الجميع يبحث عن سبب العثرة التي نعاني منها بعد انتصاف رمضان، لماذا بدأنا نقرأ القرآن متعجلين بدلاً من متدبرين؟، لماذا يبدو أننا نفقد أعصابنا بشكل أسرع؟، لماذا أصبحنا أقل حماسة مع أبنائنا في تربيتهم وتحبيبهم في رمضان والعبادة عمومًا؟، لماذا أصبح خشوعنا في الصلاة أصعب؟، سيبحث الكثيرون، وسيعتقدون الإجابة في رقم ما، أو تقصير ما، أو معصية ما، إلا أن العثرة الحقيقية ليست في ذلك كله، إنها عثرة الروح أن تجد طريقها سريعًا وأن تظل ترى هدفها لا تبعد نظرها عنه، كلما ابتعدت أعادها الحب والشوق قبل أن يعيدها العقل، إنها عثرة الروح، يصيبها الفتور، فتجلس وتكسل بدلاً من أن تجري وتبحث عن حبل وصلها، عثرة الروح التي تظن أنها قد تأخرت وأن الوقت الباقي لن يكفيها لتقوم من عثرتها!!

وهنا لا نريد فقط أن نُقِل عثرة الروح ولكن لنجعل العشر الأواخر نهضة ضخمة وقفزات تربوية لنا ولأبنائنا.

فلنغرسها..

"إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليفعل".

افعل، بغير الانشغال بالنتائج ولا الظروف المحيطة، كن مبادرًا بغير التراجع لما يحدث حولك، كن حتى النهاية، حتى القيامة!!، كن صاحب إرادة للنجاح سواء كنت سترى ذلك النجاح  أو لا..

هذا الدرس من أهم ما يجب أن تلتفت إليه ونحن نربي أنفسنا وأبناءنا لما بقي من هذا الـ(رمضان)، إنها تربية الروح التي تعلم بعقلها أن هذه الفسيلة ربما لا قيمة لها وقد قامت الساعة ولكنها ستزرعها لأنها ترى في ذلك حياتها وهدفها وروحها التي من أجلها خلقت.

• احك قصة قاتل الـ99 وتوبته وناقش مع أسرتك كيف أمر الله الأرض أن تطوي وادخله الجنة بنيته لا عمله، علينا أن نركز فيها على سيره وبحثه عن طريق للتوبة رغم أنه كان متأخرًا جدًّا!، وكيف أن الله أتم له خطواته إلى البلدة الصالحة بعد موته بطيه الأرض، ماذا لو كان قد يئس؟ ماذا لو كان قد قال لن يتقبل الله مني أبدًا؟؟

• ارفع قطعة قمامة واحدة في شارع مليء بها، سينظف حتمًا في النهاية أو تكون قد أديت دورك لا ترمِ قشرة لب حتى لو وجدتها ستسقط وسط ركام كبير يرميه الآخرون، اغرسها أنت ولا تهتم لموضعها من قمامات الآخرين.

• الاهتمام بالعمل والعبادة مع الأبناء خاصة في آخر اللحظات قبل الفجر وفي آخر يوم رمضان وحتى بعد الأذان، والاهتمام بالقيام اهتمامًا خاصًّا وشرح مفهوم العبادة في الغفلة والهرج.

• قصص للصغار عن الخير الذي يزرعه شخص وهو لا يعلم  وينقذ الكثيرين ومساعدة الغير والرجل يدخل الجنة في شجرة أزاحها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين والمرأة المومس تدخل في كلب سقته.

• ماذا لو؟ ليكن حديثًا دائمًا مع أبنائنا عن أثر القليل والضعيف والواحد وحده، مثلاً قطرة الماء الواحدة تشق الصخرة حال إصرارها (استعينوا بفيديوهات من الإنترنت).

• قصة الغلام والراهب وكيف جعل صبيًا الأمة كلها تسلم، ومصعب بن عمير في المدينة وقصص مثل أبو بصير وعبد الله بن الزبير وغيرهم.

• ما لا يدرك كله لا يترك كله، قاعدة مهمة لا بد أن نثبتها في قناعاتنا وأعمالنا، فمثلاً الورد القرآني الذي لن انتهي منه في رمضان على أي حال لا بد أن أقرأ منه ما استطعت (اعمل الذي تقدر عليه).

الآن..

إن تربية أنفسنا وأبنائنا على أن نسارع بالخير فلا نتأخر هي الاستجابة الطبيعية لأمره عز وجل "و سارعوا" وإن كانت المسارعة أمرًا عامًّا في كل وقت فإنها أمرٌ غاية في الحرج والأهمية في العشر الأواخر.

• رفع شعار (رمضان هذا العام لن يعود) كل يوم في العشرة أيام.

