تعجب الباحث الفلسطيني صفوت صافي من موقع "رصيف ٢٢" بعدما تبنى عرض تقرير وصفه "صافي" بالمتصهين والغريب يحاول أن يوصل إلى ذهنية القراء أن "المسجد الأقصى" وهيكل اليهود" شئ واحد!
وعلى حسابيه على موقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر" توقف "صافي" عند تقريره نشره "رصيف ٢٢" لشخص اسمه "محمد وهبة"، يقول إنه جُزء من بحث لم ير النور منذ عشر سنوات، عنوانه جاء على شكل سؤال: هل المسجد الأقصى هو الهيكل اليهودي؟ وأنه "كانت الإجابة آخر المقال: نعم".
وتساءل صافي بعد استعراض لنحو 13 استدلالا خاطئا من كاتب التقرير: من وراء موقع رصيف ٢٢؟ وإلى أين يريد أن يصل؟ وأجاب "الواضح في ما نشر أنه مضر جدا بحقوق الشعب الفلسطيني".

استهلال خاطئ
وقال إن الكاتب يستهل مقاله بالتأكيد على أن المسلمين طيلة ١٣ قرنا كانوا يعلمون علم اليقين أن المسجد الأقصى هو ذاته هيكل سليمان، لكن الإنكار الحاصل حديثا (على حد قول الكاتب) في ظل الصراع الفلسطيني الصهيوني هو نوع من الانتقام التاريخي من اليهود.
وعلق "صافي" قائلا: "هذا الاستهلال ينطوي على مغالطة كبيرة سيعززها الكاتب لاحقا بكل ما خُيل إليه بأنه يدعم حق اليهود في فلسطين، وينسف أي حق لغيرهم فيها" مضيفا أن "وهبة" في خلاصة بحثه يقول: "إن المسجد الأقصى هو الاسم القرآني للهيكل اليهودي في إسرائيل القديمة". ويؤكد صافي أن هذه الجملة "خاطئة جملة وتفصيلا، وتخلق فهما مغلوطا".

أين اليهود؟
وأشار "صافي" في منطلق رده أولا أنه "لا وجود في كل التوراة لمصطلح الهيكل اليهودي، ولم تظهر كلمة "يهود" في العهد القديم إلا في سفر الملوك الثاني أي بعد الزمن المفترض للسبي"، مضيفا أن "القصة التوراتية تتحدث عن بني إسرائيل (جماعة قبلية) وليس عن اليهود (أتباع الديانة) والفرق شاسع بين الحالتين".
وتابع: "القصة التوراتية تتحدث عن وعد من الرب يهوه لذرية إبراهيم ومن بعده لذرية يعقوب بامتلاك أرض ولا تتحدث عن يهود ولا عن أتباع ديانة يهودية.

إضفاء شرعية
ورأى الباحث الفلسطيني صافي أن "هذا التغيير في المعنى يخدم شيئا واحدا فقط: إضفاء شرعية لأتباع الديانة اليهودية للسيطرة على الهيكل أياً كان مكانه في فلسطين أو غيرها". وأوضح أنه لكي يثبت "وهبة" نظريته، "يضع زعما ينطلق منه وكأنه مُسلّمة، يقول: فلسطين هي الاسم الروماني لإقليم اليهودية، وأن فلسطين كان يسكنها روم ويهود وغساسنة وسريان أما العرب المسلمون فلم يكونوا قد دخلوها بعد. ولم يذكر أنه كان بها فلسطينيون أبدا!".
وفند مقولته تلك قائلا "المؤرخ اليوناني هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد، أي قبل المسلمين وقبل الرومان، ذكر في كتابه "التاريخ" بالاسم إقليم فلسطين من سوريا، ووصف سكانها بسوريي فلسطين"، مضيفا أنه "لم يرد في كل كتابه ذكر لإقليم اليهودية".

المسجد اسم إسلامي!
ومن أبرز ما ادعاه به وهبة تساؤله: "كيف يمكن أن يكون هناك مسجد في فلسطين (التي سماها إقليم اليهودية) قبل أن يدخلها الإسلام، وكيف يكون الإسراء لمسجد؟ وهذا المسجد ليس إلا معبدا يهوديا هو الهيكل!". إلا أن صفوت صافي اعتبر أن التساؤل "غير البريء المقصود منه أن المسلمين حاولوا إسقاط مصطلح المسجد على ما هو يهودي ليصبح إسلاميا".
وأكد أن "وهبة" يتجاهل في هذا الطرح المتحامل على كل ما هو فلسطيني وعلى كل ما هو إسلامي وحتى على ما هو مسيحي بالمحصلة، أن فلسطين تزخر بمواقع أثرية لمساجد وكنائس تاريخية، وبالمقابل لا وجود لكُنس يهودية في فلسطين.

