في فرنسا، بلد شعار الحرية والمساواة والإخاء، يواجه الحجاب الإسلامي حربا ضروسا باعتباره شكلاً من أشكال الهوية للنساء المسلمات كما أنه يوصف هناك لدى عدد من الشخصيات العامة بأنه رمز التخلف، مع أن الحجاب ليس خاصًّا بالمسلمين فقط.

ومنذ أيام، أثير جدل بشأن "القيم الفرنسية"، على خلفية ارتداء أم مسلمة حجابها خلال رحلة مدرسية، اختزلتها صورة ابنها يبكي بين ذراعيها.

قد لا يعتبر البعض أن القصة تستحق كل ما يثار بشأنها، إلا أن تقريرًا لصحيفة "نيويورك تايمز" ألقى الضوء على حجم الصخب الذي تسببت به في فرنسا.

لم تتجاوز الأم أي قانون بارتدائها الحجاب، بحسب التقرير، كما أنها لم تحجب وجهها، لكنها رغم ذلك أثارت سخط أعضاء يمينيين متطرفين في مجلس محلي، أثناء زيارة طلاب مدرسة لحضور اجتماعهم.

وأثناء جلوسها إلى جانب ابنها، وسط بقية زوار المجلس البلدي لمدينة ديجون، طلب السياسي "جوليان أودول" من السيدة المسلمة أن تخلع حجابها، في مشهد صادم.

وتذرع "أودول" بأنه يمكنها ممارسة هذه الحرية في منزلها وعلى الطرقات، ولكن "ليس هنا، ولا اليوم"، في إشارة إلى أن ذلك اعتداء على القيم العلمانية الفرنسية، قبل أن يكرر ذلك في تغريدة عبر تويتر، أرفق فيها مقطعا لـ"مرافعته"، وحاول ربط ما حدث بقتل شرطي مسلم أربعة من زملائه، قبل أسبوعين.

وإثر حديث "أودول"، تفجّر سجال بالمجلس، لا سيما بعد رفض رئيسه طلب العضو اليميني المتطرف، فيما التقطت عدسة صورة للطفل المسلم وهو يبكي في أحضان أمه أثناء المعركة الكلامية.

C'est insoutenable de voire une mère se faire humilier devant son fils. Combatre le #voileislamique : Oui, dans le respect et la bienveillance. Le faire de cette façon, c'est provoquer l'effet inverse avec en prime la montée du #communautarisme et du #racisme. pic.twitter.com/9Kwp6JrOaW

— Khaled Ben Abderrahmane (@khaledben06) October 13, 2019

 

ويشير تقرير الصحيفة الأمريكية إلى أن الأم رفضت الحديث للإعلام، لكن ما جرى انتشر كالنار بالهشيم عبر وسائل الإعلام، وبات شائعا سماع تساؤل من قبيل "هل يحق للأمهات لبس الحجاب أثناء المشاركة بالأنشطة المدرسية؟"، بعد أن كان النقاش قبل أعوام بشأن حرية الطالبات باختيار لباسهن، وحسم لصالح التضييق.

وتضيف "نيويورك تايمز" أن بعض السياسيين بالبلاد يريدون أن يشمل تقييد اللباس الأمهات الراغبات بالمشاركة بالرحلات المدرسية، بعد أن تم تطبيقه على المعلمات والطالبات في المدارس، وهو ما أظهره استطلاع حديث أن 66% من الفرنسيين يوافقون عليه؛ ما يثير تساؤلات بشأن وجود "التطرف" في عموم المجتمع، وهو الذي يُوصم به المسلمون وحدهم عادة.

وبالنسبة للبعض، بحسب الصحيفة، فإن نبرة النقاش باتت مقلقة بشكل متزايد، وقد بعثت مجموعة من المشاهير، تضم ممثلين وفنانين وأكاديميين، رسالة مفتوحة لصحفية "لو موند"، يتساءلون فيها: "إلى أي مدى سنسمح للكراهية ضد المسلمين بالاستمرار؟ إلى متى سنواصل القبول بتعرض مواطنين للإهانة والاعتداء والهجوم والتشويه بسبب معتقداتهم؟".