أعربت الأمم المتحدة اليوم عن قلقها إزاء الاشتباكات بين الجيش التركي وقوات نظام الأسد في إدلب داعية الطرفين إلى خفض التوتر في المنطقة, محذرة من تفاقم الأوضاع الإنسانية المزرية في مدينة إدلب السورية، وقالت إن 520 ألف مدني نزحوا بالمحافظة منذ ديسمبر 2019.

وقال ينس لاركيه المتحدث باسم المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية إن القصف المدفعي لنظام الأسد وداعميه والهجمات الجوية تسببت في معاناة كبيرة لسكان المنطقة.

وأضاف -في مؤتمر صحفي بجنيف السويسرية- أن المكتب سجل مقتل أكثر من 1500 مدني خلال الأشهر التسعة الأخيرة بالمحافظة.

وتابع "لم يبق مكان آمن في إدلب، القنابل تتساقط في كل مكان، وحتى الذين نجحوا في الفرار من أماكن القصف ليسوا بمأمن".

وقد تسبب استمرار الهجمات والقصف طوال الشهرين الأخيرين في نزوح المدنيين من مختلف مناطق المحافظة، حسب لاركيه الذي قال إن أكبر المشاكل هو التغذية إضافة إلى ظروف الشتاء الصعبة.

وأوضح أن ثلاثة ملايين مدني بالمنطقة في مأزق، نصفهم من الأطفال والكهول، كما يشكل نقص المساعدات مشكلة أخرى رغم الجهود المبذولة بهذا الخصوص من قبل المكتب والمنظمات المدنية الأخرى.

وحض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، النظام السوري على سحب قواته من محيط نقاط المراقبة التي أقامتها أنقرة في شمال غرب سوريا، مهددا باللجوء إلى القوة في حال لم يتم القيام بذلك.

وقال أردوغان في خطاب في أنقرة: “اثنان من نقاط المراقبة الـ12 التابعة لنا موجودة خلف خطوط النظام. نأمل في أن ينسحب إلى ما بعد مراكز المراقبة الخاصة بنا قبل نهاية فبراير, وإذا لم ينسحب النظام، فان تركيا ستكون ملزمة بالتكفل بذلك”.

500 ألف نازح

وعلى الصعيد الإنساني، قالت الأمم المتحدة إنّ أكثر من نصف مليون شخص نزحوا خلال شهرين من المعارك والقصف شمال غربي سوريا بسبب التصعيد العسكري، 80% منهم من النساء والأطفال.

وقال ديفيد سوانسون المتحدث الإقليمي باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأممي إن أعمال العنف شبه اليومية لفترات طويلة أدت إلى معاناة مئات الآلاف الذين يعيشون في المنطقة.

وتوجّه النازحون وفق الأمم المتحدة إلى مناطق لا يشملها القصف، خصوصاً المدن أو مخيمات النازحين قرب الحدود شمال غرب إدلب، كما انتقل عشرات الآلاف لمناطق عفرين وأعزاز شمال محافظة حلب المجاورة والتي تسيطر عليها فصائل المعارضة.

وتعد موجة النزوح الأخيرة من بين الأكبر منذ اندلاع النزاع عام 2011، وهي وفق سوانسون "تفاقم الوضع الإنساني السيئ أساساً على الأرض منذ نزوح أكثر من أربعمئة ألف شخص منذ نهاية أبريل حتى نهاية أغسطس.

ومنذ ديسمبر الأول الماضي، تصعّد قوات النظام بدعم روسي حملتها على مناطق في إدلب وجوارها والتي تؤوي ثلاثة ملايين شخص وتسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وحلفاؤها، وتنتشر فيها فصائل معارضة أقل نفوذا.

وترسل أنقرة منذ أيام تعزيزات عسكرية إلى شمال غرب سوريا. ودخلت الأحد تعزيزات تعد الأكبر إلى المنطقة، تضم 240 آلية على الأقل من دبابات وناقلات جند وشاحنات، تمركز معظمها في محيط مدينة سراقب التي تخوض قوات النظام منذ أيام معارك في محيطها.

وفي مايو 2017، أعلنت تركيا وروسيا وإيران توصلها إلى اتفاق منطقة خفض التصعيد في إدلب، في إطار اجتماعات أستانا المتعلقة بالشأن السوري.

ورغم تفاهمات لاحقة تم إبرامها لتثبيت وقف النار في إدلب، وآخرها في يناير ، فإن قوات النظام وداعميه يواصلون شن الهجمات على المنطقة مما أدى لمقتل أكثر من 1800 مدني، ونزوح أكثر من مليون وثلاثمئة ألف آخرين إلى مناطق هادئة نسبيا أو قريبة من الحدود التركية، منذ 17 سبتمبر 2018.