في أسبوعها الرابع، شهدت "صلاة الفجر العظيم" انتشارًا كبيرًا في أماكن إقامتها في عدد من مدن الضفة الغربية، في فلسطين المحتلة، لتنضم مساجد في طولكرم وجنين ونابلس للمبادرة التي لاقت استجابة واسعة، بالإضافة إلى الصلاة في المسجد الأقصى في القدس، والحرم الإبراهيمي في الخليل. وقد أمّ آلاف المصلين تلك المساجد، وسط تفاعل واضح على منصات التواصل الاجتماعي.

ومنذ أكثر من شهر، تشهد مساجد في الضفة الغربية، إقبالاً على صلاة الفجر كلّ يوم جمعة، استجابة لدعوات أطلقها ناشطون لمبادرة "صلاة الفجر العظيم" من أجل إعمار المساجد بالمصلين ومناصرة المسجدين الأقصى والإبراهيمي اللذين يتعرضان لاعتداءات من الاحتلال.

وسبق هذه المبادرة، مبادرةٌ في الأقصى والإبراهيمي لإعمار المسجدين بالمصلين. ولم تعد المبادرة تقتصر على مسجد واحد في المدينة نفسها، بل انضمت مساجد أخرى، كما جرى في نابلس، شمالي الضفة الغربية، تحديدًا، إذ أدى نحو خمسة آلاف مصلٍّ، صلاة الفجر في مسجد النصر بالبلدة القديمة من نابلس، وهو العدد الأكبر منذ انطلاق الحملة، فلم تتسع أروقة المسجد الضخم، إذ صلى الناس في الساحة الخارجية التابعة له، وفي الأزقة القريبة. وبعد الصلاة، تبرعت شركات ومواطنون بتقديم الحلويات، تحديداً الكنافة النابلسية، والتمور، والمياه المعدنية للمشاركين.

وامتلأ مسجد عباد الرحمن، في مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين، شرقي نابلس، وهو أكبر مساجد المخيم، بالمصلين بالكامل. ومن هناك، يقول الناشط محمد أبو رزق، أحد القائمين على حملة "صلاة الفجر العظيم" في المخيم: "التفاعل مع أبناء المخيم والمناطق المحيطة كان رائعًا، إذ أمّ الصلاة الآلاف تضامناً مع ما يتعرض له المسجد الأقصى المبارك والحرم الإبراهيمي في الخليل، من مضايقات من الاحتلال الصهيوني والمستوطنين" مؤكدًا: "هذه سنّة طيبة، سنواصل في الأسابيع المقبلة، وسنشجع الكلّ بالانضمام إلينا".

في المسجد الجديد في مدينة طولكرم، شمالي الضفة الغربية، شارك مئات بأداء صلاة الفجر العظيم، لأول مرة، بعدما انطلقت الدعوات للمشاركة فيها حديثًا، إذ يوضح الشيخ إياد ناصر أنّ "هذه الأعداد الغفيرة التي لبَّت الدعوة تؤكد الحب الكبير الذي يكتنز في قلوب الفلسطينيين لمسجدهم الأسير - الأقصى المبارك- وكذلك رفضاً لما يتعرض له المسجد الإبراهيمي من اعتداءات من الاحتلال والمستوطنين"، ويتابع: "لو أتيحت الفرصة، فإنّ مئات الآلاف من كلّ الضفة الغربية سيذهبون للصلاة فيها وإن مشيًا".

وفي مساجد عدة في جنين، شمالي الضفة، أقيمت صلاة الفجر، استجابة للحملة، خصوصًا في مسجد جنين الكبير بمدينة جنين، إذ يقول وزير الأسرى الأسبق، وصفي قبها، وهو من مدينة جنين: "لم أتمالك نفسي من البكاء وغلبتني الدموع وأنا أرى الشيب والشبان يقصدون مسجد جنين الكبير لأداء صلاة الفجر تلبية لدعوة الفجر العظيم". يتابع: "هذه الهمة العالية أكبر دليل على تشوق الفلسطينيين للحرية، واستعدادهم الدائم للدفاع عن المقدسات، هذه رسالة واحدة نرسلها للقيادة الفلسطينية أنّ الشعب حيّ، ومستعد للتضحية بكلّ شيء في سبيل العيش بحرية وكرامة".

