أعربت وزارة الخارجية الباكستانية، السبت، عن "قلقها العميق" إزاء قرار المحكمة العليا في الهند بناء معبد هندوسي على أنقاض مسجد "بابري" التاريخي.

وقالت، في بيان نشرته عبر موقعها الإلكتروني، إنه يتضح من خلال القرار أن "الأقليات في الهند لم تعد في مأمن" و أن "القضاء الهندي غير قادر على حمايتها".

وأضافت: "القرار القضائي الهندي فشل مرة أخرى في تلبية مطالب العدالة".

كما حذرت من تداعيات القرار، وقالت إنه "قد يؤثر سلبا بشكل كبير على العلاقات المشحونة بين الهندس والمسلمين بالهند".

واعتبرت أن القرار "عرّى خدعة علمانية الهند المزعومة من خلال إظهار أن الأقليات في هذا البلد لم تعد في مأمن، وأنه ينبغي عليهم الخوف على معتقداتهم وأماكن عبادتهم".

كذلك، حذرت الخارجية الباكستانية، في البيان ذاته، من "عملية جارية لإعادة كتابة التاريخ في الهند وصياغته في صورة هيندو راشترا (المكون الهندوسي) سعيا وراء أيدولوجية هندوتفا (الايدولوجية القومية الهندوسية).

وأضافت أن "هذا الاتجاه يؤثر أيضا بشكل سريع على المؤسسات الرئيسية في الهند".

واعتبرت أن "تصاعد موجة الفكر المتطرف في الهند بناءً على اعتقاد تفوق الهندوسية وإقصاء الغير تشكل تهديدا للسلام والاستقرار الإقليميين".

ومن جهته أعرب محام هندي ممثل المسلمين في قضية النزاع على مسجد بابري التاريخي عن استيائه من قرار المحكمة العليا القاضي ببناء معبد هندوسي على أنقاض المسجد الذي يعود للعصور الوسطى.

وقال ظفرياب جيلاني، سكرتير مجلس قانون الأحوال الشخصية لعموم مسلمي الهند (غير حكومي) في مؤتمر صحفي بنيودلهي: إن قرار المحكمة يحتوي على الكثير من التناقضات.

وأضاف جيلاني وهو أيضًا مستشار مجلس الأوقاف السُّني في الهند، الذي يمثل المسلمين في قضية المسجد: سنطلب إعادة النظر في حكم المحكمة العليا لأننا غير راضين عنه.

ولفت إلى أنه يتحدث في المؤتمر الصحفي عن القضية بصفته سكرتيرًا لمجلس قانون الأحوال الشخصية لمسلمي الهند وليس بصفته مستشارًا لمجلس الأوقاف السُّني.

وبعد نزاع قضائي استمر لعقود، قضت المحكمة العليا الهندية، اليوم، بما قالت إنها أحقية الهندوس في موقع مسجد "بابري" بمدينة أيوديا بولاية أوتار براداش (شمال)، وأمرت بتخصيص أرض بديلة عنه للمسلمين.

ويدعي متطرفون هندوس أن المسلمين هدموا في القرن السادس عشر معبدا للملك "راما"، الذي يعتبره الهندوس "إلها"، وبنوا مكانه مسجد "بابري".

واقتحمت مجموعة من الهندوس المسجد، في 1949، ونصبت تمثالا لـ"راما" داخله، واعتبرته مكانًا متنازعا عليه؛ ما جعل الحكومة تغلق المسجد مع بقاء التمثال داخله.

وهدم هندوس متطرفون، بينهم قيادات في حزب "باهاراتيا جاناتا" الحاكم حاليا، المسجد، عام 1992؛ ما أشعل موجة عنف بين الهندوس والمسلمين خلفت نحو ألفي قتيل.

يطالب المسلمون ببناء مسجد جديد مكان "بابري"، الذي يعود تاريخه إلى عام 1528، بينما يدعو الهندوس إلى بناء معبد في المكان، بدعوى أن الملك "راما" ولد فيه.

ويمثل الحكم انتصارًا لحزب "باهاراتيا جاناتا"، الذي يستند إلى قاعدة انتخابية هندوسية.

ومنذ الخامس من أغسطس الماضي لا تتوقف قذائف الهاون والصورايخ الهندية بعدما نشرت قواتها بكثافة في  جامو وكشمير ,فتحولت المنازل والمدارس والمباني في قرى "جورا" و"شاهكوت" و"نوسهري" ، إلى ركام وأنقاض.

وجرد البرلمان الهندي، وبطريقة مفاجئة، إقليم جامو وكشمير من الحكم الذاتي الذي يتمتع به في الخامس من أغسطس، وقالت الحكومة إن الاضطهاد الذي تم فرضه هو إجراء مؤقت، وضمت الإجراءات القمعية التي فرضتها الاعتقال دون تهم لآلاف السياسيين الكشميريين وغيرهم من الرموز العامة البارزة، وتعليق خدمات الإنترنت والهواتف". 

