حرب بقاء يخوضها يوميا نازحون أفغان ممن اضطروا لترك مناطقهم بسبب الحرب الأهلية الدائرة في البلاد، واللجوء إلى مخيمات في العاصمة كابول.
وبحلول فصل الشتاء، تتضاعف معاناة النازحين المتكدسين تحت خيام مهترئة نصبوها بأنفسهم، تبدو عاجزة عن ردع الرياح والأمطار الغزيرة، فيحاولون التشبث بالحياة عبر مساعدات يجود بها محسنون من حين لآخر.
ويضطر النازحون للكفاح بأنفسهم من أجل التمكن من مواصلة حياتهم بسبب عجز الحكومة الأفغانية عن رعايتهم، نظراً لقلة إمكاناتها المادية وغياب دعم المؤسسات التابعة للأمم المتحدة المعنية بشؤون اللاجئين. كما يعاني النازحون الذين فقدوا الأمل في مستقبل أفضل بتلك المخيمات من مشاكل عدة، أبرزها البطالة والفقر، وحرمان الأطفال من التعليم وعدم توفر الخدمات الصحية.

معاناة من شدة البرد
النازح سلطان محمد، يقيم في مخيم بمنطقة “ماركت ميفا” في كابول، ويقول إنه فر من منطقته بسبب الحروب، وقدم إلى مخيمات النازحين في العاصمة الأفغانية. ويشير في حديثه إلى صعوبة الحياة في المخيم مع اشتداد البرودة، مبينا أنهم أحياناً لا يتمكنون من النوم بسبب شدة البرودة، وأنهم يضطرون لارتداء ملابس ثقيلة أثناء نومهم لتقيهم البرد إلا أن الأطفال يمرضون رغم ذلك.
ويوضح “محمد” أن أكبر مشكلة يعانون منها هي نقص المواد الغذائية، وأنهم ينتظرون المساعدات من فاعلي الخير. ويتابع: “نعيش في خيام صنعناها من قطع القماش وسط الثلوج والأمطار في أيام الشتاء، ونقوم بإحراق قطع الورق المقوى من أجل التدفئة”.

أوضاع النازحين في أفغانستان
ووفق أحدث تقارير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة “أوتشا”، اضطر 375 ألف و800 شخص في أفغانستان لترك منازلهم لأسباب أمنية، وأصبحوا نازحين خلال أول تسعة أشهر من 2019. والعام الماضي، عاد أكثر من 400 ألف مواطن أفغاني يعيشون في الدول المجاورة إلى بلادهم.
وأفاد التقرير أن حوالي 9.4 ملايين شخص في أفغانستان يحتاجون للمساعدة، وأن 7.1 ملايين منهم بحاجة لمساعدات دائمة. وتشير سجلات وزارة المهاجرين في أفغانستان إلى وجود أكثر من 3 ملايين نازح حالياً في أفغانستان.
ويوضح التقرير أن 67 في المئة من النازحين اضطروا لترك مناطقهم بسبب الظروف الأمنية، بينما اضطر 33 في المئة منهم إلى النزوح بسبب الجفاف والكوارث الطبيعية. ويؤكد التقرير أن الجيش الأفغاني أصبح غير قادر على مواجهة حركة طالبان والمجموعات المسلحة المناهضة للحكومة مع انتهاء مدة مهمة حلف شمال الأطلسي “الناتو” عام 2014، وأن هذا الوضع أدى إلى زيادة موجات الهجرة الداخلية.
وطبقاً لوزارة المهاجرين الأفغانية، فإن غالبية المهاجرين يعيشون في مخيمات النازحين بالعاصمة كابول، نظراً لأن الوضع الأمني فيها أفضل نسبياً من المناطق الأخرى. والنازحون الـ23 ألفاً ممن يعيشون في مخيمات النازحين بكابول، مسجلون لدى الوزارة ويتلقون مساعدات، بينما يعيش الآلاف من النازحين في مناطق أخرى بمساعدات من محسنين.
وأعلنت الحكومة الأفغانية أنها ستهتم بأوضاع النازحين في البلاد، إلا أن هناك الكثير من الأشخاص لا يجدون احتياجاتهم من الطعام والمياه والمسكن. وفي السنوات الأخيرة، تفاقمت أوضاع النازحين في المخيمات، كما قلت المساعدات التي توفر لهم احتياجاتهم الأساسية. ولا يتمكن المقيمون في مخيمات النازحين من الحصول على الخدمات الصحية، كما لا يتلقى الأطفال تعليماً بالمخيمات.