نظَّم مشروع "حلول للسياسات البديلة" بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ندوة بعنوان "أرقام الفقر الجديدة في مصر.. لماذا تزداد أعداد الفقراء؟ وما العمل؟"، أكد خلالها خبراء الاقتصاد أن أكبر زيادة في نسبة الفقر الفقراء في مصر كانت في ظل حكومة الانقلاب بقيادة عبدالفتاح السيسي وتنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي.

وتزامنت الندوة مع اليوم العالمي لمكافحة الفقر 17 أكتوبر، كما تزامنت مع حصول 3 خبراء على جائزة نوبل للاقتصاد لأبحاثهم المتعلقة بوسائل الحد من الفقر.

أوضح الخبراء أن البيانات والإحصاءات توضح أنه سواء زاد النمو أو انخفض في مصر يزيد الفقر كل عام، وذلك مستمر منذ 20 عامًا مضى، وأن آخر أرقام تؤكد أن عدد الفقراء يزيد عن 30 مليونًا؛ ما يعني أن ثلث شعب مصر تحت خط الفقر.

واستغربت د. عالية المهدي إعلان حكومة الانقلاب أن معدل البطالة انخفض، بينما أعداد المشتغلين ثابتة منذ 2017 عند 26 مليونًا لا تتغير، وتساءلت: "كيف تقل نسب البطالة في أرقام الحكومة إذا كانت أعداد المشتغلين لا تزيد؟".

https://twitter.com/aps_auc/status/1184826959873871872

تحدثت في الندوة د. هبة الليثي، أستاذة الإحصاء بجامعة القاهرة ومستشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ود. عالية المهدي، أستاذة الاقتصاد والعميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وأدارت النقاش سلمى حسين، الصحفية الباحثة الاقتصادية.

إحصاءات الفقر في مصر

أوضحت د. هبة الليثي أن معدل الفقر في تزايد منذ عام 2000 وارتفع من 16.7% إلى 32.5% بآخر بحث للدخل والإنفاق، أي أن ثلث سكان مصر فقراء لا يستطيعون الحصول على احتياجاتهم الأساسية.

وقالت إن معدلات الفقر زادت بنسب أكبر في المحافظات الحضرية (القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والسويس) عن المناطق الريفية، وثُلث سكان القاهرة هم من الفقراء.

كما بينت أن نتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2017/2018 لقياس مستوى معيشة السكان ويحلل أنماط الدخل والإنفاق، أظهرت أن "الشرائح الأكثر فقرًا شهدت تدهورًا أكثر حدة في مستويات الإنفاق عن الشرائح الأعلى".

وذكرت د. هبة الليثي أن 74% من الفقراء يعملون بلا عقود، و55% من العاملين بأجر يعملون بلا عقود أو تأمين اجتماعي، و21.3% من السكان لديهم تأمين اجتماعي، و13% فقط من الفقراء يتمتعون بالتأمينات الاجتماعية.

وقارنت د. عالية المهدي بين إنفاق الأسر الـ10% الأكثر فقرًا على مستوى مصر، والـ10% الأعلى دخلًا، على بندي الغذاء والسكن، وأكدت أن إنفاق المجموعة الأولى يقدّر بـ71% من الدخل، بينما لا يمثل هذان البندان أكثر من 46% من إنفاق الشرائح الأكثر غنى.

وأشارت د. عالية إلى أن أسعار الغذاء في مصر شهدت بين عامي 2010 و2018 زيادة تقدّر بـ 360%.

وبين المتحدثون في الندوة أن متوسط دخل الأسرة المصرية قُدِّر في عام 2015 بـ 44 ألف جنيه ووصل إلى 59 ألف جنيه عام 2017؛ إلا أن الرقم الأخير مقوّم بأسعار عام 2015 يجعل دخل الأسرة 36 ألف جنيه"، ما يعني أن مستوى دخل الأسرة انخفض انخفاض كبير.

مقترحات لمواجهة ارتفاع معدلات الفقر

أوصت د. عالية المهدي بأهمية إعادة النظر في القطاعات المُهملة، وتشجيع المستثمرين والمنتجين على التوجه لقطاعات الزراعة والصناعة والتعليم؛ فهي القطاعات الأهم لتقدُّم أي دولة.

كما أوصت بتطوير منظومة المواصلات وشبكات الطرق؛ لما يسببه انعدامها من زيادة التسرب من التعليم ومعدلات البطالة؛ بسبب صعوبة التنقل والوصول لأماكن بعيدة من أجل العمل أو التعليم.

وأوصت د. هبة الليثي بعدم تخفيض الإنفاق العام بدعوى نقص الموارد "لأن تخفيض الإنفاق العام يعني أن رأس المال البشري للفقراء سوف ينهار"، ووضع سياسات اقتصادية تأخذ في الاعتبار حق الأجيال القادمة في الموارد.

أرقام مهمة عن الفقر

ارتفعت معدلات الفقر من 27.8% عام 2017 إلى 30.2% عام 2018، ثم 32.5% من إجمالي سكان مصر عام 2019، بحسب الجهاز المركزي للمحاسبات؛ ما يتسبب في استفحال الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

https://twitter.com/Youthacalex/status/1154812878320328704

وبالتزامن مع اليوم العالمي للفقر، دشَّن نشطاء مصريون هاشتاج (#احنا_فقرا_ليه) الذي ينتقد الأوضاع الحالية ويتهم السلطة بالاستحواذ على الثروة وإفقار المصريين.

وأثّر اتفاق قرض صندوق النقد الدولي سلبًا على مستويات معيشة المصريين بعدما انعكس على غلاء الأسعار ومعدلات التضخم، وبدت آثاره التنموية غير واضحة تمامًا على حياة المصريين الفعلية.

ولم يتبع وعد الصندوق بنمو الاقتصاد تنفيذ وعود الحماية الاجتماعية للفقراء؛ حيث انخفض الإنفاق على الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والأدوية ودعم السلع التموينية، وتراجع الإنفاق على التعليم والصحة مجتمعين من 5.21% عام 2015 إلى 3.33% عام 2019.

وفي يناير 2017، قال السيسي: "أيوه احنا بلد فقير.. وفقير قوي كمان"، ورد عليه الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق بكتاب يتضمن حقيقة ثروات مصر المنهوبة وغير المستغلة، بالأرقام والدلائل، ومن واقع السجلات والأوراق الرسمية، ويهاجم الفشل الاقتصادي للسيسي.

"فاروق" ذكر في كتابه "هل مصر بلد فقير حقًّا؟ أن كلام السيسي كشف عن أننا "إزاء رئيس لا يمتلك أفقًا ولا رؤية لإخراج البلد من مأزقها الاقتصادي والسياسي، الذي تسبب به أسلافه من جنرالات الجيش والمؤسسة العسكرية الذين حكموا مصر منذ عام 1952 حتى يومنا".

وقد ذكر تقرير أخير لموقع "بلومبيرج" أن خطة السيسي الاقتصادية تقوم على سحق الفقراء وتدمير الطبقات والقوى القادرة على قيادة الغضب الشعبي، وتخلق سخطًا شعبيًا كبيرًا في الطبقات الوسطى والدنيا.