فرضت ميلشيات أمن السيسي حصارا مشددا على الجامعات والمدارس خاصة فى الفاهرة الكبرى والإسكندرية ومدن القناة فى أول يوم من العام الدراسي الجديد؛ خوفا من اندلاع تظاهرات تطالب برحيل عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب الدموى.

يذكر أن العام الدراسي بدأ وسط أزمات طلابية عديدة ومشاكل مزمنة، مع توقعات بزيادة القمع والبطش الأمني، ومنع العمل والنشاط والحراك الطلابي، وتجريم التعبير عن الرأي. ومنذ الانقلاب الدموى تخضع الجامعات لسيطرة الأمن بداية من اختيارات العمداء ورؤساء الجامعات وحتى تنفيذ التوجيهات الأمنية وإلزام الإدارات بها ويتوقع أن يحمل العام الجديد تحديات ضخمة للطلاب والأساتذة مع النظام.

يشار إلى ان ميلشيات العسكر فرضت حصارا خانقا على 27 جامعة و8 كليات تكنولوجية و45 معهدا متوسطا حكوميا، بجانب جامعة الأزهر، التى لديها 29 جامعة و167 معهدا عاليا وأكاديميات خاصة، و13 معهد متوسطا خاصا، ويصل عدد طلاب الجامعات لنحو ثلاثة ملايين طالب.

كانت محافظات الجمهورية قد شهدت اليوم تشديداً أمنياً مكثفاً، خصوصاً على المنشآت الحيوية ومنها الجامعات والمدارس ودور العبادة، بالتزامن مع تجدد المظاهرات المطالبة برحيل عبد الفتاح السيسي وانتشار فيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تدعو المصريين للمشاركة فى مليونية الجمعة المقبلة فى ميدان التحرير لاسقاط نظام العسكر.

تعليمات سيادية

وكشفت مصادر بداخلية الانقلاب ان مديرى الأمن بالمحافظات تفقّدوا الأكمنة والخدمات الأمنية، وجرى نشْر أفراد أمن من قوات المباحث والأجهزة المختلفة. ‏وكلف وزير الداخلية بحكومة الانقلاب محمود توفيق، بناء على تعليمات سيادية، بتشكيل فريق أمني موسّع، يضم قطاعات الأمن الوطني والأمن العام والمباحث الجنائية والأمن المركزي، والتواجد في الشوارع والميادين الهامة، واتخاذ جميع التدابير الاحترازية، وتنفيذ خطة تأمين لمواجهة أي احتمالات طارئة، وتكثيف التواجد الأمني بالمناطق السياحية، وتأمين الأفواج السياحية. كما وجّه قيادات مديريات الأمن في المحافظات بتنبيه الدوريات الأمنية بضرورة اليقظة، في حين رفعت داخلية الانقلاب حالة الطوارئ إلى الحالة "ج" في جميع القطاعات التابعة لها ومديريات الأمن على مستوى المحافظات.

وشهدت القاهرة اليوم، إجراءات أمنية مختلفة عن باقي المحافظات، بزيادة الإجراءات الأمنية المشددة في الميادين خصوصاً ميدان التحرير، وميدان رابعة العدوية، وميدان الجيزة، وميدان مصطفى محمود، وميدان النهضة أمام جامعة القاهرة، إلى جانب عدد من المدن الجديدة مثل أكتوبر والعبور و15 مايو.

كما نصبت عدداً من الكمائن في شوارع وطرق العاصمة، فيما أطلقت دوريات في عدد من الشوارع والطرق، ونشرت قوات بالزي المدني، ونفذت حملات على المقاهي والشقق المفروشة الموجودة بالقرب من الميادين، ما خلق حالة من الهلع بين المواطنين، مع وجود "نصّابين" ينتحلون صفة ضباط شرطة وينفذون سرقاتهم. ورفض عدد من أصحاب المحال التجارية والشركات الموجودة في ميدان التحرير فتح محالهم، خوفاً من تجدد المظاهرات.

