هنأ الأستاذ إبراهيم منير، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، الأمة العربية والإسلامية بحلول شهر رمضان الكريم.

وقال منير، في كلمة بثتها قناة “وطن”: باسم فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع، المختطف في سجون الانقلاب العسكري بمصر، أتقدم إليكم جميعا بخالص التهنئة بقدوم شهر رمضان المبارك، وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام والدعاء وصالح الأعمال”.

وتوجه منير بخالص الدعاء والرحمة لأرواح شهداء الحق على أرض الله، وإلى روح الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي الذي حافظ على أمانات دينه وشعبه حتى أتاه اليقين، كما قدم تحية إجلال وإعزاز في يوم ذكرى الأسير للثابتين الصامدين خلف أسوار الظلم والطغيان في كل مكان وإلى أسرى فلسطين الحبيبة والأرض التي باركها الله سبحانه وتعالى، الذين يتعرضون للقمع والتضييق، سائلًا المولى عز وجل أن يجمعنا بهم في يوم عز ونصر قريب إن شاء الله.

كما تقدم منير بالتحية إلى أسر هؤلاء جميع وإلى كل اللاجئين الذي أخرجوا من ديارهم وأرضهم بغير حق وهم يواجهون خطر الإبادة في عالم الشتات ويكابدون شظف الحياة على أيدي حكومات ظالمة مستبدة.

وأضاف منير: “الإخوة والأخوات مع نفحات شهر القرآن شهر غزوة بدر ونسائمه الإيمانية وارتفاع دعوات الصائمين الآملين في رحمة الله سبحانه وتعالى وعفوه، تأتي ساعات هذا الشهر الكريم وقد انجلت جائحة كورونا التي تعيش الدنيا كلها في هذه اللحظات تكاليفها وتداعياتها وقد عاد الناس كلهم إلى خالقهم وخالق الكون واليقين بأن لا ملجأ منه إلا إليه، وبما يحدث الآن من التسليم أمام هذه الجائحة بإعلان زيف مقولة ما لقيصر لقيصر وما لله لله التي سادت قرونا عديدة، أعطى البعض لأنفسهم فيها حق ملكية الأرض وإدارتها بعيدا عن توجيهات السماء لتأتي الحقيقة في لحظة تسليم واعتراف بالعجز جاءت بها صرخة رئيس الوزراء الإيطالي أمام انقطاع أسباب الأرض من علوم ودراسات وخبرات بشرية “لقد انتهى دورنا وجاء دور السماء” ويتبعه آخرون بعد أن خضعت قلوبهم للخالق عز وجل وتوجهت إلى السماء بيقين أن الكون كله يجري بأمره، وأنه رب الخلق جميعا على اختلاف أديانهم وأنسابهم وألوانهم، وأنها لحظة التوحد قد حانت في طرق بابه سبحانه فيطلبون من المسلمين رفع الأذان على أرضهم لعل التكبير يحمي الأرض ومن عليها من هذا الفيروس دون أن يشغلوا أنفسهم، هل هو من فعل البشر أم أنه من كيد الشياطين”.

وتابع: “وتأتي الثالثة مع تعدد جهود العلماء والخبراء بحثا عن دفع هذا البلاء وتلمس الحصانة منه ليهديهم بحثهم إلى أمر تغافلوا عنه لمدة أكثر من 1400 عام سيرا على نهج القيصر، وهو ما جاء به النبي خاتم الرسالات عليه الصلاة والسلام بالتحري في أداء العبادات بطهارة الجسد والملبس وجاءت الحصانة من توقي الأوبئة في أداء واحدة من أركان الإسلام الخمس حيث يكتسبها في الوضوء لأن صلاته المكتوبة خمس مرات يوميا، وفيها غسل الأيدي والوجه والاستنشاق بالماء، ثم جعلها بأمر الله تشريعا وقانونا للبشر بحديثه صلى الله عليه وسلم عن الطاعون “إذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها فرارا منه”، والتوقي منه بما تفرضه الدول الآن من إجراءات مثل التباعد الاجتماعي”.

وأردف: “تعيش الدنيا كلها الآن رجعة إلى الله سبحانه وتعالى تأخذ بأيدي من يقبل عليه سبحانه فيشرح صدره أمام هذه الخارقة للعودة التي لا يستشعر هداها إلا من ذاق حلاوة العبودية لله وحده سيذهب الفيروس بأمر الله قبل أن يعلن العلماء والخبراء أنهم قد سيطروا عليه في حاضر الدنيا ومستقبلها ليبقى قدر الله سبحانه وتعالى واضحا جليا بخوارق ومعجزات لا يملكها إلا رب الأرض والسماوات لا تأتي عبثا وتتواصل على طريق الإنسانية منها ما لا تعرفه ومنها ما تعرفه، وينساها الناس في زحام الصراعات التي تنسيهم تكاليف العبودية”.

واستطرد “في هذه الساعات التي يعيشها الناس فإننا نقف متبتلين أمام سورة الأنبياء مع قوله سبحانه وتعالى في أول آياتها “اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون” ثم قوله سبحانه وتعالى “كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون”، وهذا الموت الذي نراه الآن لا يستثني الكبير أو الصغير الحاكم أو المحكوم المرأة أو الرجل”.

