كشفت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات عن اعتقال 150 محاميًا ومدافعًا عن حقوق الإنسان، خلال العام الماضي 2019، مشيرة إلى تعرض 30 حقوقيًّا ومحاميًا للإخفاء القسري، وتعرض 8 للإهمال الطبي، ووقوع 15 انتهاكًا ضدهم داخل السجون، بالإضافة إلى تعرض 6 حالات للاعتداء.
وقالت التنسيقية، في تقرير لها، إن “اعتداء رجال الشرطة على المحامين ونشطاء حقوق الانسان بات أمرًا عاديًّا، في ظل عدم تفعيل نصوص الدستور والقانون، وعدم تحقيق الضمانات المكفولة فيهما، حيث أصبح أفراد الأمن يستغلون سلطاتهم ويقترفون ما يشاءون من انتهاكات تجاه المواطنين والمحامين، وذلك بعد تيقنهم تمامًا من إفلاتهم من العقاب".
وتطرق التقرير إلى نماذج من الحقوقيين الذين تعرضوا للاعتقال، ومنهم: المحامية هدى عبد المنعم “عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان سابقا”، وعزت غنيم “المدير التنفيذي للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات سابقًا”، والمحامية آية عبد المنعم عبد الرحمن، والمحامي أحمد رمزي، والناشطة الحقوقية إسراء عبد الفتاح، والمحامي بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عمرو إمام، والمحامية هند محمد طلعت، والمحامي محمد الباقر، والمحامي إبراهيم متولي “مؤسس رابطة المختفين قسريًّا”، والمحامية ماهينور المصري.
إضراب العقرب
وأعلنت رابطة أسر المعتقلين أن أكثر من 300 معتقل في سجن العقرب دخلوا بداية الشهر الجاري في إضراب عن الطعام، احتجاجا على ممارسات إدارة السجن معهم، التي أدت إلى وفاة الصحفي والناشر محمود صالح، بسبب معاناته من البرد والإهمال الطبي داخل محبسه، كما توفي المعتقل علاء الدين سعيد، للأسباب ذاتها. وحسب الرابطة، فإن “المعتقلين طالبوا النائب العام بفتح تحقيق في أسباب وفاة الصحافي المعتقل في العقرب” موجهين الاتهامات إلى ضابط مباحث السجن محمد شاهين، بالتسبب في وفاته.
وقالت في بيانها: “بعد التعذيب والإخفاء القسري الممارس بحق أولادنا أثناء المراحل الأولى للاعتقال، ها هم منذ ثلاثة أعوام وهم محرومون من أشعة الشمس، ممنوعون من التريض والكافيتريا المصدر الوحيد للغذاء في هذا المكان البائس، تخللَت ذلك حملات مستمرة من تجريد للملابس والأدوية والمنظفات ولم يكتفوا بذلك، بل أهملوهم طبياً وأصروا على عدم الاستجابة لهم في محاولتهم للخروج إلى العيادات الموجودة في السجن حتى أصبح الموتُ يدق أبواب الزنازين كل لحظة”. وأضافت: “جوع وبرد ومرض وحرمان من الأبناء والزوجات فتوالى سقوط الشهداء نتيجة لهذه الممارسات”.
الحرائر يرفضن تسلم الطعام
وقبل أسبوعين، أعلنت معتقلات سياسيات في مصر رفضهن تسلم الطعام حتى تحقيق أربعة مطالب احتجاجا على ما يتعرضن له من إهمال طبي داخل سجن القناطر (شمالي القاهرة) على خلفية وفاة المعتقلة مريم سالم داخل السجن بسبب الإهمال الطبي المتعمد، حسب وصفهن.
وكانت مؤسسات حقوقية قالت إن مريم سالم (32 عاما) من سيناء، توفيت داخل محبسها في سجن القناطر في 21 ديسمبر الماضي في واقعة تعد الأولى من نوعها منذ صيف 2013
إدانات دولية
وطالبت 9 منظمات حقوقية مصرية مستقلة، في بيان، اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتفقد أوضاع السجون في مصر. وتضمنت قائمة المنظمات الموقعة على البيان، كلا من “المفوضية المصرية للحقوق والحريات” و”مركز النديم” و”مبادرة حرية” و”الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان” و”مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان” و”مركز بلادي” و”كوميتي فور جستس” و”مؤسسة حرية الفكر والتعبير”.
وأعربت المنظمات في البيان الذي حمل عنوان “أوقفوا برد الزنازين” عن “قلقها البالغ إزاء تصاعد أعداد الوفيات داخل السجون المصرية منذ مطلع العام الجاري، نتيجة استمرار سياسة الحرمان من الرعاية الصحية وتفاقم الإهمال الطبي للمرضى وكبار السن والتعنت البالغ في رفض دخول الأغطية والملابس الثقيلة في هذا البرد، فضلاً عن الممارسات غير الإنسانية والمعاملة الحاطة للكرامة والتعذيب ما يدفع المحتجزين للإضراب عن الطعام احتجاجًا، في محاولة أخيرة لرفع القليل من الظلم عن كاهلهم، على نحو يعرض حياة الكثير منهم للخطر”.
