نزحت معلمة اللغة العربية أحلام الرشيد مع عائلتها من منزلهم في معرة النعمان في محافظة إدلب نحو الريف، وذلك قبل أكثر من سبع سنوات، وأسست تدريجيا "بيتا جديدا" هناك، لكنها اليوم تخشى من النزوح مجددا هي وآلاف من أبناء وبنات منطقتها، خاصة مع تكثيف الاستعدادات العسكرية في الشمال السوري.

تقدّم قوات الحكومة السورية باتجاه إدلب وسيطرتها مؤخرا على أكبر مدنها تباعا دفع بمئات الآلاف للهرب نحو الريف الشمالي على الحدود مع تركيا.

تقول أحلام، التي تعمل مع منظمة محلية في مجال حماية المرأة، إن مشهدا رأته في الطريق دفعها لأن تصور فيديو وتشاركه على صفحتها على فيسبوك - مثلها مثل عدد قليل من النساء اللاتي لجأن أيضا إلى تصوير فيديوهات ونشرها رغم أن هذا الأمر قد لا يكون سهلا أو مقبولا في ظل ظروف المنطقة.

"لا لم أعتد بعد كل هذه السنين رؤية كل هذا. شاهدت في إدلب مؤخرا ما لم أتخيل يوما رؤيته يوما. كل يوم أرى شيئا جديدا. رأيت امرأة في حالة مخاض، كانت في الشارع تتنقل مع زوجها وأطفالها بدراجة ذات ثلاث عجلات.. دراجة قديمة جدا. ثم سحبتهم سيارة بحبل لأنهم لم يتمكنوا من الاستمرار بالتحرك".

 

وتوضح أحلام ذلك "منذ بداية شهر فبراير ونحن نلاحظ دخول الحشود العسكرية التركية من خلال المعابر إلى محافظة إدلب وريفها. لكن حتى الإعلاميين والمثقفين لا يعرفون ماذا يدور على طاولة السياسية. الكل مغيّب. نرى الحشود التركية وأرتالا ذات أعداد هائلة لكن لا نعرف إن كان هذا يبعث على الاطمئنان. لا نعرف ماذا يدور حولنا".

وتضيف: "الناس في ريف حلب ينزحون نحونا بسبب القصف. والحدود التركية مغلقة في وجوهنا. مستحيل لأي شخص الاقتراب إذ سيطلق عليه النار فورا باعتباره لاجئا غير شرعي".

مخاوف مشابهة على حياة المدنيين تحدثت عنها ناشطة من إدلب في فيديو مصوّر انتقدت فيه سياسيي المعارضة "بدي قول كلمة لمن وقع على (اتفاقي) سوتشي وأستانة: وقعتوا على الاتفاق.. خبروا هالمليون مدني، إدلب بخير أم مانا بخير. رح يوصل النظام ولا مارح يوصل. وعلى شو وقعتوا".

 

 

وتناقلت وسائل الإعلام مؤخرا أنباء عن وفاة أطفال نازحين في ريف إدلب جراء الصقيع هناك، ونقلت وكالة رويترز عن موظفي إغاثة أن "عشرة أطفال توفوا في الأسبوع المنصرم وحده في مخيمات مؤقتة تتناثر على منطقة الحدود".

تحكي أحلام عن ثلاثة من هؤلاء الأطفال الذين ماتوا من البرد: واحد في مخيم دير حسان؛ وطفل في مخيم أطمة، وطفلة في عفرين "حملها أبوها إلى المشفى لكن عندما وصل وجدها ميتة".

أما عن الطفل الذي توفي من البرد في أطمة، تقول أحلام، "قال الجيران إن أهله كانوا يشترون بألف ليرة (أقل من دولار) ثياب بالة ويحرقوها. إن لم يكن معهم ألف ليرة فلا تدفئة".

وتنقل ناشطة أخرى وضع النازحين في أحد المخيمات أثناء عاصفة ثلجية.

 

وتشرح أحلام أن الناس موجودون بالعراء وأن الكارثة أكبر من قدرة المنظمات الدولية والمحلية العاملة في المنطقة؛ فهناك ضغط سكاني مع قلة موارد وخدمات.

"لم تجهز مخيمات حديثة، هناك جهود شخصية فقط لنصب عدد من الخيم. الوضع مأساوي. عدد من المنظمات يقدم نحو 120 دولار للعائلة شهريا، لكن الغلاء هائل، وهناك نقص كبير بأمور أساسية كحفاضات الأطفال والعجزة".

وتتحدث عن "ضعاف النفوس" في مثل هذه الأوقات: "نعم هناك بعض ضعاف النفوس لدرجة لا تصدق.. حولوا أجرة البيت من 100 دولار للبيت، إلى 100 دولار للغرفة. أجرة قبو ذو رائحة عفنة وصلت إلى 100 دولار.. والناس لا تملك شيئا".