الصدقة

"ما هو قديم لديك قد يكون جديدًا لغيرك، وما تلقيه في القمامة بيديك قد يكون رفاهيةً إذا حصل عليه غيرك".. فلسفةٌ جديدةٌ يرسمها شباب الخير الذين يخرجون علينا كل يوم بالجديد دائمًا، وفي هذه المرة بدأوا فكرتهم الجديدة بكلمات تعرف طريقها إلى قلوب الشباب لتحفِّزَهم على العمل والمشاركة، قائلة: "هل لكم في صدقة لا تكلفكم أموالاً وتخدم البلاد بتوفير كثير من المواد التي تُهدر إذا اختلطت بالمخلفات الأخرى، وتقلل النفايات بما يساعد على نظافة البيئة.. كل المطلوب منكم عشر دقائق فقط لله".

مساعدة للأيتام

كانت هذه هي بداية الحملة التي تبنتها مجموعة محبي القاهرة عبر الإنترنت، وهي عبارة عن مشروع يتم من خلاله تقديم معونات شهرية غذائية وعينية ومادية لبعض أُسر الأيتام والمساعدة في زواج الفتيات اليتيمات، وذلك عن طريق جمع البلاستيك والزجاج والورقيات والأقمشة وبيعها لصالح أسر الأيتام بدلاً من إلقائها في القمامة، وذلك وفقًا للتصنيف التالي:

الورق (جرائد- كتب- كراسات- مجلات.. أي أوراق لا قيمة لها).

الزجاج (زجاجات الصلصة- الكاتشب- المشروبات الغازية والعصائر- الأدوية).

البلاستيك (زجاجات المياه- الزيت- الخل- سوائل التنظيف- الشامبو- أي عبوة بلاستيكية- جراكن وجرادل الصابون والجرادل والأطباق البلاستيك، والكراسي المكسورة، ولعب الأطفال).

علب (الزبادي- الجيلاتى- الحلاوة الطحينية- الفول- الكشري)، مع ملاحظة غسلها حتى لا تتعفن الفضلات بداخلها لحين بيعها.

الأقمشة (أي ملابس أو مفروشات أو منقولات يمكن الاستفادة بها).

وفي نهاية الرسالة تقول المجموعة: "لا تستهينوا بهذا المجهود البسيط؛ لأن القليل مع القليل يكون كثيرًا، وتذكَّروا عند رميكم لهذه الأشياء في القمامة أنكم تَحرمون طفلاً يتيمًا من وجبة يأكلها".

ورق.. ورق.. ورق

نفس الفكرة تبنَّتها جمعية (صنَّاع الحياة) بالمعادي؛ حيث دعت أعضاءها والعديد من المصانع والشركات والمحلات التي تتخلَّف عنها كمياتٌ كبيرةٌ من الكارتون والأوراق ولا يتم استغلالها للتعاون معها في مشروع جمع الورق، وهو عبارةٌ عن مشروع خيري وقومي يقوم بتجميع الورق القديم المتواجد في المنازل، من ورق وكتب وكشاكيل وجرائد وكل ما هو ورقيٌّ في منازلنا أو في أماكن عملنا، وبدلاً من التخلص منه بالطرق العادية تقوم الجمعية بعد تجميع هذا الورق ببيعه للمصانع المتخصصة في إعادة تصنيعه، وبذلك يكون لهذا العمل فائدةٌ قوميةٌ.

المشروع أيضًا له فائدةٌ خيريةٌ؛ لأنه سوف يتم استخدام العائد منه في مشاريع خيرية أخرى، وتيسيرًا على المشاركين في المشروع وضعت الجمعية تليفونًا ليتصل بها من خلاله كلُّ من يرغب في التبرع بالأوراق المتراكمة لديه ليذهب إليه من يأخذها.

وحول بداية التفكير في المشروع تقول المشرفة على المشروعات بجمعية (صنَّاع الحياة): لقد بدأتْ الفكرة في الإسكندرية لدى إحدى الجمعيات، وكان الهدف إيجاد دخْل لها عن طريق جمع الورق، ثم تبنَّتْها العديد من الجمعيات والتي لم تهتم بجمع الورق فقط بل بجميع أنواع المخلَّفات.. أما نحن في (صنَّاع الحياة) بالمعادي فلا نجمع سوى الورق فقط؛ وذلك لأن أضراره أقل، وهو سهل في التخزين، والعائد منه أفضل، إضافةً إلى أنه لا يوجد منزلٌ في مصر لا يوجد به أوراق.

وتضيف: كانت نتيجة التفاعل مع الحملة أن قام أحد طلاب كلية هندسة المطرية بتخصيص صندوق في فناء الكلية ووضع عليه شعار الحملة، وبدأ الطلاب يضعون فيه المخلفات من الورق، ثم تأتي العربة التي ستذهب بكميات الورق لمكان بيعها لتأخذه مباشرةً، وبذلك نكون قد وفَّرنا مكان التخزين واستفدنا من كميات الورق التي كانت ستُرمى بلا فائدة.. نفس الأمر تكرر في العديد من العمارات؛ حيث تم تخصيص صندوق للأوراق لكل عدد معين من العمارات، وبفضل الله جمعنا كمياتٍ كبيرةً وبدأنا نتعاون مع الشركات التي يتواجد عندها كمٌّ كبيرٌ من الأوراق والكراتين الغير مستخدمة.

روبابيكيا!!

أما جمعية (بشاير) فهي الأخرى قد اهتمت بهذه الفكرة، فقد خَصصت عربةً لنقل المخلفات، وتم الاتفاق مع عدد من المدارس والجامعات الخاصة وبعض الشركات لحمل المخلفات منها، ثم تصنيفها وبيعها ليتم إعادة تدويرها، وهي بذلك قد ساهمت في تشغيل العديد من الشباب ووفرت لعدد من الأسر مصدرًا للدخل.

أما دار التربية- والتي وجَّهت تنبيهًا أيضًا لهذا الأمر- فتقول في رسالتها إلى محبي الخير:

 

 لُعَبْ الأطفال

"كل ما يزيد عن حاجة أي إنسان مهما كان بسيطًا أو كبيرًا سيفيد إنسانًا آخر في مكان ما"، ثم ضربت نموذجًا بالمخلَّفات أمثال "لعب أطفال سليمة أو مكسورة، أدوات منزلية سليمة أو مكسورة، أجهزة كهربائية قديمة أو لا تعمل، شنط أحذية، أدوات مدرسية وكتابية، كتب المدرسة القديمة الخارجية أو الكراسات القديمة، إيشاربات حجاب، قصاقيص الأقمشة والملايات والستائر وما إلى ذلك.. سرائر أنتريهات ترابيزات كراسي، وطبعًا ملابس سيدات ورجال وخصوصًا الأطفال".

 

أفكار الشباب لم تنتهِ، فقد يأتي اليوم وتتحول هذه المخلَّفات التي يجمعونها إلى مصنع، أو تتحول هذه الفكرة التي بدأوها إلى ثقافة عامة تمتلئ بها الشوارع، أو قد يأتي الغد بحال أفضل من حاضرنا، فتعالوا بنا ننتظر الغد.