وخلف ذلك الإجراء مشاهد دمار خلفت الموت والذعر، وجعلت حياة سكان القرى بالولاية أكثر صعوبة، فيما لازال الخوف يكبّل تحركاتهم اليومية منذ الهجوم الدامي الذي استهدفهم في 20 أكتوبر الماضي، وأسفر عن خسائر مادية ومعنوية كبيرة في المنطقة.

ففي "جورا" التي يقطنها 20 ألف مواطن، قتل 7 أشخاص بينهم 6 مدنيين، ودُمر 4 آلاف مبنى أحدهم كان يستخدم من قبل المدرسة الموجودة بالمنطقة، كما تضررت العديد من البنايات جراء الهجوم الذي شنته الهند على المنطقة.

وقال مير عبد الراشد، رئيس منظمة الباعة والحرفيين في "جورا"، وهو أحد الذين تهدمت منازلهم جراء الهجوم، إن المنزل كان ميراث العائلة ويتقاسمه مع أخويْه.

وأضاف أن أحد إخوته قام باستئجار نصيبه من المنزل للمدرسة، بينما استأجر الثاني الجزء الخاص به لأحد الباعة، وقد لقي الأخير حتفه جراء الهجوم.

وأشار إلى أن الشخص الذي فقد حياته بالمنزل هو من إقليم بلوشستان لكنه يعيش في آزاد جامو وكشمير منذ 20 عاماً.

مير امتياز؛ هو أيضا من بين المتضررين، حيث دمر الهجوم منزله بالكامل، حيث كان يعيش فيه مع زوجته وأطفاله الخمسة.

وقال امتياز إن ظروفه المادية لا تسمح له بشراء منزل جديد، مشيرا إلى أنه يكسب قوت يومه بصعوبة من العمل في السوق.

استهداف مدرسة

لم تقتصر أضرار الهجمات الهندية على المنازل وأماكن العمل فحسب، بل طالت أيضاً مبنى مدرسة تضم 400 طالب.

ومبنى المدرسة استأجرته حكومة آزاد جامو وكشمير بانتظار استكمال أشغال إنشاء المبنى الأساسي للمدرسة، إلا أن الهجوم الهندي أدى إلى انهيار المبنى تماماً.

وقال هواجا مانشا، أحد المعلمين بالمدرسة، إن الهجوم وقع في المساء بينما لم يكن أحداً في المدرسة، الأمر الذي حال دون وقوع خسائر في الأرواح، إلا أن السجلات والمستندات والأدوات التعليمية أصبحت غير قابلة للاستخدام مرة أخرى جراء الهجوم.

وأصابت قذائف الهاون الهندية مركز التجارة بالمدينة، مما أدى لحدوث أضرار كبيرة في العديد من الدكاكين الموجودة بمنطقة الهجوم، إضافة إلى تضرر أحد الفروع البنكية.

وقال بيرزاده قاسم شاه، صاحب محل لبيع الأثاث تضرر جراء الهجوم، إنه فقد تجارته بقيمة 5ملايين روبية باكستانية (حوالي 32 ألف دولار) لافتا إلى أنه لن يتمكن من تأسيس عمله مرة أخرى.

وأسفر الهجوم الهندي قبل أسبوعين على البلدات الثلاثة، إلى تهدم 165 منزلاً، و38 مقر عمل، و3 مدارس إضافة إلى تضرر 15 سيارة.

وقال راجا محمود شاهد، والي منطقة نيلوم، إن الحكومة ستقدم دعماً بقيمة مليون روبية باكستانية لأسر الضحايا، و500 ألف روبية للمصابين.

وأشار شاهد عيان إلى أن سكان المنطقة أنشأوا مخابئ للاحتماء من الهجمات الهندية، كما أنشأت الحكومة أيضاً مخابئ يمكن السكان من الاحتماء بها بشكل جماعي، مضيفاً أنه تم إنشاء 20 مخبأ حتى الآن.

وسقطت قذائف الهاون الهندية أيضاً على موقع إنشاء محطة نيلوم-بيلوم الهيدروكهربائية.

كما تضررت نقطة للشرطة بالمنطقة إضافة إلى موقع إنشاء السد، وتم نقل المهندسين الصينيين بالموقع إلى أماكن أكثر أمناً.

الهجوم الثاني على آزاد كشمير

وهجوم 20 أكتوبر يعتبر الثاني من نوعه الذي تشنه الهند هذا العام على الولاية الخاضعة للسيطرة الباكستانية بحجة استهداف التنظيمات الإرهابية.

ففي 14 فبراير الماضي، استهدفت قافلة أمنية هندية بهجوم في مقاطعة "بولواما" في كشمير، أسفرت عن مقتل 40 من قوات الأمن، وألقت نيودلهي باللوم على باكستان التي نفت أي دور لها في الهجوم.

ومنذ الشهر المذكور، وحتى الآن، وصل عدد انتهاكات وقف إطلاق النار التي ارتكبها الجيش الهندي باستهداف المناطق الخاضعة للسيطرة الباكستانية، ألفين و229 انتهاكاً.

وطبقاً لمصادر باكستانية، قُتل 42 مدنياً وأُصيب 169 شخصاً جراء الهجمات التي شنتها الهند، فيما قُتل 60 جندياً هندياً نتيجة رد القوات الباكستانية على تلك الهجمات.