إن العمل على طريق الدعوة يعتمد على كسب القلوب وتزكية النفوس ولا يقدر على ذلك إلا من تزود ليفيض على غيره وإلا ففاقد الشىء لا يعطيه.

* والعمل على طريق الدعوة يحتم على العامل أن يعرض بين الحين والحين عمله وإنتاجه عل من له الأمر كله والذى يجازيه على عمله مستلهماً إياه قبول ما وفقه إليه من عمل صالح، ومستغفراً إياه عما حدث منه من تقصير ويسأله الرشد والسداد والعون، ماأجمل أن يتحق ذلك فى ظل المناجاة دون واسطة.

* وأثناء العمل على طريق الدعوة يدخل الشيطان أحياناً ويوقع الخلاف بين العاملين وقد يتعوق أو يتعثر الإصلاح بينهم، وتعتصر القلوب الصادقة ألماً لهذا الحال، فمن غير الله يلجأ إليه ويطلب منه أن يعيذهم من نزغ الشيطان ويؤلف بين القلوب ويصلح ذات البين؟

من أجل ذلك كله وغيره نجد أن (المناجاة على طريق الدعوة) لها أهميتها ولها طابعها وأسلوبها الخاص بها وتذوقها المتميز، الذى نرجو الله أن يوفقنا لصياغته ليكون عوناً لسالكى طريق الدعوة عند مناجاتهم لربهم سائلاً إياهم دعوة لى بظهر الغيب فى تلك الأوقات الطيبة المباركة.

ولما كان أفضل وقت للمناجاة هو وقت السحر فى هدأة الليل وبين ثنايا التهجد وقيام الليل فلعله من المفيد أ ن أذكر بتوجيهات ودعوات للرسول صلى الله عليه وسلم فى هذا المجال:

*فعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال: (اللهم ربنا لك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت مالك السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق ووعدك حق ولقاؤك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق والساعة حق، اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت، فاغفر لى ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به منى، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت) أخرجه الستة.

ومن الأفضل أن نبدأ المناجاة بالحمد والثناء لله ثم الصلاة والسلام على رسول الله كما نختمها أيضاًبالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* عن أنس رضى الله عنه قال: دعا رجل فقال: (اللهم إنى اسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض ذو الجلال والإكرام يا حى يا قيوم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: أتدرون بما دعا الرجل ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: والذى نفسى بيده لقد دعا الله باسمه الأعظم الذى إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى) أخرجه أصحاب السنن.

* وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن فى مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد:أمرنا الله أن نصلى عليك يا رسول الله فكيف نصلى عليك؟ قال:( قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، والسلام كما علمتم) أخرجه الستة إلا البخارى.

- يا رب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك، لا نحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، عز جارك وجلَّ ثناؤك ولا إله غيرك.

- يا رب إنا نعجز أن نحصى نعمك فكيف نقدر على شكرك عليها؟

- نحمدك حمداً وافراً على أفضل نعمك علينا وهى نعمة الإسلام، ذلك الدين القيم الذى ارتضيته لعبادك وقلت:{ومن يبتغ غير لإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين}.

- ونحمدك يا ربنا أن مننت علينا بمعرفتك وبالإيمان بك فجعلناك غايتنا ورضاك عنا هدفنا ومقصد سعينا فاجعلنا من الصادقين، ونحمدك أن صيرت لنا محمداً صلى الله عليه وسلم نبياً وهادياً لنا الى صراطك المستقيم فاتخذناه قائداً ورائداً لنا على طريق الدعوة فوفقنا لحسن الاقتداء به.

- ونحمدك يا رب أن تفضلت علينا بكلامك العزيز هذا القرآن المجيد الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه نزل به الأمين جبريل على قلب الأمين محمد صلى الله عليه وسلم فكان لنا نوراً وهدىً ورحمة وموعظة وشفاء لما فى الصدور.

- ونحمدك يارب أن يسرته لنا لنتدبر آياته وتعهدت بحفظه فوصلنا كما أنزلته دون تحريف أو تبديل فاتخذناه دستوراً ومنهجاً لنا فاجعله يارب ربيع قلوبنا ونور صدورنا.

- أحمدك يارب أن سخرت من عبادك من يأخذ بيدى الى طريق الدعوة الى صراطك المستقيم كى أسير مع العاملين الصادقين فثبت اللهم أقدامى على طريقك.

- وأحمدك يا ربى أن عرفت معهم واجباتى نحو الإسلام والمسلمين ومعنى انتمائى للإسلام.

-أحمدك يا ربى وأشكرك أن يسرت لى أن أفهم الإسلام فهماًشاملاً سليماً نقياً كما جاء به نبيك محمد صلى الله عليه وسلم بعيداً عما وقع فيه الكثير من فهم مجتزأ أومحرف وما وقع فيه البعض من مغالاة أو تفريط.

-أحمدك يا ربى أن وفقتنى للعمل للإسلام فى الطريق الصحيح فما أكثر من ضلوا طريق العمل أو لم يوفقوا للعمل أصلاً.

- وأحمدك يا ربى أن أعنتنى على القيام بتكاليف العمل وتحمل مشاق الطريق فالفضل منك وإليك فأدم علىّ فضلك بالصبر والثبات وبالتوفيق والسداد حتى ألقاك وأنت عنى راض ياواسع الفضل وياذا الجلال والإكرام.

- أحمدك وأشكرك يا ربى أن وفقتنى لحمدك وشكرك فقليل من عبادك الشكور.

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم فى العالمين إنك حميد مجيد.

اللهم آت سيدنا محمد الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة فى الجنة وابعثه اللهم مقاماً محموداً الذى وعدته إنك لا تخلف الميعاد.

اللهم إنى اشهدك أنه أحب الى من نفسى التى بين جنبى، اللهم كما آمنت به ولم أره فلا تحرمنى فى الجنات رؤيته وصحبته واسقنى من حوضه شربة لا أظمأ بعدها أبداً.
اللهم صل عليه وعلى آله وأصحابه وأنصاره وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته أجمعين وسلم تسليماً.
-------
من كتاب "مناجاة على الطريق" للمرشد الرابع الأستاذ مصطفى مشهور