وقالت صحيفة ميكور ريشون الصهيونية: إن "صعود السيسي للحكم حسن البيئة الأمنية والاقتصادية لإسرائيل؛ حيث تراجعت إسرائيل عن مخطط لإضافة 10 مليارات دولار لموازنة الأمن تم إقرارها لمواجهة مصر بعد ثورة 25 يناير".

وقال الصحفي الصهيوني أرييه شافيت: إن "السيسي وظف إمكانيات مصر في مساعدة إسرائيل على تجاوز التحولات التي تشهدها المنطقة، ومنحها القدرة على الحفاظ على أمنها، دون الاضطرار إلى خوض مواجهات لا طائل منها".

ومنذ 2014 قدر "لواء الأبحاث" التابع للاستخبارات الإسرائيلية أن فرص السيسي في البقاء تؤول إلى الصفر ودعا في حينه صناع القرار في تل أبيب إلى أخذ الاحتياطات اللازمة، على اعتبار أن سقوط النظام سيؤثر "بشكل كارثي" على قدرة إسرائيل على مواجهة التحديات على الساحات الأخرى.

السيسي الديكتاتور المفضل

ويقول الباحث الصهيوني ابراهام بن تسفي أن "السيسي هو الديكتاتور المفضل لإسرائيل ايضا وليس لترامب فقط"، مؤكدا أنه "إذا ساعدنا على ضمان استقرار نظام السيسي فأن هذا يؤذن بشرق اوسط جديد، أقل تطرف وأكثر خضوعا للغرب".

في مقاله المعنون بـ"يا له من انقلاب رائع"، كتب المعلق الصهيوني جون لينستر أن أحد أسباب حماس إسرائيل لدعم انقلاب السيسي حقيقة أنها ترى أن أي نظام حكم ديمقراطي سيرى النور في مصر سيكون متعاونا مع المقاومة الفلسطينية بالضرورة.

وكان الجنرال عموس جلعاد، المسئول الصهيوني السابق عن العلاقات مع مصر قد وصف صعود السيسي للحكم بأنه "مثل معجزة لإسرائيل، فالسيسي أوقف تداعيات الربيع العربي الكارثية، كما أنه حارب التيار الإسلامي".
 
ويقول وزير القضاء الصهيوني الأسبق يوسي بيلين أن دولة الاحتلال "فضلت التعامل مع الطغاة العرب لأنهم برجماتيون تعنيهم مصالحهم، لذا فإن دمقرطة العالم العربي خطرا علينا لأنها تعلي من شأن الرأي العام المعادي لنا"!!

واهتمت الصحافة الصهيونية في تغطيتها الإخبارية بالمظاهرات التي خرجت مساء الجمعة في مدن مصرية عدة، واصفة إياها بأنها "نادرة"، منذ انقلاب عبدالفتاح السيسي للسلطة بعد الانقلاب العسكري في مصر عام 2013.

ورأى الكاتب الصهيوني اليميني أرئيل سيغل أنه "في حال عادت الحياة إلى ميدان التحرير، فإن هذا يمثل أخبارا سيئة جدا لإسرائيل"، مؤكدا أن "مؤشرات عدم استقرار نظام السيسي، قد يجعل إسرائيل تواجه مجددا سيناريو الرعب الذي خشيته بعد ثورة 25 يناير".

وقالت صحيفة "إسرائيل اليوم": إن "المتظاهرين عادوا إلى ميدان التحرير بالعاصمة المصرية القاهرة، للاحتجاج على الحكم العسكري"، والدعوة لاستقالة عبد الفتاح السيسي.

وابدت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية خوفها من أن تصل الاحتجاجات لنفس حجم احتجاجات 2011، والتي أدت إلى تغيير السلطة بمصر.

الصهاينة يحذرون صديقهم السيسي

وقبل المظاهرات الأخيرة لم يتأخر الصهاينة عن تقديم الدعم والنصائح لصديقهم السيسي قائد الانقلاب منذ اغتصابه للسلطة لخدمة مصالحهم، وبجانب الخدمات الامنية والاستخبارية ودعمه في سيناء بقصف مسلحي داعش، شاركوا في تقديم النصح له للتعامل مع ازمات مصر الحالية وصراعه مع جماعة الاخوان المسلمين.

