أيا شهرَ الصيام فدتك نفسي     تمهّل في الرحيل والابتعاد

أيا رمضانُ مهلاً لا تُعجِّلْ     ولا تؤذِن سريعًا بالبعـاد

فقد ذُقنا السعادةً في رحابك     وإنَّ غرامنا بك في ازدياد

وإنّي ما ارتويتُ وما شبعتُ     وما أتممت عندك جمعَ زادي

وأرجو أن أُعوِّضَ فيما يبقى     فأصحوَ بعد نومٍ من رقادي

ليالي العشر هلَّت فيها عفوٌ     فيا نفسي أَهِمِّي بالارتياد

وتوبي واطلبي قُربًا وصفحًا     وقولي العفوَ يا ربَّ العباد

*****

بقربٍ من كتاب الله صرنا     نُطوِّف بالهداية والرشاد

ونتلو من آيات الله وِردًا     فنحظى بالكثير المستفاد

بها حِكَمٌ بها أسس السعادة     لمن قد يستجيب من العباد

بها في كل أبعاد الحياة     علاماتُ الفلاح مع السـداد

بها بُرءُ العليل من الهموم     بها أملٌ بها رِيٌّ لصادي

فإن رُمنا السياسة والإدارة     وإن رُمنا الكرامة للبلاد

وإن رُمنا اجتماعاً في رُقيٍّ     وإن رُمنا النماءَ بالاقتصاد

وإن رُمنا التقدمَ في العلوم     ونهزم دائمًا كيدَ الأعادي

وإن رُمنا السعادة في المعاش     وإن رُمنا السلامة في المعـاد

علينا بما حواه كتابُ ربِّي     وسنة أحمد هو خيرُ هادي

*****

أيا رمضان تَجمعُنا بفـرحٍ     فنلقي الوصلَ بعد الابتعاد

وقد ذقنا التواصلَ والمحبة     وذقنا الاقتـراب مع الوداد

فعند الفطر يجتمع الأحبة     ويتسع الوعاءُ لذي الأيادي

وأطباقٌ تطيرُ مع الغروب     تُواسي أو تجاملُ أو تُهادي

وقبل الفجر ما أحلى السحور     إذا ما الفول فيه أو الزبادي

ترى الأطفال تبذل كلَّ وُسعٍ     لتُكملَ صومَ يومٍ باجتهـاد

يُدَرِّب نفسه صونَ الضمير     ببيت كان أو كان بنادي

وما أحلي التزاور والتسامر     ويَصدح بالمدائح صوتُ شادي

مساجد حَيِّنا مَلأى بخيـرٍ     بجمع الناس رائحِهم وغـادي

وعند غروب شمس اليوم تَلقى     إذا كاد المؤذن أن ينـادي

ترى الأطفال والشبان جاءوا     بتمرٍ من مزارعَ أو بوادي

تراهم إن أخذت التمر منهم     كأنك أنت تُعطي أو تُهادي

*****

تذكرتُ المعادنَ والسجايـا     تذكرتُ الأصالةَ في بلادي

تذكرت الشهامة والمروءة     تذكرت التعايش بالوداد

تذكرت الكرامة والبطولة     تصدُّ الغاصبين مع الأعادي

تذكرتُ المغول وقد أتونا     بأعدادٍ تُشَبِّه بالجراد

تذكرت اليهود وقد أقامـوا     بسيناء ولجُّوا في عِناد

تذكرت الكثيرَ مع الكثيرِ     فعزِّ عليَّ أحوال البـلاد

وقلتُ إذا اشتكى الشاكون يومًا     وشمَّتَ حالُنا فينا الأعادي

فذاك الأمر شيءٌ من عوارض     وهذا الأمر ليس بالاعتيادي

غشاءٌ من غيومٍ ذاهباتٍ     وتصنعه المظالم في بلادي

فمنها الزورُ يُشهدُ في انتخابٍ     ومنها الهونُ يُبذل للأعادي

غدًا ستزول مثل الريح تأتي     فتمحو ما تبقى من رماد

*****

أيا رمضان أيقظتَ الأماني     وداعبتَ البشارة في فؤادي

سأعقد بالإله هنا رجائي     هو المأمولُ وعليه اعتمادي

بأن الظلم يرحلُ لا يعودُ     فلا نبكي عليه بأيِّ وادي

وأنك قد تعود لنا قريبًا     فتلقى مصرنا خير البلاد

ويُنشد من يقول الشعر فينا     بلادي هذه فعلاً بـلادي

*****