ووجه منير 3 رسائل: الأولى إلى حكام الأمة المسلمة وقادتها وأولى الأمر فيها نذكرهم بالأمانات التي في أعناقهم فكلهم راع وكلهم مسؤول عن رعيته كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنه صاغ الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله هذه الرسالة التي نوجهها باسمه إليكم جميعا الآن “إن الله وكل إليكم أمر هذه الأمة وجعل مصالحها وشئونها وحاضرها ومستقبلها أمانة لديكم وأنتم مسئولون عن ذلك كله بين يدي الله تبارك وتعالى، ونقول لكم إن الأزمة الحالية دعت البعض إلى المناداة بتشكيل حكومة عالمية بديلا عن الأنظمة القائمة التي عجزت أمام كورونا وبدأت الأسماء تطرح أما رئيس وزراء بريطانيا الأسبق جوردون براون صاحب الدعوة فأين أنتم؟ وأين كياناتنا ومقوماتنا؟ وهل مقاصد الشريعة الخمس التي تشاركون كل فرد من شعوبكم المسئولية عنكم أمام الله سبحانه وتعالى وهل أديتم أماناتها قبل أن تأتي أقدار الله ويأتي معها حسابه؟ وهي الحفاظ على الدين والحفاظ على النفس وإقامة العدل والمساواة والرعاية الطبية وغيرها التي تحفظ النسل وتحفظ العقل والأمانة والشفافية التي تحفظهم، أسئلة تحتاج إلى إجابات لا تنتظر أيبقى كورونا وتبقى معه هواجس الموت والحياة والحساب أمام الله سبحانه وتعالى أم يذهب ويبقى الحال على ما هو عليه حتى تأتي الحكومة العالمية الجديدة لعل فيها المخرج”.

ووجه منير الرسالة الثانية إلى من نتشارك معه على كل مساحة من أرض الله سبحانه وتعالى التي أصبحت موطنا مشتركا ندعوه إلى العمل الوطني المشترك الذي يحقق الحرية والحياة الكريمة لكل من يعيش عليها في إطار الحق والعدل والمساواة وندعوهم إلى الحياة في ظل بيعة المدينة المنورة التي اعتمدها رسول الله محمد عليه وعلى أنبياء الله ورسله جميعا صلوات الله وسلامه ورسمت صورة لحياة جماعية ثانية سبقت كل وثائق الدنيا”.

والرسالة الثالثة جاءت إلى إخواننا وأخواتنا على كل أرض من أرض الله الذين أصبحت أمانات جماعة الإخوان المسلمين في رقابنا ورقابهم جميعا نذكرهم بما قامت به الجماعة في قرن مضى وما واجهته من عقبات وتحديات ومظالم لم تكن فقط على أعواد المشانق أو غياهب السجون أو ساحات المنفى والهجرة وإنما كانت أيضا في تحديات أفكار ونماذج أقامت كيانات ودول كاد لمعانها قبل أن تنهار أن يعصف بالأمة وبفضل الله بقيت الجماعة متمسكة بما بايعت عليه الله سبحانه وتعالى وبما رأته من صحيح الدين أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر وأداء واستماعا لواجب النصيحة والآن وقد اقترب القرن الأول من عمرها أن ينقضى ولم تضيع أو تبدل مع الاجتهادات في ساحات العمل الدعوي وفي ساحات البناء الداخلي في سماوات المحن والانتشار ومع كل هذا الفضل من الله وحده فلا ندعي فيها الكمال”.

وتابع: “أخطأنا وأصبنا وظللنا نسعى في كل مرحلة بعون الله سبحانه إلى ما يجمع الصف ويعمل على وحدته ومعنا وصية للإمام المؤسس عليه رحمة الله لصفات المسيرة إرادة قوية لا يتطرق إليها ضعف ووفاء ثابت لا يعدو عليه تلون ولا غدر وتضحية عزيزة لا يحول دونها طمع ولا بخل ومعرفة بالمبدأ والإيمان به وتقدير له يعصم من الخطأ فيه والانحراف عنه والمساومة عليه والخديعة بغيره، هذا النهج أوصل الجماعة بثبات إلى مشارف المائة الثانية بإذن الله وعلى مشارف هذه الأيام المباركة شهر الصيام وشهر القرآن وشهر الفرقان في بدر فإن الجماعة تنادي الجميع في كل المواقع والساحات إلى أداء أماناتهم وهي تفتح قلوبها وصدورها لمن صار معها على الطريق وباعدت الأحداث بينه وبين دعوته وما زال مؤمنا بفكرها وبرباط الأخوة في الله الذي يعصم من اهتزاز صفها حريصا على العمل في سبيله تعالى وهو مع هذا الركب ملتزم بنهجها ونظمها وقيم الأجيال التي سبقت ودماء الشهداء التي روت شجرة الدعوة وتضحيات الثابتين خلف قضبان السجون لنقف جميعا صفا واحدا قياما بواجب الدعوة إلى الله “.

واختتم منير قائلا: “تقبل الله منا ومنكم صالح أعمالنا ونصر ديننا وفرج كروبنا وكروب إخواننا وأخواتنا وكروب الأمة كلها ورحم شهدائنا وجمعنا جميعا تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله وكل عام وأنتم بخير”.

شاهد تهنئة نائب المرشد العام