فاجأت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة "حماس"، الكيان الصهيوني بإطلاقها عدداً من الصواريخ فجر اليوم الخميس، تجاه البحر المتوسط، غرب غزة، في إطار تجارب صاروخية لتطوير مدى الصواريخ.

وأعلنت كتائب "القسام" الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، في غزة عن إطلاق نحو 24 صاروخا، قالت وكالة الأنباء التركية إنها وصلت إلى المياه الإقليمية التركية وقبرص اليونانية، بمدى وصل لأكثر من 200 كيلومتر، على حد بعض الأقوال.

واعتبر الكاتب عدنان أبو عامر في مقال له عبر "عربي بوست" أن الصواريخ تزامنت مع الساعات الأولى من أول أيام شهر يوليو 2020، وهو الموعد الذي حدده نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال لتطبيق خطة ضم أجزاء من الضفة الغربية للمغتصبات الصهيونية.
ورأى أن الصواريخ حملت رسالتين استعراض للقوة ورسائل تحذيرية، لا سيما أنها تجارب صاروخية بشكل مفاجئ، امتدت حتى ساعات الفجر الأولى، وبمدىً تجاوَزَ عشرات الكيلومترات، فيما بدا أنه لتحذير الصهاينة من أي خطوة استفزازية في الضفة الغربية.

المرة الأولى
وقال "المركز الفلسطيني للإعلام" إنّ هذه المرة الأولى التي تطلق فيها المقاومة الفلسطينية هذا الكم الصواريخ التجريبية؛ حيث كانت تقتصر في المرة الواحدة على إطلاق صاروخين إلى خمسة على الأكثر.
وأشار الباحث في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة، لـ"المركز" إلى أنّ إطلاق هذه الصواريخ من المقاومة بهذا الكم يوصل رسالة مباشرة للاحتلال أنّ المقاومة الفلسطينية تمكنت من تطوير صواريخها، وزيادة قوّتها التدميرية؛ لما تحققه من تأثيرٍ فعّال.

وأضاف أن "سلاح الردع الأساسي الذي تمتلكه المقاومة لمواجهة إسرائيل هو الصواريخ، لذلك تسعى المقاومة منذ فترة طويلة إلى امتلاك قدرات صاروخية تمكنها من توجيه ضربات موجعة للعُمق الإسرائيلي، ويبدو أنها وصلت إلى نماذج من الصواريخ التي ستكون صادِمة للعدو".
أما الرسالة الثانية، -وفق أبو زبيدة-هي أن تهديدات المقاومة لم ولن تكون مجرد فقاعات إعلامية بل هي نابعة من قرار واستعداد للمواجهة وأن الضم سيتحول لحرب إن تم.

وحذر أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، في وقت سابق الكين الصهيوني من أن ضم الضفة سيكون بمثابة "إعلان حرب".
وقال المحلل السياسي عبد الله العقاد، يعتقد أنّ كمية الصواريخ التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في هذه المرة بالتحديد، يؤكّد أنّها ليست تجريبية بل ذات دلالات تحذيرية للاحتلال بأنّ فعلاً مشروع الضم يعني الحرب.

وأضاف العقاد لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" أن "هذه الرسائل النارية جاءت لتؤكّد للاحتلال وللجميع أنّ المقاومة هي صاحبة الكلمة في الميدان وعلى طاولة المفاوضات كيفما كان شكلها، "لأنّ السلطة التي خرجت من رحم اتفاقية أوسلو لم تعد قادرة على فعل شيء إزاء ما يجري، بل أصبحت بكل أسف جزء من كينونة الاحتلال لتجعل من الاحتلال رخيصاً غير مكلف" وفق قوله.

رد الفعل الصهيوني
ورصد وسائل الإعلام الصهيونية هذه التجارب الصاروخية للمقاومة، من حيث الدلالات؛ التوقيت وعدد الصواريخ، والمدى الذي وصلت إليه.
وقال إليئور ليفي، مراسل صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية،  في تقريره إن إطلاق الصواريخ باتجاه  البحر المتوسط بهذا الشكل غير الاعتيادي يأتي لتوضيح نوايا حماس العسكرية، إذا أعلنت إسرائيل عن تطبيق الضم على أجزاء من الضفة الغربية.

وأضاف موقع "واللا" الصهيوني أن التجارب الصاروخية إشارة من الفصائل الفلسطينية على أنها تستعد للحصول على الضوء الأخضر لإطلاق الصواريخ على إسرائيل، والجيش أيضاً يستعد لهذا السيناريو.
وتعد هذه التجارب الصاروخية نقلةً نوعيةً في الطريقة التي تُطوّر بها حماس قدراتها الصاروخية، حيث لم يُسجل في وقت سابق أنَّها أجرت تجربةً بهذا العدد، كما أن مدى الصواريخ الذي وصل مستويات قياسية بتخطّيه لعشرات الكيلومترات داخل البحر، يشير لتطور القدرات الصاروخية للفصائل المسلحة في غزة.
الرسالة التي حملتها أن المقاومة لديها من المفاجآت ما سوف يُربك الحسابات الإسرائيلية، ويدفعها لإعادة النظر في أي خطوة من شأنها المساس بأراضٍ فلسطينية.

تطور لافت
يُذكر أنه منذ عام 2001 بدأت حركة حماس تجاربها لاستخدام الصواريخ في معركتها مع الكين الصهيوني، وتمكَّنت من صناعة أول صاروخ محلي الصنع اسمه "قسام1″، وصل مداه لـ3 كم فقط.
واستطاعت حماس الحصول على مستويات متعددة من الصواريخ وباتت تمتلك أجيالاً متطورة من صواريخ ذات قدرات تدميرية كبيرة، كصاروخ (M75) الذي يصل مداه لـ75 كم، ويحمل رأساً متفجراً يزن 70 كغم، وصاروخ (J80) الذي يصل مداه إلى 80 كم، ويحمل رأساً متفجراً يزن 125 كغم، ويصل مدى هذا الجيل من الصواريخ لمدينتي تل أبيب والقدس.

أما الجيل الثالث من الصواريخ التي تمتلكها كتائب القسام فهي (R160)، الذي يصل مداه إلى 160 كم، واستُخدم للمرة الأولى في حرب 2014، ووصل مدينة حيفا، كما تمتلك العديد من القذائف الصاروخية كصواريخ "غراد" الروسية، وقذائف الهاون.

ومثّل الانسحاب الصهيوني من غزة في سبتمبر 2005، نقطةً فارقةً في قدرات حماس الصاروخية، حيث بدأت بتطوير الجيلين الثاني والثالث من صاروخ قسام، بمدى وصل 10 كم، وفي نوفمبر 2009، أجرت الحركة أول تجربة صاروخية باتجاه البحر لصاروخ محلي الصنع وصل مداه 60 كم.