• تعود التوجه للصلاة حال الأذان بدون التخلف أي مرة حتى يتربى الأبناء أنها قاعدة لا تكسر، وفي المسجد للرجال والأولاد الكبار ونذكر أنفسنا بسعيد بن المسيب الذي كان يسبق المؤذن إلى المسجد أربعين عامًا لم يتخلف ولا يومًا ولا صلاة واحدة!!!

• "صل صلاة مودع/ صل كأنها آخر صلاة"، نقولها لأنفسنا وأبنائنا بين الحين والآخر في العشر الأواخر بدلاً من "قم لتصلي".

• لوحة صغيرة سوداء نكتب عليها بالأبيض تذكرة مثل "لا يتحسر أهل الجنة على شيء إلا.."، "عمرك خزانات فاجعلها الآن مليئة بما تحب أن تراه يوم تعرض يوم القيامة"، "من عاش على شيء مات عليه"، "الموت يأتي"، "لعلها آخر لحظة لك في الدنيا، الآن!.

• حديث النفس والأبناء بما يثير حماسها وقوتها ورغبتها، "يا نفس إلا تقتلي تموتي، يا نفس لتنزلن أو لتكرهن.. ما لي أراكِ تكرهين الجنة"، هل تريد أن تكون مع النبي وصحابته؟، تريدين العتق من النار؟، تريدين أن تكوني مستجابة الدعوة؟، تريد أن يحبك الجميع؟ ويجعل لك القبول في الأرض ويحبك أهل السماء؟

سبقك بها عكاشة!!

حين حدث النبي أصحابه عن السبعين ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب فبادر عكاشة قائلاً: "ادع الله أن أكون منهم" فكان رد النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت منهم"، بعدها قال صحابي آخر: "وأنا يا رسول الله" فقال له النبي (صلى): "سبقك بها عكاشة"!!

إن تلك دعوة وتحذير من النبي صلى الله عليه وسلم أن فاز من سبق، فنريد أن نحيي روح المبادرة والتنافس في أهم عشرة ليالٍ في العام، وهي تحتاج للكثير من المرح والتصميم.

• احك لأسرتك قصة عكاشة الذي نال هذه المرتبة بمجرد مسارعة في الطلب.

• مسابقات وجوائز، فنعلن أن الأسرة إن انتهت جميعها من مراجعة أو حفظ حزب من القرآن مثلاً في العشر الأواخر فستذهب إلى رحلة "كذا" في العيد.

• تنافس الزوجين في ورد القرآن أو القيام أو صلة الأرحام أو غيرها.. من يفعل أولاً؟؟

• مسابقة يومية لأفضل تفسير لآية من آيات القرآن وهدايا فورية معنوية أو مادية.

• وريقات صغيرة يعلقها الزوجان في غرفتهما مكتوب عليها "سبق المفردون"  و"أول من يدخل الجنة..".

• مسابقة يومية لأفضل عمل فردي تطوعي أيًّا كان.

• جدول محاسبة تنافسي تسابقي نصممه معًا.

• تجديد للنية وللعشر الأواخر  على لوحة كبيرة.

نقسمها لنصف علوي يكتب في وسطه بخط كبير "أريد..".

ويكتب كل أفراد الأسرة كل ما يريدون في الدنيا والآخرة في هذا النصف، ثم في النصف الثاني نكتب "كيف؟".

وتكتب فيه كل أفراد الأسرة كيف ينوون الحصول على ذلك بوسائل مثل الدعاء في السحر، في السجود والصدقة يوميًّا و(التصدق بـ50 قرشًا لأحصل على 5 جنيهات (مثلاً)، وحفظ اللسان واستحضار النية وهكذا.

اهزم الملل

الملل هو فقدان الاهتمام بما حولنا، وهو فتور يصيب النفس فيفقدها الحمية والحماسة لما تحتاج وتريد، ويكون بسبب النمطية والروتين، والغفلة عن جوهر الأمور والانشغال بمظاهرها، كما يكون بسبب عدم الشعور بأهمية الوقت وضياعه.. والإرهاق الجسدي يسبب الملل كذلك، تناسي الأهداف  من الأعمال والنية.

• لتفعل الأسرة كلها أمرًا جديدًا ولو كان بسيطًا، مثلاً حمل الإفطار وتناوله في أقرب حديقة للبيت أو على سطح البيت.

• تجهيز وتبادل النكات المرحة والأخبار الظريفة والذكريات المضحكة.

• طاعة تلتقي عليها الأسرة بشكل جديد، مثلاً توزيع تمرات وقت الأفطار تمامًا معًا في الشارع، صلاة ركعتين من التراويح معًا يوميًّا، قراءة ربع حزب من القرآن معًا جميعًا قبل الإفطار مباشرة، قصة يقصها فرد جديد يوميًّا من قصص الأطفال الأبطال في التاريخ الإسلامي مثلاً.

• ألعاب ترفيهية على مائدة الإفطار.

• تجديد أماكن الأثاث وخاصة السفرة ومكان الصلاة.

• مارسوا رياضة بسيطة مرحة معًا.