"قال جبريل: يا محمد من أدرك رمضان فمات.. فلم يغفر له.. فأدخل النار.. فأبعده الله.. قل آمين.. قلت آمين" (صحيح، رواه ابن خزيمة وابن حبان).

* (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (39)) (مريم).

* (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنْ السَّاخِرِينَ (56)) (الزمر).

* (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (31)) (الأنعام).
فإياك أن تكون من أهل الحسرة في رمضان!!.. ولماذا لا أحذرك مما حذرك منه رسولك صلى الله عليه وسلم فقال: "خاب وخسر.. خاب وخسر.. وفي رواية رغمت أنفه.. قالوا من يارسول الله؟ قال: من دخل عليه رمضان ثم انتهى ولم يغفر له" (الترمذي بإسناد حسن).

* لماذا كان سلفنا الأول يدعون الله عز وجل ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر بعد رمضان أن يتقبله منهم؟... إنه الخوف من الحسرة.

* إياك أن تكون من أهل الحسرة في رمضان فلا تذكر الله إلا قليلاً واستمع إلى رسولك صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: "ليس يتحسَّر أهل الجنة إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله تعالى فيها" (من رواية معاذ عند البيهقي والطبراني).

* وأزيدك من كلام سيد ولد آدم: "ما قام قوم عن مجلس لم يذكروا الله عز وجل فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان عليهم حسرة يوم القيامة" (رواه أبو داود والحاكم بإسناد على شرط مسلم).

وأظن الناس يعرفون ما هي المخلوقات التي تتغذى.. على الجيف!!.

ولو أرادوا رمضان لأعدوا له عدة

أخي الحبيب..

فرق بين الرجاء والتمني، فالرجاء ثقة بجود الرب جل وعلا ورحمته وكرمه مع العمل، والتمني ثقة أيضًا بجود الرب جل وعلا مع الكسل؛ فلا جد ولا اجتهاد.

* إياك من تضييع الأوقات؛ فنبينا صلى الله عليه وسلم يعلمنا فيقول: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" (رواه الترمذي)، والمقصود أن كثيرًا من الناس يضيع صحته وعمره في لاشيء ثم.. يندم بعد فوات الفرصة، ورمضان إنما هو وقت وعمر يمر ثم الحسرة والغبن بعد فوات الأوان؛ فاحذر ثم احذر.

إنها أيام معدودات.. يعني عددها محدود.. يعني ستنقضي سريعًا.. يعني أعد لها العدة.

وقفات

1) قال صلى الله عليه وسلم: "رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب" (رواه أبو هريرة عند ابن ماجة وحسنه الألباني).

2) قال صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".

أرأيت؟! صوم مع قول زور "وهو كل قول أو شهادة تخالف الحقيقة"؛ هو صوم يجلب لصاحبه الحسرة يوم القيامة؛ لأنه صوم مردود عليه.

وصوم مع عمل زور "وهو كل عمل يخالف الشرع والحق" هو أيضًا صوم بلا أجر وبلا فائدة؛ عياذًا بالله من ذلك.

3) إياك أن تكون من أولئك الذين ينادى جبريل في أهل السماء مرةً وأهل الأرض مرةً: "إن الله يبغض فلانًا فأبغضوه"!!!! يالله.. من هذا الذي أغضب الودود حتي يأمر أمير ملائكته أن يعلن اسمه ويعلن.. بغض الله له!! في كل أهل السماء وأهل الأرض. فاحذر ثم احذر! فتلك هي الحسرة الكبرى.

4) أخي الحبيب.. إذا أردت قدوة في عمل الخير فليكن أبا بكر؛ فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم يومًا أصحابه بعد صلاة الظهر: من منكم اليوم أصبح صائمًا؟ قال أبو بكر أنا يا رسول الله. قال النبي: من تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا يا رسول الله. قال النبي: من تصدق بصدقة؟ قال أبو بكر: أنا يا رسول الله. قال النبي: من عاد منكم مريضًا؟ قال أبو بكر: أنا يا رسول الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما اجتمعت في امرئ إلا دخل الجنة" (رواه مسلم من حديث أبي هريرة).

فهذا أبو بكر في ست ساعات ما بين الفجر والظهر قام بأربعة أعمال من أعمال البر وهو صائم، ولم يمنعه الصوم من أن يعين الناس، وأن يشيع ميتهم، وأن يتصدق على محتاجهم، وأن يعود مريضهم، وكل ذلك في أقل من نصف يوم.. إنها الهمة العالية. وقد فهم أهل العلم من ذلك أن الجمع بين الصوم والصدقة من موجبات الجنة.

يا قومنا.. أجيبوا داعي الله

إنها فرصة قد لا تعود مرة أخرى.. فنصيحتي إلى إخوتي: تعامل مع رمضان على أنه آخر رمضان وليكن صومك.. صوم مودع!!!، وحتى لو قدر الله عز وجل عليك أن يكون هذا آخر رمضان فإن رسولك صلى الله عليه وسلم يقول: "من ختم له بصيام يوم دخل الجنة" (صحيح رواه البزار).

صوم مودع

1) "عينان لا تمسهما النار أبدًا.. عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله" (صحيح الجامع) ورمضان شهر الدموع، دموع الندم ودموع الخشية.. فأكثروا منها.

2) "من صلى لله أربعين يومًا في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتب له براءتان؛ براءة من النار وبراءة من النفاق" (صحيح الجامع).

3) "من صلى الصبح في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين, كانت كأجر حجة وعمرة  تامة، تامة، تامة" (صحيح الجامع).

4) "يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلوا الأرحام، وصَلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام" (رواه الترمذي بإسناد صحيح).

5) "إن لله تعالى عند كل فطر عتقاء من النار وذلك في كل ليلة" (صحيح الجامع).

6) "إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين" (حسن رواه ابن حبان)، فإذا كان السحور عونًا على الصيام فما بالك بالصوم نفسه!.

7) "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل همٍّ فرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب" (رواه أبو داود).

8) "ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر" (رواه ابن حبان وصححه الألباني).

وأخيرًا.. يا من أعرضت عن الله: اعلم أن الله جل وعلا الذي لا تنفعه طاعتك ولا تضره معصيتك.. يفرح بتوبتك.. وها نحن الآن في شهر التوبة فمتى تتوب؟!

نعم يا إخوتي.. متى يتوب من لا يتوب في رمضان؟.. ومتى يعود من لا يعود في رمضان؟

ومتى يسعى العبد في فكاك رقبته من النار إذا لم يفعل ذلك في رمضان؟.. أليس من الحسرة والندامة أن يعفو الله عن مئات الألوف من التائبين ولا يعفو عنك أنت؟!

أخي الحبيب.. أنت لا تدري متى يأتيك ملك الموت، فاغتنم هذا الشهر؛ فلعله أن يكون آخر عمرك، فتموت لتدخل الجنة.. أما تاقت نفسك إلى الجنة ونعيمها وأشجارها وأنهارها وقصورها، والنظر إلى وجه ربك جل جلاله؟!!

أخي الحبيب.. أختي الفاضلة: أما سمعتم من قبل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك" (أخرجه البخاري)

فها هي أيام معدودات، من أخلص العبادة فيها لله جل وعلا دخل الجنة ونجا من عذاب النار، وخاب وخسر وتحسر وندم من علم أن الله فتح له أبواب الجنة في شهر رمضان ثم هو يعصي ربه ليكون من أهل النار!!!..

نسأل الله السلامة، ونسأله العون على الصيام والقيام وصالح الأعمال.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.