تفتيش ذاتى

في سياق متصل، شددت الأجهزة الأمنية تواجدها بمحيط المدارس وصدرت تعليمات بزيادة الإجراءات الأمنية بمحيط الجامعات خصوصاً جامعات القاهرة وعين شمس والأزهر، وزيادة إجراءات الأمن الإداري الداخلي فيها، والتأكد من التفتيش الذاتي لحقائب الطلاب على أن يتم استدعاء الشرطة إلى داخل الحرم الجامعي حال وجود مظاهرات وأحداث، ومشاركة الشرطة النسائية في عملية التأمين، ومكافحة جرائم التحرش والمضايقات، لا سيما في محيط مدارس البنات.

من جانبه قال الدكتور أحمد رشاد، العميد الأسبق لكلية التربية جامعة "بني سويف"، إن "القبضة الأمنية قوية جدا على طلاب الجامعة كونهم الأقوى تجمعا والأكثر همة وشجاعة"، مؤكدا أن "العملية التعليمية ؛ وعاء أمن بامتياز وليس محضن تربية ومعين علم". وأوضح أن "الأمن يرفض ترشح المخلصين للانتخابات الطلابية، والتحدث بالمسجد، والمدرجات، وتقديم المساعدات العلمية لزملائهم كالملازم المخفضة وشرح الدروس العملية بأقراص مدمجة".

وأكد رشاد، أن "الأمن يعلم أن صوت الطلاب مرتفع ويمتلكون مفاتيح التغيير؛ لذلك يحرمهم من حقوقهم السياسية بالجامعة، ووصل الأمر لاعتقال الآلاف منهم"، مشيرا لـ"تجنيد معظم الطلاب على زملائهم ليراقبوا تحركاتهم ويبلغونها للأمن". وعن معاناة عضو هيئة التدريس، قال : "يعلم الأساتذة أن أكثر من عين تراقب أفعاله وسكناته وأنفاسه؛ فلا يستطيع أن يتحدث إلا بما يملى عليه من الأمن، وإلا تعرض للوم ثم الإبعاد عن المناصب الإدارية مرورا بعدم ترقيته العلمية؛ وبالتالي يخرج جيلا مهزوزا مهزوما لا يعرف حقوقه".

بطش وكبت

وحول توقعاته للعام الدراسي الجديد، يرى الحقوقي محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، أنه "سيكون شبيها بدرجة كبيرة بالأعوام السابقة؛ فنفس النظام يحكم بنفس العقلية والبطش والكبت والسيطرة على الأوضاع بمزيد من الإجراءات". وتوقع أن يحدث "الحراك الشعبي الجديد انخراطا طلابيا وبالتالي مزيدا من العنف من قبل دولة العسكر التي تدير بكيفية وطريقة نجحت فى إبعاد الطلاب وإلهائهم بالمشاكل حتى لا يشاركوا فى العمل العام". واستبعد رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، أن يكون لدى النظام "أفكار جديدة لتغيير المعاملة والاقتراب من الطلاب وفتح مساحات حوار"، مشيرا إلى أن "الحراك الشعبي سيدفع شباب الجامعات والمدارس للمشاركة فى صناعة الأحداث".

وأكد أن الحراك "سيدفع الشباب لاتخاذ موقف من النظام، ولكن على الضفة الثانية بما يمثله النظام من أجهزة تعليمية وأمنية وإدارية سيحاول من اللحظة الأولى إلهاء الطلاب، ولكنهم لن يستطيعوا السيطرة عليهم جميعا بسهولة". وأوضح زارع، أن "كثيرين مقتنعون بضرورة تغيير النظام الذي قد لا يحدث بالكامل لعدم وجود البديل الثوري وهو ما لن يرضي طموح الطلاب وسيزيد حالة الاستنفار لديهم"، متوقعا "تصاعد حدة المواجهات مع الإدارات الجامعية والأجهزة الأمنية". وأكد أن هذا يسري أيضا على الأكاديميين وأساتذة الجامعات الذين لا يمارسون العمل العام والأنشطة الجامعية وسط الضغوط الأمنية ورصدهم ومتابعتهم، مشددا على أن "العام الجديد سيحمل تحديات ضخمة للطلاب والأساتذة مع الإدارة والأمن".