طرحت حكومة الهند مشروع قانون في برلمان البلاد يعرض العفو عن المهاجرين غير الشرعيين من غير المسلمين من ثلاث دول في بعض من دول الجوار.

وتسعى الحكومة الهندية عبر هذه الخطوة المثيرة للجدل إلى منح حق المواطَنة للأقليات الدينية الوافدة من كل من باكستان وبنغلاديش وأفغانستان.

وتقول الحكومة - التي يقودها حزب بهاراتيا جاناتا (حزب الشعب الهندي الهندوسي) - إن ذلك سيوفر ملاذًا للفارّين من الاضطهاد الديني.

بينما يقول مراقبون إن مشروع القانون جزء من أجندة الحزب الحاكم لتهميش المسلمين.

ويحتاج مشروع القانون إلى تصديق من المجلسين معًا لكي يصبح قانونًا.

وأثار مشروع القانون مظاهرات واسعة في الشمال الشرقي للبلاد المتاخم لبنجلاديش؛ حيث يخشى السكان في تلك المناطق أن تتجاوز أعداد المهاجرين من الحدود أعدادهم.

علامَ ينصّ مشروع القانون؟

يعدّل المشروع قانون المواطَنة الهندي القائم منذ 64 عامًا، والذي يحظر منح المهاجرين غير الشرعيين حق المواطَنة الهندية.

ويعرّف القانون الهندي المهاجرين غير الشرعيين بأنهم أجانب دخلوا الهند من دون جواز سفر صحيح أو وثائق سفر، أو بأنهم هؤلاء الذين ظلوا في الهند بعد انتهاء وقت إقامتهم المسموح به. وبموجب هذا القانون فإن المهاجرين غير الشرعيين يمكن ترحيلهم أو سجنهم.

ويعدّل مشروع القانون الجديد بندًا في القانون القائم ينصّ على أن المهاجر يتعين عليه الإقامة في الهند أو العمل لصالح الحكومة الاتحادية لمدة أدناها أحد عشر عامًا حتى يتسنى له حق التقديم للحصول على الجنسية.

لاجئون في أحد المخيمات

الآن، بموجب هذا التعديل، سيكون هناك استثناء لأفراد من ست أقليات دينية هي الهندوسية والسيخ والبوذية والجينية والزرادشتية، فضلاً عن المسيحية، إذا تمكن هؤلاء من إثبات أنهم من باكستان أو أفغانستان أو بنجلاديش.

حيث تنص التعديلات على أنه لن يكون واجبًا على هؤلاء المشار إليهم إلا الإقامة أو العمل في الهند ستة أعوام فقط حتى يتأهلوا للحصول على حق المواطَنة بالتجنيس، وهي العملية التي يحصل بها غير المواطن على حق المواطَنة أو الجنسية.

كما تنصّ التعديلات على أن الأجانب الحاصلين على بطاقات هوية خاصة - وهي وضعية يُسمَح فيها للأجنبي من أصول هندية بالإقامة والعمل في الهند لأجل غير مسمى - هؤلاء يمكن أن يفقدوا تلك الوضعية إذا هم انتهكوا قوانين محلية.

ما المثير للجدل في مشروع القانون؟

يقول المعارضون لمشروع القانون إنه إقصائي وينتهك المبادئ العلمانية المكفولة بالدستور، ويرى هؤلاء أن العقيدة لا يمكن أن تكون شرطًا للحصول على حق المواطَنة.

ويحظر الدستور التمييز الديني ضد المواطنين، ويضمن المساواة للجميع أمام القانون الذي يوفر الحماية للجميع بالتساوي.

يقول غوتام بهاتيا، المحامي من دلهي: إنه بتمييز المهاجرين إلى مسلمين وغير مسلمين، فإن مشروع القانون "يسعى بشكل سافر وصريح إلى ترسيخ التمييز الديني في القانون، على خلاف مبادئ دستورنا العلماني".

ويقول المؤرخ موكول كيساوان: إن مشروع القانون "في ظاهِره موجَّهٌ للاجئين من الأجانب، لكنه يستهدف بالأساس نزع الصبغة الشرعية عن مواطَنة المسلمين".

ويرى مراقبون أن مشروع القانون لو كان فعلاً يستهدف حماية الأقليات، لكان ينبغي أن يتضمن الأقليات الإسلامية التي تواجه اضطهادا في بلادها - كالطائفة الأحمدية في باكستان والروهينجيا في ميانمار، على سبيل المثال.

(وتقدمت الحكومة الهندية بطلب إلى المحكمة العليا لترحيل اللاجئين الروهينجيا من البلاد).

على الجانب الآخر، دافع القيادي البارز في حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، رام مادهاف، عن مشروع القانون قائلاً: إنه "لا توجد دولة في العالم تقبل المهاجرين غير الشرعيين".

وأضاف رام: "بالنسبة لكل أولئك الذين تدمي شكواهم القلوب، فأمامهم قوانين المواطَنة الهندية. أما هؤلاء الذين يدّعون الحق القانوني في الحصول على المواطَنة الهندية فأمامهم خيار التجنُّس للحصول على هذا الحق. لكن المهاجرين غير الشرعيين الآخرين فسيعتبرون متسللين".

وفي معرض الدفاع عن مشروع القانون في وقت سابق من العام الجاري، كتب الصحفي راغاوان جاغاناثان في مجلة سواراجيا يقول: إن "اسثناء المسلمين من مشروع القانون ينبع من حقيقة واضحة هي أن الدول الثلاث المشار إليها إسلامية، سواء كما نصّت عليه دساتيرها أو بسبب أفعال مسلحين إسلاميين يستهدفون الأقليات الدينية الأخرى".

تاريخ مشروع القانون

طُرح مشروع قانون تعديل المواطَنة لأول مرة في البرلمان الهندي في يوليو 2016، وحصل التشريع آنذاك على موافقة مجلس النواب؛ حيث يحظى حزب بهاراتيا جاناتا بأغلبية واسعة، لكنه لم يمر في مجلس الشيوخ، لا سيما بعد ما أثاره من مظاهرات عنيفة مناوئة للمهاجرين في المنطقة الشمالية الشرقية في الهند.

الحكومة الهندية تقول إن ثمة حاجة إلى السِجِلّ الوطني لتحديد المهاجرين غير الشرعيين

ما وجه الصلة بين سِجِلّ المواطنين ومشروع القانون؟

الاثنان مرتبطان بشكل وثيق، لأن مشروع قانون تعديل المواطَنة سيساعد في حماية غير المسلمين المستبعدين من السِجِلّ ويواجهون تهديد الترحيل أو السجن.

هذا يعني أن عشرات الآلاف من المهاجرين البنغاليين الهندوس غير المتضمنين في السِجِل الوطني الهندي سيكون بإمكانهم الحصول على حق المواطَنة للبقاء في ولاية أسام في الشمال الشرقي للبلاد.