كان الإمام قدوة في أهل بيته كما كان قدوة لغيره من الناس، حيث حرص على إشاعة التعاليم الإسلامية بين أهله، فجاء في إحدى الرسائل التي أرسلها لوالده أثناء عمله بالإسماعيلية: [سيدي الوالد.. الآن عرفت أن الأولاد إذا شعروا بالنظام في المنزل نظموا كل أعمالهم، ولذلك أرجو أن تنظموا المنزل نظاما حسنا، فمثلا تجعلون الصالة لسفرة الأكل وحجرة للجلوس والمذاكرة وحجرة لنومكم وحجرة لنوم محمد وعبد الرحمن، وتضبطوا مواعيد الطعام والنوم بقدر الإمكان].
كما كان البنا رب أسرة مثاليا فلم يقصر في رعاية أبنائه والعناية بهم والاهتمام بكل شئونهم فقد كان لكل ابن من أبنائه دوسيه خاص يكتب فيه الإمام بخطه تاريخ ميلاده ورقم قيده وتواريخ تطعيمه ويحتفظ فيه بجميع الشهادات الطبية التي تمت معالجته على أساسها وهل أكمل العلاج وكم استغرق المرض إلى آخر هذه التفاصيل، وكذلك الشهادات الدراسية ويدون عليها البنا ملاحظاته، وتروي ابنته الفاضلة ثناء "وكان عند عودته ليلاً إذا وجدنا نائمين يطوف علينا ويطمئن على غطائنا ويقبلنا بل يصل الأمر أنه كان يوقظ أحدنا ويصطحبه إلى الحمام.
كما كان يتابع كل ما يقرأه أبناؤه رغم مشاغله الدعوية وكان أسلوبه في تربية أبنائه هو التوجيه غير المباشر فعندما اشترى سيف بعض الروايات الأجنبية عن المغامرات لم ينهه عن قراءتها ولكنه أبدله خيرا منها مثل قصة الأميرة ذات الهمة وسيرة عنترة بن شداد وسيف بن ذي يزن وبعض روايات البطولة الإسلامية وسيرة عمر بن عبد العزيز. وفي شهور الإجازة الصيفية – كما تقول ثناء ابنته - والتي كان يقضيها مع الإخوانفي محافظات الصعيد والوجه البحري كان لا ينسانا أو يتركنا بلا رعاية بل كان يصطحبنا إلى بيت جدي وأخوالي بالإسماعيلية لنقضي أجازتنا هناك ونستمتع ونمرح حيث المزارع الخضراء والحدائق الغناء.
كما حرص على أن يتعرف على كل أهل زوجته وأقاربها وكل من له صلة رحم بها وكان يزورهم جميعا وكثيرا ما كان يفاجئ زوجته بأنه قد زار قريبها فلان اليوم.
وكان رحمه الله يعامل خادمته كأنها من أهل البيت حيث كان للخادمة مثل أولاده سرير مستقل ودرج مستقل.
كان الأستاذ البنا حريص في بداية حياته وقبل زواجه على قضاء العيد وسط أبوه وأمه وإخوته، حتى يشاركهم الفرحة ويدخل السرور عليهم بتواجده وسطهم، فعلي الرغم من انشغاله بالدعوة في بداية أطوارها وخاصة مسألة صلاة العيد في الخلاء بالإسماعيلية إلا أنه حرص على التوجه للقاهرة لقضاء العيد مع أبويه وإخوته وفي ذلك يقول: تحمس الجمهور للحق والسنة وأعلنوا أن الصلاة ستكون ظاهر البلد، وأعدوا المصلى لذلك فعلاً وكنت لا بد أن أحضر إلى القاهرة لأقضي العيد مع الأهل فيها.
فحضرت ليلة العيد ورتب الناس أنفسهم وصلى بهم الشيخ محمد مدين إمام مسجد العرايشية.
غير أن العيد - بعدما أنشأ جماعة الإخوان المسلمين، وأصبح عبء الدعوة عليه كبيرا – أصبح يقضيه في بلد شكل ليبلغ دعوته حتى أنه زار ما يقارب الـ4000 قرية ليبلغ دعوته، حتى أن المصريين الذين كانوا يعيشون في الخارج حينما عاد وبحث عن اسم قرية في الشرقية، فلم يستدل عليها، فأجابه أحد موظفي هيئة المساحة بأن يتجه إلى الشيخ حسن البنا ويسأله عنها فإن قال له هي موجودة فهى موجودة وإلا فلا، ولذا أخذت عليه الدعوة مجامع وقته، كما حرص على أن يشارك الإخوان في كل المناسبات الفردية والاجتماعية ، فهو يخطب الجمعة والعيدين ، ويصلي التراويح بهم في رمضان بختمه القرآن كاملة ، ويجري في كثير من الأحيان صيغة عقود الزواج لهم بنفسه ، ويدعو لأطفالهم بالدعاء المأثور ، حين يولدون ويشيع جنائزهم.
بل إنه ذكر ذلك حينما سأل كيف يجد الداعية الوقت لتبليغ دعوته في كل مكان: ، فأما توفير الوقت فقال : عندنا أجازه صيفية أربعة أشهر ، فالرحلات الطويلة نقوم بها فيها ، وعندنا أجازه نصف العام عشرة أيام ، وأجازه عيد الأضحى خمسة أيام ، وعيد الفطر أربعة أيام ، فما الذي يريده داعية بعد ذلك ، هل يريد بساط سليمان ليتصل بشعبه وجمهوره في الأقاليم؟
ويذكر الأستاذ عباس السيسي كيف كان الإمام البنا يحرص على لقاء أحبابه يوم العيد فيقول: بعد أن أدي الأستاذ المرشد صلاة العيد توجه إلي دار المركز العام القديم بالحلمية الجديدة، وتوافد الإخوان لتهنئته بالعيد، وجلست في زاوية من الحجرة الفسيحة أرقبه، فكان رحمه الله يستقبل كل أخ مسلما عليه باسمه أو كنيته بحرارة وابتسامته ويشير إليه ليجلس، ثم يتابعه بالسؤال عن صحته والاستفسار عن أحواله الشخصية التي كان يعرف الكثير منها حيث كان موضع ثقة الإخوان ومشورتهم.
وبعد صلاة الظهر انصرفنا وعاد إلى منزله بأمان الله، وهكذا كان يعيش الأستاذ بين الإخوان بكل حواسه ومشاعره.
حتى إن كثير من إخوانه ساروا على نهجه بل حينما واجهتهم بعض المتاعب كانتشار الأوبئة كانوا أول من يلتزموا بالتعاليم خاصة في صلاة العيد، يقول محمود عبدالحليم: انتشر وباء الكوليرا – كوباء كورونا الأن – في البلاد كان الناس يعيشون في خوف ، وتقطعت الصلات بين البلاد حيث أوقف سير قطارات السكة الحديد وغيرها من طرق المواصلات ، ومنع الانتقال من مكان إلي مكان حتى إنني حين أقبل العيد حاولت السفر إلي رشيد بالطائرة من أسيوط فقيل لي إن جميع الأماكن محجوزة لما بعد العيد بأسبوع فاستضافني في أيام العيد الأخ الكريم السيد محمد حامد أبو النصر في منفلوط.
كان الإمام البنا يعود لبيته إذا كان في المركز العام بعد الظهر ليلهو مع أولاده، ويشارك أهله فرحة العيد، وإذا كان على سفر يجوب المدن والقرى ليبلغ الدعوة كان والده يقوم مع أولاده مقامه.