وظهرت نصائح الصهاينة الأخيرة في اغسطس الماضي 2019 التي ظهر جزء منها في تقريرين نشرتهما صحيفة "هأرتس" لمحرر سياسي شهير على صلة بدوائر الاستخبارات الصهيونية، وتقرير لصحيفة ذي ماركر الصهيونية الاقتصادية المتخصصة، تركزت على تحذير السيسي من أنه يجب أن "يخف" أو ينسى صراعه الحالي وقمع المستمر للإسلاميين، وخاصة الإخوان المسلمين، وأن يركز على تصاعد الغضب الشعبي الذي كان أيضا في خلع مبارك من الحكم بثورة شعبية.
 
ففي تحليل نشره المحلل الصهيوني "ديفيد روزنبرغ" بصحيفة "هآرتس" كتب يقول: إن "عبدالفتاح السيسي" غافل عن أكبر خطر حقيقي يهدد نظام حكمه رغم مطاردته الإسلاميين وحظره لجماعة الإخوان المسلمين، وقمع أجهزته الأمنية وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية.

وأوضح أن "هذا الخطر لا يبدي رغبة في إسقاط حكم السيسي، على عكس الإسلاميين، ولا ينتقده علنا، على عكس المدونين والمنظمات غير الحكومية، اللهم إلا بعبارات رقيقة، تحتاج إلى خبير للتعرف على فحواها"، وهو صندوق النقد الذي حول حياة المصريين إلى جحيم وسينقلبون عليه بسببه.

"روزنبرغ" قال للسيسي: "صندوق النقد الدولي، الذي تقود وصفته لإصلاح الاقتصاد يقود إلى مزيد من فقر المصريين، خاصة من أبناء الطبقة الوسطى، التي تمثل الخطر الأكبر على نظام الحكم، باعتبار أن جيل الألفية من أبنائها هم من أشعلوا ثورة 25 يناير 2011.

التقرير الصهيوني قال للسيسي: "انس الإسلاميين وقمعك لهم.. ركز على مخاطر وصفة صندوق النقد في اغضاب الشعب كله".

وأكد المحلل الصهيوني أن الطبقة المصرية الوسطى تعاني جراء سياسات الصندوق الدولي أيضًا، خاصة الشباب من أبنائها، إذ ارتفع معدل البطالة فيما بينهم العام الماضي إلى ما يقترب من الثلث، وهي نسبة أكبر مما كان عليه الحال عشية الربيع العربي.

وأشار "روزنبرغ" إلى أن هذا السيناريو يبدو مشابها لذلك الذي تم تنفيذه في السنوات السابقة لعام 2011 (في عهد حسني مبارك)، عندما تحسنت أرقام الاقتصاد بأقوى مما هي عليه الآن بفضل مجموعة من إصلاحات السوق الحرة، لكن فوائدها لم تصل إلى معظم المصريين.

وعلق المحلل الصهيوني بقوله: "يبدو أن المشكلات الاقتصادية في مصر أكثر جوهرية من تنظيم بيتها المالي"، مشيرا، في هذا الصدد، إلى انتشار الفساد نتيجة بقاء الاقتصاد المصري خاضعا للتوجيه من قبل ما سماها بـ"إمبراطورية الأعمال التابعة للجيش"، التي نمت بحجم أكبر من أي وقت مضى، ولا يمكن المساس بها؛ ما أدى إلى ضعف فرص ظهور رواد الأعمال في مصر.

واختتم "روزنبرغ" تحليله بتساؤل ينطوي على دلالة بقوله: "إذا لم تتمكن من بدء شركة، فلماذا لا تبدأ ثورة؟"، أي إذا لم يوفر الانقلاب الرخاء والوفرة الاقتصادية للشعب فما الذي يضمن الا يثوروا ضده؟

النصائح الصهيونية التالية جاءت بعنوان "شعب بائس.. تزايد الفقر في مصر"، كتبه موقع "ذا ماركر" الاقتصادي العبري شدد فيه علي نصح السيسي أن دعوته المصريين والفقراء، خصوصا للتحلي بالصبر لا يمكنه إصلاح فشل نظامه كما حدث للأنظمة السابقة بينما صبر الجماهير ينفد.

التقرير ركز أيضا على كشف الإحصاءات الرسمية عن أنه يعيش 32٪ من مواطني مصر البالغ عددهم 99 مليون نسمة على خط الفقر، و6.2٪ يعيشون فيما يعرف بمستوى الفقر المدقع، وقد تضاعف عدد الذين يعانون من الفقر منذ عام 2000، وارتفعت النسبة 5% منذ 2015.