لا يبالين بهذا الوباء حيث يعتقدن بأن الموت من إصابة كورونا هو أسهل بكثير من موت في مراكز الحراسة والاحتجاز بسبب القانون المذكور وعملية سجل المواطنين المقترحة في عموم الهند، رغم مايواجه العالم ومعه الهند وباء كورونا وتتخذ الحكومة الهندية ما في وسعها من خطوات وتدابير لمواجهة الجائحة ولكن المتظاهرات الهنديات ضد قانون الجنسية المثير للجدل.

تعتبر منطقة شاهين باغ في شمال جنوب دلهي رمزاً لهذه التظاهرات في طول الهند وعرضها، وفرضت حكومة دلهي حظرا من تجمع خمسين شخص في مكان واحد ضمن تدابير احترازية لمنع تفشي الفيروس ولكن النساء هناك قمن بمواجهة هذا الحظر بأسلوبهن الفريد وجئن بخمسين سريرا ووضعنها حسب توجيهات الحكومة على مسافة متر واحد على الأقل، حيث حين الدخول في مكان التظاهرات يوجد هناك لافتات وإرشادات توعية وتدابير احترازية للتجنب عن إصابة الفيروس، إضافة إلى اهتمامهن بالأدعية الجماعية.

تظاهرات في شاهين باغ تدخل اليوم الأحد في يومها الـ99 وهو نفس اليوم طلب رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي فرض حظر تجول جماعي في كل البلاد ولكن النساء المحتجات خططن لتنفيذ هذه الأوامر مع البقاء على استمرار احتجاجاتهن.

ونقلت صحيفة "بزنس تودي" الهندية من إحدى متظاهرات رفضت ذكر اسمها بأن النساء المتظاهرات تواصلن احتجاجهن اليوم الأحد، حيث يجلسن في خيام صغيرة، مضيفة بأنه ستجلس امرأتان فقط في كل خيمة وتبقى كل خيمة على مسافة تزيد عن مسافة متر واحد على الأقل.

كما يوجد هناك عدد لابأس به من المتطوعين الطبيين في المخيمات ويصدرون إعلانات حول كيفية ممارسة الاحتياطات و يقدمون أقنعة للوجه ويوفرون مطهر اليد لكل من يدخل مكان التظاهرات.

كدت أحداث العنف الطائفية الأخيرة التي اجتاحت أحياء في العاصمة الهندية نيودلهي أن النساء والأطفال هم غالبية الضحايا في أي نزاع غالباً حسب مراسلة بي بي سي في دلهي غيتا باندلي.

وقد خلف العنف في شمال شرق دلهي أكثر من 100 قتيلا من المسلمين.

ويبدو المستقبل قاتماً بالنسبة للآلاف من النساء والأطفال المسلمين الذين باتوا مشردين.

في قاعة واسعة مكتظة بمنطقة إنديرا فيهار يجلس على السجاد العشرات من النساء والأطفال الذين شردتهم أعمال الشغب، والعديد من الشابات يحملن رضعا، كما يوجد أيضا أطفال صغار وصبية يلعبون في مجموعات.

ويمتلك هذه القاعة رجل أعمال مسلم، وقد تحولت تلك القاعة إلى ملجأ لمن شردهم العنف الطائفي.

حقائق ومعلومات اساسية عن الهند

وكان الأطفال والنساء الموجودين في القاعة قد فروا من هجمات مجموعات هندوسية خارجة عن القانون اقتحمت منازلهم في شيف فيهار، وهي من أكثر المناطق المتضررة.

ويهيمن الهندوس على حي شيف فيهار الذي يوجد به أيضا عدد لا بأس به من المسلمين، وبالقرب منه يوجد حيان بهما أغلبية مسلمة هما شامان بارك وإنديرا فيهار.

ويفصل المنطقة ذات الأغلبية الهندوسية عن تلك ذات الأغلبية المسلمة شارع واحد. وقد عاشت الطائفتان في سلام لعقود ولكن الأمور تغيرت الآن تماماً.

وتقول نسرين أنصاري، وهي من اللائي هربن من منازلهن في شيف فيهار، إن المأساة بدأت الثلاثاء بعد الظهر عندما كانت النساء وحدهن في البيوت، في ما كان الرجال على بعد أميال في مكان آخر بدلهي يحضرون اجتماعاً.

وقالت أنصاري:” رأينا عدداً يتراوح بين 50 و60 رجلاً لا نعرفهم ولم نراهم سابقاً، قالوا إنهم جاؤوا لحمايتنا وطالبونا بالتزام منازلنا”.

وبينما كانت تراقب وأخريات من النوافذ والشرفات ما كان يحدث أدركن أن هؤلاء الرجال لم يحضروا لحمايتهن.

وأظهرت لي مقطع فيديو التقطته من نافذتها يظهر أولئك الرجال الذين كانوا يرتدون خوذات ويحملون عصيا خشبية.

