"عام الحرية وحقوق الإنسان" هكذا يمكن وصف فترة حكم الرئيس الشهيد محمد مرسي الذي حطَّم خلالها "كلابش" ظلم ميليشيات الانقلاب، وأغلق المعتقلات وأطلق حرية الرأي التي ظل الشعب محرومًا منها لعقود، مقارنةً بعهد الطغاة قبل عام الرئيس الشرعي والمنقلب الخائن بعده والذي أهدر كل غالٍ ونفيسٍ.

ولم تفلح مسرحية الانقلاب العسكري بتجميل السجون في إزالة وصمة عار انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، خاصة في مقابر الأحياء "سجون السيسي"، بل أجمع العالم أمس على ارتكاب نظام الانقلاب جرائم، مطالبًا سلطات الانقلاب بوقف الإفلات من العقاب في انتهاكات حقوق الإنسان، أثناء جلسة الاستعراض الدوري لحالة حقوق الإنسان المصرية في جنيف.

كما طالبت الدول بوقف القتل خارج القانون والإخفاء القسري والتعذيب، وغيرها من الانتهاكات، وكذلك رفع الحظر عن التظاهر السلمي، ورفع القيود على الإنترنت، وإطلاق سراح السجناء المحبوسين في قضايا الرأي.

إدانة العالم المتكررة لملف حقوق الإنسان في عهد الانقلاب سلَّطت الضوء على الحريات في عام الرئيس الشهيد محمد مرسي لحكم مصر، وبين ظلام سنوات السيسي الخائن الذي قمع الحريات واعتقل الشباب وانقلب حتى على معارضيه.

https://www.youtube.com/watch?v=fGKtXR2SyxU

الحريات في عهد الرئيس الشهيد

تميزت الفترة التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011م وحتى الانقلاب على الرئيس الشهيد محمد مرسي في 3 يوليه 2013 بكمٍّ هائل من الحريات الصحفية والإعلامية، وباتت السجون المصرية خاليةً من السجناء والمعتقلين السياسيين.

وساد جوٌّ من احترام حرية التعبير وعدم قصف الأقلام، وسمح الرئيس الشهيد مرسي بحرية النقد بل وبرامج السخرية ومقاضاة من يسبّ ويقذف، ولم يعرف في عهده "جريمة إهانة رئيس الجمهورية".

وأصدر الرئيس مرسي قرارًا في أغسطس 2012م يمنع حبس الصحفيين في قضايا النشر، ويمنع الحبس الاحتياطي بحقهم، ليمنع حبس الصحفي إسلام عفيفي رئيس تحرير صحيفة "الدستور" السابق.

ولا ينسى الصحفيون موقف الرئيس الشهيد من حرية الصحافة وسلامة الصحفيين عندما عاد من زيارة إلى السودان ومعه الصحفية شيماء عادل التي احتجزتها السلطات السودانية لمدة أسبوعين، أثناء تغطيتها قمع التظاهرات غير المسبوقة المناهضة للنظام هناك.

وكانت شيماء نقلت مساء الاحد على متن طائرة خاصة من الخرطوم الى اديس ابابا حيث كان الرئيس المصري د. محمد مرسي يشارك في القمة الإفريقية.

https://www.youtube.com/watch?v=_KAoH7XHV_w

بالمقابل سعى الانقلاب العسكري لتغليظ عقوبة إهانة ما يسمى "رئيس الجمهورية" في نوفمبر 2017، أو أحد رموز الدولة؛ "لتصل إلى الحبس مدة ثلاث سنوات".

ووصلت أعداد الصحفيين والإعلاميين المعتقلين - بموجب هذه التهمة وتهم أخرى تتعلق بكتاباتهم أو نقد الانقلاب - إلى 32 صحفيًّا معتقلاً أعضاء نقابة الصحفيين، بخلاف عشرات غيرهم غير نقابيين، وحظر السيسي برنامج السخرية الشهير "البرنامج" لباسم يوسف الذي خصص لتشويه الرئيس الشرعي محمد مرسي.

وفي عهد الرئيس الشهيد مرسي انتشرت شائعات إعلامية لم تهدف فقط إلى إسقاط الحكم وتهيئة الساحة للسيسي الخائن لتصدّر المشهد والقيام بالانقلاب، بل لاستخدامها بعد ذلك عند اللزوم في تثبيت حكم الخائن السيسي ومحاولة احتواء أي إخفاقات يواجهها مثل "اتهام مرسي وجماعته ببيع أجزاء من مصر (الهرم والقناة مثلا)، واتهامه بالتنازل عن حلايب وشلاتين، ورهنه أجزاء بمصر لقطر".

تكميم الإعلام

وبعد الانقلاب كمّم السيسي الإعلام بشراء المخابرات لوسائل الإعلام (صحف وفضائيات)، والشق الثاني عبر استصدار عدة قوانين قمعية تكمم أفواه الصحفيين والصحف.

