أكثر من 60 ألف بريء حر يقبعون في غياهب الجب خلف قضبان حديدية وزنازين مظلمة.. منهم من قضى نحبه بالقتل والإهمال الطبي بينهم علماء وأطباء وقادة أبرزهم الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي والذي حلت ذكرى استشهاده الأولى هذه الأيام، وبعضهم بأحكام جائرة للعشرات التي نفذت دون أن تكتمل درجات التقاضي، ومنهم من ينتظر مع غياب أوجه الرعاية الصحيحة بتلك المقابر مدافن الأحياء في ظل تفشي وباء فيروس كورونا ورفض سلطات الانقلاب الإفراج عن المعتقلين.

الوفاة بالإهمال الطبي

لم يسلم من الوفاة نتيجة الإهمال الطبي لا الكبير ولا الصغير، فقد استشهد الرئيس محمد مرسي الرئيس الوحيد المنتخب ديمقراطيًا، بعد 6 سنوات من السجن اشتكى خلالها من سوء المعاملة والحبس الانفرادي وغياب الرعاية الصحية، وفي الجلسة الأخيرة سقط مغشيًا عليه في قاعة المحكمة قبل إعلان وفاته بعدها بساعات قليلة.

ويكاد لا يمر أسبوع دون وجود خبر في الصحف عن وفاة سجين بسبب هبوط في الدورة الدموية أو الإجهاد الصحي أو أزمة صحية، دون ذكر لتحقيقات أُجريت عن هذه الوفيات أو تفسير لتكرار أسباب الوفاة ذاتها كل عدة أسابيع.

ومنذ أيام أدان مركز الشهاب لحقوق الإنسان، وفاة المواطن ناصر سعد عبدالعال، 48 عاما، جراء ظهور أعراض فيروس كورونا عليه، أمس الأحد، بسجن تحقيق طرة، ليكون خامس حالة وفاة في مقار الاحتجاز خلال أسبوع واحد. وذكر المركز الحقوقي أنه بوفاة عبد العال، ترتفع وفيات هذا الشهر إلى سبع حالات، أحمد فتحي، أحمد يوسف، معوض سليمان، ناصر عبد المقصود، حسن زيادة ورضا مسعود.

وحذر المركز تداعيات ارتفاع حالات الموت بالإهمال الطبي بالسجون قائلا "تشير الوفيات إلى تصاعد خطير للإهمال الطبي المؤدي للموت داخل السجون المصرية، في ظل انتشار وباء كورونا، الذي سارعت بعض الدول للإفراج عن مسجونيها خشية انتشار الوباء بينهم، بينما ينتشر فعلياً داخل السجون وأماكن الاحتجاز بمصر، دون إجراء حقيقي لمواجهته ما يجعل أعداد وفيات المحبوسين مرشحة للزيادة".

يذكر أن  شهر مايو شهد ارتفاعًا كبيرًا في وفيات الإهمال الطبي داخل السجون، في ظل تفشي جائحة كورونا، ووسط تحذيرات الأوساط الطبية والحقوقية، وإهمال سلطات الانقلاب. 

افتقار المعايير الصحية

وبحسب تقارير حقوقية دولية فقد أفادت بافتقار السجون إلى أبسط المعايير الإنسانية، بعضهم يصاب بالأمراض نتيجة تلوث أماكن الاحتجاز ورداءة التهوية واكتظاظ عدد المعتقلين داخله.

 ووفقا للتسريبات فإن سلطات السجون لا تقدم الرعاية الصحية اللازمة، وتحرمهم من الماء الصالح للشرب بجانب سوء نوعية الطعام المقدمة للسجناء، وعدم السماح لهم برؤية الشمس، مما تسبب في انتشار أمراض رئوية خطيرة بينهم وأدت إلى وفاة بعضهم بسبب تعنت سلطات السجن وعدم نقلهم إلى المستشفى، أو عزلهم عن المعتقلين الآخرين الذين انتقلت عدوى المرض إلى العديد منهم.

هذه السجون أضيف إليها أكثر من 20 سجنًا في عهد السيسي، وهو ما كلَّف الخزينة المصرية مليارات الجنيهات، وبحسب منظمات حقوقية فحتى إبريل 2019 بلغ عدد المعتقلين الذين توفوا بسبب الإهمال منذ الانقلاب العسكري 687 معتقلاً.

الاعتراف تحت التعذيب نهج مستمر

التغذيب لانتراع اعتراف تقود إلى حبل المشنقة لحصد أرواح الأبرياء، مسلسل آخر من مسلسلات تصفية المعتقلين داخل سجون السيسي، فالشاب محمود الأحمدي والذي قتله نظام العسكر العام الماضي بتنفيذ حكم الإعدام بحقه ضمن مجموعة التسعة، المتهمة زروا بقتل النائب العام هشام بركات، حاول جاهدا أن يبلغ قاضي التحقيقات أثناء جلسة محاكمته في أغسطس 2016، ما تعرض له من تعذيب داخل مقر الأمن الوطني في لاظوغلي.

 وعلى الرغم من احتمالات تعرضه لمزيد من الانتقام في التحقيق، كشف أمام القاضي والحضور في قاعة المحكمة عن ساقه وذراعه لتظهر آثار التعذيب. وحينما واجهه القاضي باعترافه، كرر محمود جملته على مسامع القاضي "يا فندم احنا بننطحن من رئيس المباحث ومن المأمور.. اتكهربنا كهربا تكفي مصر لمدة عشرين سنة، ولو على الاعترافات، احنا بيتحقق معانا لمدة 20 ساعة كاملة يومياً. إديني يا فندم صاعق كهربائي واخليلك أي حد هنا يعترف إنه هو اللي قتل السادات".

كما أن بيانات وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب كلها ذات سيناريو ثابت محفوظ، تصفية مجموعة من الإرهابيين في تبادل لإطلاق النار، مصحوبة بصور للقتلى ملقى بجانبهم الأسلحة، ما جعلها مادة مثيرة للسخرية بسبب إخراجها بنفس الشكل –دون ابتكار- وبسبب عدم إصابة أي من أفراد الشرطة رغم استخدام كلمة "تبادل"، وتعد سيناء هي المسرح الأساسي لتلك التصفيات المستمرة.

إخفاء العشرات

وحال محمود الأحمد حال الآلاف الذين تعرضون للاختفاء القسري منذ عام 2013 وحتي الآن، إذ ذكرت العديد من المؤسسات والمنظمات الحقوقية المصرية والعالمية إحصاءات عن حالات الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي التي وقعت منذ انقلاب 3 يوليو 2013 وإلى نهاية 2019، وكانت المحصلة كالتالي:

• أكثر من 65.000 حالة اعتقال تعسفي ما بين 2013 إلى 2019.

• 2629 سيدة وفتاة تعرضن للاعتقال التعسفي، متبقٍ منهن 121 إلى الآن.

• ما بين 6000 إلى 7000 حالة اختفاء قسري منذ 2013 إلى 2019.

• 396 سيدة قيد الاختفاء القسري بينهن 16 طفلة.

• 4000 طفل اعتقلوا تعسفيا وأُخفوا قسريا خلال الفترة الممتدة من 2013 إلى 2019.

• 250 صحفيا تعرضوا للاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري على فترات متفرقة منذ 2013 وإلى الآن، تبقى منهم حاليا 29 صحفيا.

• 958 حالة وفاة داخل مراكز الاحتجاز من بينهم 312 سيدة منذ 2013.