وتقول أنصاري إن الرجال كانوا يهتفون بشعارات هندوسية مثل جاي شري رام “يحيا الإله رام”، ويتلون سطورا من هانومان تشاليسا وهي ترنيمة تمجد قدرات هانومان الإله القرد.

وتقول والدتها نور جيهان أنصاري إن جارة مسلمة اتصلت بها وأبلغتها أنه تم إحراق منزلها.

وأضافت قائلة: “ومن نافذتنا كان بوسعنا مشاهدة منزل وصيدلية جار مسلم آخر يحترقان”.

ومضت تقول إن المهاجمين أتلفوا المحول الكهربائي وعندما حل المساء غرقت المنطقة في الظلام.

وتابعت “سرعان ما اندلعت الحرائق في كل مكان حولنا، لقد كانوا يلقون قنابل مولوتوف واسطوانات الغاز على متاجر ومنازل المسلمين ولم يلحق أي ضرر بمنازل الهندوس، لم نعتقد أبدا أن شيئا كهذا سنمر به، خطؤنا الوحيد أننا ولدنا مسلمين”.

وتقول نسرين إن النساء أتصلنا بالشرطة عشرات المرات “وفي كل مرة أكدوا لنا أنهم سيأتون في غضون خمس دقائق”.

وعند لحظة معينة، تقول نسرين إنها اتصلت ببعض أقاربها وقالت لهم حرفيا: “لن نبقى على قيد الحياة الليلة”.

وأخيرا تم الإنقاذ في الساعة الثالثة صباحا، بعد 12 ساعة من بدء حصار المنازل، عندما وصلت الشرطة بصحبة رجال من شامان بارك وإنديرا فيهار.

وتقول نسرين:”لقد فررنا بحياتنا بملابسنا فقط، ولم يكن لدينا الوقت حتى لارتداء أحذيتنا”.

وروت نساء أخريات في الملجأ قصصا مشابهة لما تعرضن له في تلك الليلة.

وتقول شيرا مالك، البالغة من العمر 19 عاما، إنها وأسرتها لجؤوا إلى بيت أحد الجيران “لقد علقنا وانهالت علينا الحجارة والقنابل الحارقة من الخارج”.

وتحدثت العديد من النساء عن أن ممارسات المهاجمين كانت أقرب للاعتداءات الجنسية، حيث نزعوا أوشحتهن ومزقوا ملابسهن.

وروت أم لطفل عمره عام وهي تبكي كيف مزق ملابسها عدد من الرجال الذين هاجموا بيتها.

وقالت امرأة أخرى في الثلاثينيات من العمر إن السبب الوحيد لبقائها على قيد الحياة هو مساعدة جيرانها الهندوس.

وأوضحت: “قال الجيران للغوغاء إنها واحدة منا، ولا توجد نساء مسلمات هنا، وعندما غادروا ساعدني الجيران على الفرار”.

وكانت أحداث العنف قد اندلعت مساء الأحد الماضي عندما وقعت صدامات محدودة بين مؤيدي ومعارضي قانون الجنسية الجديد المثير للجدل على بعد كيلومترات قليلة من شيف فيهار.

وخلال ساعات انتقلت عدوى الاشتباكات إلى أحياء أخرى من بينها شيف فيهار وشامان بارك.

وتحمل شوارع المنطقة آثار العنف، في ما يقف العشرات من قوات شرطة مكافحة الشغب يراقبون الموقف لضمان عدم تجدد العنف.

ففي كل مكان حولك تشاهد حجارة ملقاة وإطارات ومنازل ومتاجر محترقة، علاوة على مسجد تم إحراقه أيضاً.

وفي الملجأ في إنديرا فيهار تقول النساء إنه ليس لديهن فكرة متى سيكون بمقدورهن العودة إلى بيوتهن.

وتقول شابانا رحمان إن أطفالها الثلاثة يسألونها باستمرار متى سيعودون إلى البيت.

وتضيف قائلة والدموع تنهمر من عينينها:”لقد تم احترق منزلي على يد الغوغاء، أين نذهب الآن؟ ما هو مستقبل أطفالي؟ من سيعتني بنا؟ لقد فقدنا كل وثائقنا”.

ويبعد بيتها، الذي سكنته لعقود في شيف فيهار، مسافة قصيرة يمكن قطعها سيرا على الأقدام عن الملجأ، لكن يبدو أن الهوة بينهما لا يمكن تجاوزها.

ورغم كل التحديات وعدم استماع الحكومة الهندية إلى مطالبهن، تؤكد النساء مواصلة التظاهرات حتى ترجع الحكومة الهندية عن تنفيذ قانون الجنسية وعملية سجل المواطنين المقترحة التي من المتوقع أن تسفر عن أزمة مهاجرة كبيرة لاتغطي منطقة جنوب آسيا فحسب بل تشمل الدول العربية والغربية على حد سواء.