الشهيد القسامي كمال إسماعيل حافظ كحيل، من الذين بايعوا الله عز وجل على المضي قدما في درب الشهادة، غير آبهين بوعورة الطريق، من حروب ونيران ولهيب العدوان، خرجوا من رحم هذه الأرض ممتشقين سلاحهم الطاهر في وجه أعداء الدين والوطن اليهود ومن والاهم.

وعرف عن شهيدنا القسامي أخلاقه العالية وتواضعه وحبه للآخرين، فكان طيب القلب حنونا عطوفا على أهل بيته بارا لوالديه، حريصا على إرضائهما وتوفير ما يحتاجان، تميز بروحه المرحة وتواضعه الشديد، وكان قلبه منبعا للحنان والدفء؛ وصدره يتسع الجميع الصغير قبل الكبير، يمسح هموم الآخرين ويشاركهم أحزانهم وأفراحهم.

وبينما يمضي 25 عاما على استشهاد القائد كحيل، لا يزال الشهيد حاضرا بأثره وجهاده، فهو من المؤسسين العسكريين الأوائل وصاحب البصمات الأولى للعمل الجهادي في كتائب الشهيد عز الدين القسام خلال الانتفاضة الأولى عام 1987م.

المولد والنشأة

ولد القائد كحيل في حي الرمال بمدينة غزة في عام 1961م، ونشأ في مسجد العباس،  بدأت خطوات كمال الأولى مع بيت الله وسارت حياته الأولى بشكل طبيعي أنهي دراسته الإعدادية ثم عمل في مهنة سمكرة السيارات ثم تزوج ورزقه الله ثمانية أبناء ولكن كل شي تغير يوم انطلقت الانتفاضة المباركة والتحق كمال فورا بمجموعات حماس الشبابية المنتشرة في كل مكان تسطر خطوطها على الجدران وتشعل الإطارات وتنفذ فعاليات الحركة على أرض الواقع.

أما في المواجهات اليومية مع قوات الاحتلال فكان كمال العلم الأوحد يقارع اليهود بكل مكان لا يهدأ له بال ولا يقر له قرار تراه والرصاص يلاحقه في كل مكان تعتقد أنه استشهد أو أصيب وبعد ذلك تجد المعطف الذي يرتديه مثقوب غير أن كمال بخير ويد القدر تعد كمال لمهمة مقدسة يستحق الرجال مثله أن يؤديها.

ترى كمال دائم الجاهزية مستعدًّا للانطلاق في كل لحظة وكان يختار دائماً أخطر المناطق كي ينفذ فعالياته هناك.

مع الكتائب

في عام 1992 انضم الشهيد كحيل إلى كتائب القسام وشكّل مجموعات خاصة وكان على قدر من المسؤولية بتوليه مسؤولية كشف عملاء الاحتلال وردعهم.

كما تولى قيادة الكتائب شمال قطاع غزة ورَبط خطوط الاشتباك مع العدو وعزز التنسيق مع المجموعات القسامية بمخيم النصيرات وسط القطاع لتنفيذ العمليات.

واشتدت مطاردة الاحتلال للقائد كحيل بعد ثبوت صناعته للعبوات الناسفة التي نفذ بها الاستشهادي أيمن عطا الله عمليته، والاستشهادي ضياء الشرفا قبل تفجير سيارته، وأسماه الاحتلال "المطلوب الأول في قطاع غزة".

خبير العبوات الناسفة

في تلك الأثناء كان كمال قد بدأ يتخصص بإعداد العبوات الناسفة فأعد عبوة ناسفة خرج بها الاستشهادي أيمن عطا الله ، وبينما كان الاستشهادي ضياء الشرفا يستقل سيارته المفخخة بيد كمال ولم يحدث الانفجار واعتقل ضياء وقاد التحقيق إلى كمال الذي بدأت من اللحظة مطاردته العلنية.

وافتتح كمال صفحة جديدة لم تكن غريبة عنه بل كان ينتظرها وهو يري ياسر وطارق وكافة المجاهدين يتنقلون في الطرقات ويبثون الرعب في قلوب أعداء الله ، كم كان يرغب في بث الرعب وفي أثناء رحلة المطاردة شارك في أكثر من خمس عمليات من بينها إطلاق نار على جيب للشرطة الصهيونية في غزة وبعد كل عملية يزداد ضغط جيش العدو على آل كحيل لاعتقال كمال وفي كل مرة يحطمون أثاث المنزل ويعبثون فيه فسادا وقد وصفته الصحف الصهيونية أكثر من مرة بأنه المطلوب رقم واحد في قطاع غزة.

