انتقدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية نظام المنقلب عبدالفتاح السيسي ووصفته بالقمعي والديكتاتوري، مؤكدة أن كل المصريين يكرهون الخائن السيسي ويطالبونه بالرحيل.

وقالت الصحيفة - في مقال للكاتب والروائي المصري عز الدين شكري فشير - إن ديكتاتورية مصر تجلس على برميل بارود.

بدأ فشير مقاله، بالقول: "لا أحد يحب النظام العسكري لعبدالفتاح السيسي، ولا حتى أنصاره، ومن لا يعارضه فإنه يتسامح معه على مضض، ولسبب واحد، هو الاعتقاد بأنه يوفر الاستقرار لمصر ويصلح دولتها الفاشلة".

ويرى الكاتب أن "مشكلة السيسي أنه فشل على الجهتين، السياسة والاقتصادية، فبدلاً من بناء شراكة طويلة الأمد، فإنه اختار الطريق الأسهل بشكل أضعف قدرته على الإصلاح وبناء الاستقرار".

ويقول: إن "برنامج السيسي للإصلاح السياسي كان محدودًا برفع الدعم وتعويم العملة، دون القيام بعملية إعادة تشكيل الاقتصاد الوطني والبنى التنظيمية، وكما هو متوقع أفقرت سياساته الكثير من المصريين، وأكد السيسي المجرم في الكثير من خطاباته استمراره في سياساته (حتى لو كان علينا أن نتضور جوعًا)، ومع أنه مستعدٌّ لتجويع شعبه فإن غالبية المئة مليون الذين يحكمهم أصبحوا متعبين منه، وسخطهم يتزايد، وهو ما دفع حكومة الانقلاب نحو القمع لضبط السخط".

اليمين واليسار

ويشير إلى أن "النظام أصبح يلاحق أعداءه من اليمين واليسار، فبالإضافة إلى أن الملايين يعانون من الوضع الاقتصادي، هناك ملايين من الإسلاميين الغاضبين وأنصارهم ينتظرون الفرصة للانتقام لمن عذبهم وقتلهم النظام، وهناك ميليشيات مسلحة في شبه جزيرة سيناء، بالإضافة إلى الملايين من الشباب المصري الذين يكرهون كل ما يمثله النظام، وهناك الملايين من الناس الذين كانوا يعتقدون أن الليبرالية الديمقراطية قاب قوسين أو أدنى لتختطف منهم وتعود بهم إلى حكم عسكري على شكل ما كان في عام 1960".

ويقول فشير: "كأن هذا كله ليس كافيًا، فقام النظام بإفراغ المؤسسات من معناها، فعندما حاولت مجموعة من الناشطين، بينهم النائب السابق زياد العليمي، المشاركة في الانتخابات، فإنه تم اعتقالهم ورميهم في السجن، ومن خلال الجمع بين ما هو قانوني وما هو خارج عن القانون قام النظام الذي يقوده السيسي بنزع قوة المجتمع المدني وتطهيره وإسكات الإعلام، وكانت النتيجة لهذا كله هي محو صمام الأمان للنظام، ونزع الحواجز التي تفصل بينه وبين السكان الغاضبين".

برميل بارود

ويرى أن ديكتاتورية مصر تجلس على سحابة من الخوف تحتها برميل من البارود، وإذا ثقبت هذه السحابة فسيحترق النظام الانقلابي بالنار المشتعلة، ولا بد أن تنكسر سحابة الخوف؛ لأن ما يطلق عليها بالإصلاحات والقمع الذي يمارسه النظام الانقلابي لفرضها يعملان على زيادة الحرارة وارتفاعها.

ويلفت فشير إلى ما قام به مقاول وممثل ساخط، أفرغ جام غضبه على النظام الخائن، وهز "الاستقرار" بمجموعة قليلة من أشرطة الفيديو التي فصل فيها تعامله مع النظام وحاشيته الفاسدة، ودعا إلى الثورة، مشيرًا إلى أن الرد من النظام كان كاشفًا، واشتمل على برامج تلفازية وجهت أنواع الاتهامات كلها للمقاول، وتمت دعوة المدونين المؤثرين لتذكير الناس بما واجهوه عام 2011 من الفوضى والاضطراب، وأكدت خطب الجمعة أهمية الولاء، وحذرت من الخيانة، واستدعي الفنانون للعن "المتآمرين"، وتم استدعاء قوات الأمن ولم تجدي هذه الإجراءات كلها.

اعتقال الناشطين

ويتابع: رغم هذا كله فإن متظاهرين خرجوا إلى الشوارع في مظاهرات تم تفريقها، لكنها فجرت فقاعة الحصانة حول النظام، وفجأة قام السيسي بحديث (نادر عبر منابر التواصل الاجتماعي وطمأن المواطنين بأن الأمن قويّ)، وبعد ذلك تناول اتهامات الفساد بالتفصيل، وأعلن عن إعادة الدعم لمليون مواطن، وزعم أن حرمانهم كان خطأً، وتم تخفيض سعر الوقود لأول مرة منذ عقد، وتم تقديم وعود عاجلة بالإصلاح السياسي من رئيس برلمان الدم، على الرغم من قوله إن القمع كان ضروريا لبناء بنية تحتية قوية، كما قال هتلر.

ويؤكد فشير أن "الرد الحقيقي كان القمع، فتم اعتقال الناشطين المعروفين علاء عبدالفتاح وماهينور المصري، واعتقلت الناشطة الداعية للديمقراطية إسراء عبد الفتاح، وتعرضت للضرب، وكذلك خالد داوود وحسن نافعة وحازم حسني.

ويقول: لم ينج حتى السياح، الذين جاءوا من السودان والأردن وهولندا، من القمع، فاعتقلوا وأجبروا على الظهور والاعتراف بالتجسس أمام عدسات التلفزة، ثم بدأت الشرطة بوقف المارة والطلب منهم فتح هواتفهم ، بمن فيهم الناشطة سناء سيف، والقائمة طويلة، وتم اعتقال 3600 شخص، بينهم أطفال.

ويختم فشير مقاله بالقول: هذا ليس دليلاً على الاستقرار، لكنه إشارة تحذير، وضرب علاء عبدالفتاح وإسراء عبد الفتاح لن يؤدي إلى اختفاء مشكلات مصر الضخمة، أو يجعل غالبية المصريين يقبلون أوضاعهم المتردية، أو يقلل من أعداء النظام، ولا يمكن أن يتحقق الاستقرار والإصلاح العميق الذي يستحقه المصريون إلا من خلال إنهاء القمع والمصالحة الوطنية".

نص المقال بصحيفة واشنطن بوست

https://www.washingtonpost.com/opinions/2019/10/17/egypts-dictatorship-is-sitting-powder-keg/