وكمؤشر على حرية التظاهر التي كانت سائدة خلال عهد الشهيد مرسي، أشارت دراسة إلى أن الاحتجاجات التي تعرض لها الرئيس مرسي بلغت 5821 مظاهرة ومصادمة واشتباكات، بمعدل 485 مظاهرة كل شهر، و7709 وقفات احتجاجية وفئوية، بمعدل 557 وقفة احتجاجية كل شهر، و24 دعوة لمليونية، بمعدل مليونيتين كل شهر، مع أن أعداد المشاركين فيما يسمى المليونيات، لم يكن يتجاوز بضع مئات في أحيان عديدة، بحسب كتاب "مصر بين عهدين.. مرسي والسيسي”.

بينما أصدر السيسي قانونًا خصيصًا لمنع التظاهر، يقضي بحبس أي متظاهر 5 سنوات، وبموجبه قام باعتقال المئات، وجرى حبسهم، كما تصدت قوات شرطة الانقلاب لأي مظاهرة أو مسيرة بالرصاص الحي، وقتلت المئات في عشرات المظاهرات التي خرجت ضد الانقلاب في المحافظات المختلفة.

مجازر واعتقالات

وارتكب الانقلاب عددًا من المجازر من أجل وقف الحراك الثوري، كما اعتقل عشرات الآلاف أوصلتها بعض المنظمات إلى أكثر من 60 ألف من رافضي ومعارضي الانقلاب، فضلا عما قامت به داخلية الانقلاب وميليشيات جيش السيسي من عمليات تصفية جسدية مباشرة للمعارضين.

ووفقًا لمنظمات حقوقية فإن عدد السجون ارتفع في مصر من 42 عام 2011 إلى 62 سجنا، بالإضافة إلى 320 مقر احتجاز داخل أقسام ومراكز الشرطة بخلاف أماكن الاحتجاز غير المعروفة والسرية لا يُعرف عددها؛ حيث تم إنشاء 20 سجنًا جديدًا من بعد ثورة يناير، 17 منها في عهد المنقلب عبدالفتاح السيسي، وسجن واحد خلال فترة حكم المجلس العسكري، وسجنان في عهد الرئيس الشهيد محمد مرسي.

مقابر الأحياء

ويعاني المعتقلون في سجون السيسي من انتهاكات ومحاولات قتل بالبطيء نتج عنها استشهاد العشرات؛ أبرزهم الرئيس الشهيد محمد مرسي، كما لم تسلم الحرائر من بطش السجان.

ورصدت حركة "نساء ضد الانقلاب" بعضًا من الانتهاكات التي تتعرض لها السجينات السياسيات في "سجن النساء"؛ حيث ظروف الاحتجاز غير الآدمية، فالنوم يكون على أرض خرسانية، والغطاء ببطانية واحدة، ما تسبب في إصابة الكثير منهن بالأمراض، في ظل تعنت إدارة السجن في علاجهن وحرمانهن من العلاج.

وعرضت الحركة أمثلة لأنواع التعذيب والتنكيل التي تتعرض لها السجينات داخل سجن النساء، وهو ما أكده تقرير الأمم المتحدة؛ حيث انتهاك حقوق المرأة داخل سجن النساء، وتعرضهن لأبشع أنواع الظلم والتعذيب بكل الأصناف والأشكال، من إخفاء قسري، وإهمال طبي، وحرمانهن من الزيارات، وحبسهن انفراديًّا، وغيرها من أنواع الظلم والجبروت في ظل حكم العسكر.

نزاهة القضاء

كما أتاح الرئيس الشهيد محمد مرسي الحرية الكاملة للقضاة في عملهم ولم يتدخل فيه، وشهد عهده تطاولاً من بعض القضاة وتدخلهم في السياسة كما فعل المستشار أحمد الزند، في حين أنهى السيسي استقلال القضاء وطوّعه لخدمته، وتدخل في عمل النائب العام والقضاء، فضلًا عن الشرطة، بالإضافة للقوانين التي تستهدف المعارضة.

بل إنه حبس عددا من القضاة مثل المستشار محمود الخضيري ووزير العدل الشرعي المستشار محمد سليمان، كما جري التنكيل بقرابة 50 قاض وعزلهم بدعاوى أنهم مؤيدون للرئيس مرسي.

واستخدم السيسي القضاء لاحقًا للتنكيل بمعارضيه من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان وغيرهم من التيارات المحسوبة على ثورة يناير، كما استخدم القضاء لتشويه صورة الرئيس الشهيد محمد مرسي وقادة الإخوان عبر أحكام سياسية لا علاقة لها بالعدالة امتدت إلى أحكام ظالمة بالإعدام طالت المئات.

وأصدر قضاء الانقلاب عشرات أحكام التبرئة لأركان نظام مبارك، وأصدرت منظمة العفو الدولية وهيومان رايس ووتش وغيرهما، تقارير تؤكد غياب العدالة وزيادة القمع منذ تولي السيسي الحكم عام 2014، فيما أكدت حركتا "استقلال القضاء" و"قضاة معارضون لتسييس القضاء" إن السلطة تستخدم عددًا محدودًا من القضاة لتنفيذ أهدافها، عبر تخصيص دوائر ومحاكم بعينها للقضايا السياسية، وهو النهج المتبع منذ عصر مبارك.