عمليات متعددة

ونسبت له هجوما قتل فيه مرون سوفل في أغسطس 1994 في منطقة كوسوفيم في قطاع غزة والمشاركة في هجوم على قوات العدو عند مفترق نتساريم في نوفمبر 1994 وقتل فيه الجندي نيل ادوين كما نسبت له المخابرات الصهيونية أنه شارك في قتل ما لا يقل عن 20 متهما بالتعاون مع السلطات الصهيونية كما وصفته الصحافة انه مطلوب خطير للغاية اعتاد على التنقل وهو يلف حزاما ناسفا حول خاصرته.

كانت الخيارات جميعها مفتوحة بالنسبة له الذي رفض كل خيار عدا الشهادة رفض الخروج وكان رده دوما الجهاد في فلسطين هدفي من المطاردة ولن أخرج أبدا حتى النصر أو الشهادة و أنني مستعد لإعداد عبوة ناسفة أفجر فيها نفسي في جمع من الصهاينة ولا أفكر في مغادرة غزة التي أعشقها.

رفيق المجاهدين

عاش شهيدنا القائد مع العديد من المجاهدين والشهداء القساميين أبرزهم الشهيد القائد عوض سلمي "أبو مجاهد" حيث نفذ برفقته العديد من العمليات العسكرية أبرزها عملية برج المراقبة في السرايا والتي أسفرت عن مقتل جنديين صهيونيين ، والقائد الشهيد إبراهيم النفار ، والشهيد طارق دخان، والشهيد ياسر الحسنات، والقائد الكبير محمد الضيف، المجاهد نضال دبابش، الشهيد حاتم حسان، الشهيد سعيد الدعس، وغيرهم الكثير.

في عهد الحكم الذاتي

بقي كمال يعيش حياة المطاردين حتى قدمت السلطة الفلسطينية وتغيرت الحياة وتبدلت وبقيت حياة كمال كحيل كما هي مطاردة وكم قدم العملاء الشكاوي الكيدية ضده خاصة بعد الاتفاق على ترك ملاحقة العملاء للسلطة الفلسطينية.

و كان للشهيد كمال رحمه الله شرف العمل مع الكثيرين ممن سبقوه في درب الشهادة من قادة و مؤسسي الجناح العسكري لحماس ، و كان آخرهم الشهيد المهندس يحيي عياش أحد أبرز قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام أثناء تواجده في غزة ، و عمل إلى جانبه و خططا معا عشرات العمليات الاستشهادية و المقاومة ، و يقال إن الانفجار الذي أسفر عن استشهاد كمال كان يهدف لتصفية كلا القائدين إلا أن إرادة الله حفظت المهندس من كيد الظالمين .

كان يعيش حياة المطاردين بكل حذر وقوة وتسري روحه الوثابة بين إخوانه بكل عزم ومضاء فنشأت مجموعة مقاتلة خاصة تابعة لكتائب الشهيد عز الدين القسام كانت تري في كمال النموذج الأروع للتضحية والفداء فالتفتت حوله تتعلم من خبراته وتتعاون معه .

وفي هذا الوقت لم تتوقف محاولات المخابرات الصهيونية عن القضاء على كمال كحيل خاصة في ظل تواتر المعلومات من أكثر من شخص وقعوا في قبضة الصهاينة حول وقوف كمال ومسئوليته عن عدد من العمليات العسكرية .. كان أبو محمد في ذلك الوقت قد استقر به المقام في حي الشيخ رضوان وفي منزل الشهيد سعيد الدعس بالتحديد .

مطاردة وشهادة

لم تثن المطاردة الشهيد عن جهاده فاشترى السلاح من ماله الخاص ونفذ به برفقة المجاهدين العديد من عمليات إطلاق النار التي فاقت 50 عملية كان يعلن عنها عبر مكبرات المساجد.

ومن العمليات البطولية التي كان للشهيد دور فيها، قتل المستوطن مرون سوفل في أغسطس 1994 في منطقة كوسوفيم جنوب قطاع غزة، والمشاركة في هجوم على دورية للاحتلال عند مفترق نتساريم في نوفمبر1994 وقتل فيه الجندي نيل أدوين.

وفي الثاني من أبريل عام 1995 كان القائد كحيل على موعد مع الشهادة ليلقى الله بعد حياة زاخرة بالجهاد باغتياله بواسطة تفجير حقيبة مفخخة داخل شقة في حي الشيخ رضوان شمال غزة؛ ليرتقي مع رفاق دربه حاتم حسان وسعيد الدعس ونضال دبابش.