من جهته، يقول الصحفي محمود محمود: "منصات التواصل الاجتماعي تتلقف كلّ ما ينشر من صور ومقاطع فيديو عن الفجر العظيم" مشيرًا إلى أنّه أنتج الأسبوع الماضي مقطع فيديو قصيراً عن صلاة الفجر في مسجد النصر في نابلس، فاقت مشاهدته نحو ثلاثمائة ألف مشاهدة في أول يوم من بثه. يضيف: "حتى إنّ صفحات يشرف عليها فلسطينيون مغتربون في العديد من الدول العربية وأوروبا وأمريكا طلبوا نشر الفيديو، وبعثوا بتعليقات عن شوقهم للانضمام إلينا في صلوات الفجر العظيم بمساجد الضفة".

احتشد الآلاف من المصلين لصلاة الفجر اليوم في المسجد الأقصى المبارك بالقدس المحتلة وعموم المساجد المركزية في الصفة المحتلة وقطاع غزة، تزامنا لفرض الرئيس والشعب الفلسطيني لمقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام فيما عرف إعلاميًا بـ"صفقة القرن".

وألقى أئمة المساجد كلمات تحث المصلين على بذل كل المجهودات المتاحة لمواجهة المحتلين والدفاع عن الأقصي والقدس، داعيين للتوحيد على كلمة واحدة لتحرير فلسطين.

كما قام بعض المواطنين بتوزيع المشروبات الدافئة والحلوة على المصلين لمواجهة الطقس البارد، وقدمت بعض المطاعم وجبات الإفطار مجانًا للمصلين، فيما ضجت مواقع التواصل تضامنا مع الفجر العظيم بنشر مقاطع الفيديو والصور عن الحشد الكبير الذي امتلئت بها مساجد فلسطين.

على الجانب الآخر حشدت القوات الصهيونية قواتها أمام المساجد للتضييق علي المصلين، الذين لم يعبئوا ورددوا  تكبيرات العيد والهتافات الوطنية.

واعتدى جنود الاحتلال الصهيوني بوحشية على المصلين الذين أدّوا صلاة الفجر في المسجد الأقصى المبارك اليوم الجمعة، تلبية لحملة "صلاة الفجر العظيم في الأقصى"، واعتقلوا عددًا منهم.

وأفاد الناشط المقدسي علاء الحداد، في حديث صحفي، بأن قوة كبيرة من جنود الاحتلال حاصرت العشرات من المصلين في منطقتي باب الأسباط وباب حطة، وشرعت بالاعتداء على المصلين بالدفع والضرب؛ ما أدى إلى إصابة عدد منهم، بينهم نساء جرى دفعهنّ بقوة على الأرض.

وتابع الحداد أنه لدى تدخل عدد من المصلين اعتُدي عليهم أيضًا، فيما اعتقل جنود الاحتلال ثلاثة شبان على الأقل، واقتادوهم بقوة إلى أحد مراكز الاحتلال في باب الأسباط.

وكان الآلاف من المصلين أدوا صلاة الفجر العظيم في المسجد الأقصى، على الرغم من إجراءات الاحتلال بعرقلة وصولهم، حيث اعترضت حواجز شرطية حافلات من داخل فلسطين المحتلة عام 1948 على مداخل القرى والمدن والبلدات هناك، ومنعت ركابها من مواصلة الطريق نحو القدس والأقصى، في حين استبدل العديد منهم تلك الحافلات بمركبات خاصة.

وعلى أبواب البلدة القديمة من القدس والمسجد الأقصى، اعترض جنود الاحتلال عشرات المصلين من الشبان، واحتجزوا بطاقاتهم الشخصية بما في ذلك بطاقات بعض النساء، فيما أدى عدد من المبعدين والمبعدات الصلاة على أبواب المسجد الأقصى.

وكانت مواجهات عنيفة وقعت بين الشبان وجنود الاحتلال في عدد من أحياء البلدة القديمة، خصوصًا في حارة السعدية ببلدة القدس القديمة، بعد أن أمطر الشبان جنود الاحتلال والمستوطنين بالمفرقعات النارية.