وأكدت أن “وفاة 3 محتجزين على الأقل في أسبوع واحد في 3 سجون مختلفة يدق ناقوس الخطر بشأن مئات من المحتجزين لا تصل استغاثتهم للعالم الخارجي، ينتظرون مصيرا مشابها، طالما بقيت السجون المصرية بمعزل عن الرقابة الحقيقية”. وجددت مطلبها لـ”اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتفقد أوضاع السجون في مصر، فضلاً عن السماح للمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية المتخصصة بزيارة جميع أماكن الاحتجاز”.
كما طالبت بـ”السماح لخبراء الأمم المتحدة وخاصة المقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب، بزيارة مصر، وتشكيل آلية وقائية وطنية من منظمات حقوقية مستقلة تتولى تنظيم زيارات غير معلنة لأماكن الاحتجاز لبيان أوضاعها”. وتابعت “في مساء الإثنين 13 يناير الجاري، توفي في سجن ليمان طرة، مصطفى قاسم (المصري الأمريكي) والمحكوم عليه بالسجن 15 عامًا في القضية المعروفة إعلامياً بفض اعتصام رابعة”.
وأوضحت المنظمات أنها “سبق وحذرت من الإهمال الطبي المتعمد لرئيس حزب مصر القوية عبد المنعم أبو الفتوح (68 عامًا) المحبوس انفراديًا منذ فبراير 2018 الذي يعاني من مشاكل في التنفس تسببت في تعرضه لأكثر من 6 ذبحات صدرية في محبسه الانفرادي، بالإضافة إلى آلام في المعدة ومشاكل في الظهر”.
وتابعت: “كما يعاني المدافع عن حقوق الإنسان إبراهيم متولي والمحتجز منذ 10 سبتمبر 2017 من إهمال طبي متعمد يهدد حياته رغم العديد من المطالبات المحلية والدولية بتوفير الرعاية الصحية له. كما تفيد التقارير بتدهور الحالة الصحية للصحافية والناشطة إسراء عبد الفتاح نتيجة إضرابها المتكرر عن الطعام بسبب تعنت النيابة في عدم إثبات ما تعرضت له من تعذيب أثناء القبض عليها وخلال فترة احتجازها”.
وحذرت أيضا “من تدهور الحالة الصحية والسلامة الجسدية للمحامي الحقوقي محمد الباقر والناشط والمدون السياسي علاء عبد الفتاح المحتجزين حاليًا في سجن طرة شديد الحراسة (سجن العقرب سيئ السمعة) لأكثر من 100 يوم”. وطالبات بـ”فتح تحقيق فوري حول ما تعرضا له وغيرهما في السجون المصرية من تعذيب وسوء معاملة داخل السجن والتعنت المفرط في حرمانهم من أبسط احتياجاتهم الإنسانية”.
وأكدت أنه “منذ وصول عبد الفتاح والباقر للسجن تعرضا لأبشع أنواع التنكيل، بداية من عصب الأعين والتجريد من الملابس والاعتداء بالضرب، كما عانى محمد الباقر من معاملة مهينة محتجزًا في غرفة إسمنتية بلا تهوية، لمدة تسعة أيام بالملابس نفسها، نائمًا على الأرض بلا أغطية، ما أسفر عن إصابته بآلام مبرحة في الظهر والكتف، والتهابات جلدية، وأملاح زائدة بالكلى نظرًا لحرمانه من المياه النظيفة، ومنعت إدارة السجن كلاهما من التريض والتعرض للشمس ما تسبب في إصابتهما بآلام بالمفاصل نتيجة الرطوبة الشديدة والبرد القارس وعدم الحركة، ناهيك عن التعسف الشديد فيما يتعلق بالزيارات والحيلولة دون إمدادهم باحتياجاتهم البسيطة من ملابس ثقيلة وأغطية أو أدوية وطعام وشراب نظيف”.
ولفتت إلى أنه “حسب تقرير حقوقي مشترك نشر نهاية العام الماضي، توفي 449 سجينًا في أماكن الاحتجاز خلال الفترة بين يونيو 2014 وحتى نهاية 2018 وارتفع هذا العدد ليصل 917 سجينًا (في الفترة بين يونيو 2013 وحتىنوفمبر 2019) بزيادة مفرطة خلال عام 2019 حسب آخر تحديث حقوقي، بينهم 677 نتيجة الإهمال الطبي، و136 نتيجة التعذيب”.