استعانة بالتوراة
وأشار الباحث إلى أنه من الاستدلالات غير الصحيحة التي قدمها كاتب "رصيف 22" على سبيل أنها مصطلحات وردت في النصوص الأصلية، فيزعم أن "سفر الملوك الأول يتحدث عن بيت المقدس، في حين كما هو مبين في الصور المرفقة بالعربية والعبرية والإنجليزية للنص، الكلمة هي بيت لاسم الرب وليس البيت المقدس.
ويقول إن صيغة "بيت همقداش وهو مصطلح حاخامي لاحق" لم يرد بهذا الشكل أبدا وقال: "ما يقصده الكاتب أن بيت همقداش (الذي لا ذكر له في التوراة) هذا سيصبح بعد فترة القدس، ولا يجب أن ينسى الفلسطينيون والمسلمون أنه بالأساس بيت همقداش وأن الأحقية لأصحاب الاسم الأول".

ثابت تاريخي!
ويلحق تقرير الموقع قائلا إنه "من الثابت تاريخيا أن الهيكل الثاني هدمه الرومان"، فيرد "صافي" قائلا: "ولا ثابت في هذه المعلومة أبدا، فمصدر المعلومة كتاب يوسيفوس المليء بالأساطير ولا دليل في آثار القدس عليه أبدا، سوى لوح كتب عليه ممنوع دخول الأجانب للهيكل فافترض علماء الآثار الصهاينة أن المقصود هو الهيكل الثاني".
وأضاف أنه في كل ما يزعم الصهاينة أنه من حجارة الهيكل الثاني في القدس هي حجارة لمبانٍ رومانية ولا شيء يذكر أنها يهودية. وشدد على أن "المنطق الفصل في قضية الهيكلين الأول الثاني وهو ما لا يعرفه كاتب المقال سواء بقصد أو بغيره، أن كل حملات التنقيب التي شنها علماء الآثار بحثا عن الهيكل الأول باءت بالفشل".

تنقيب بلا جدوى
واعتبر الباحث الفلسطيني صفوت صافي أن الصهاينة اجتهدوا من خلال عمليات التنقيب أن يجدوا شيئا ولكنهم لم يجدوا فقال: "بعد سنوات من التنقيب بلا جدوى، ودون تقديم ملخصات لنتائج حملات التنقيب، قامت الدكتورة مرغريت شتاينر من جامعة لايدن بجمع نتائج حملات التنقيب في القدس وتحليلها وكانت النتيجة: لم يكن في القدس في الزمن المفترض للهيكل الأول أي مبان ولم تكن هناك مدينة أصلا. وتعجب قائلا "فإن لم يكن في القدس هيكل أول فلماذا يكون فيها هيكل ثانٍ؟".

"عمر" حبيب اسرائيل!
ووصف كاتب "رصيف 22" أن القصة المروية عن اختيار المكان وقرار بناء المسجد بعد الصخرة والتي دارت بين عمر بن الخطاب (حبيب إسرائيل) وكعب الأحبار هي لحظة تاريخية من اللحظات القليلة التي تعاون فيها المسلمون واليهود لبناء الهيكل الثالث.
فقال صفوت صافي "هذا محض افتراء من خيال الكاتب ولا ذكر له في أي من المراجع الإسلامية وحتى في أكثرها تأثرا بالأدبيات الحاخمية التلمودية، وإقحام مصطلح صخرة الأساس هنا هو أمر عجيب، وشخصيا لا أفهم سر هذا الإصرار على اعتماد مصطلحات الحاخامات هنا.
وأضاف إلى هذه الفرية "قصة كتاب أركولوف" واعتبر أنه أقحمها هنا تتحدث عن معاوية وليس عن عمر، مستدركا "ولا أفهم ما سر هذا الخلط".
وكشف صافي أنه أفرد للمهتمين بمعرفة المزيد عن قصة أركولوف ما كتبه سابقا في تعليق على جدال دار بين عدنان إبراهيم ويوسف زيدان حول المسجد الأقصى في 2015.
وأشار "صافي" إلى أن "محمد وهبة" أرفق صورة اعتبرها الهيكل الثالث وفيها بحسب رأيه "إصرار على طرح فكرة جنونية حتى الصهاينة لم يفكروا فيها، مفادها أن ما بناه عمر بن الخطاب هو الهيكل الثالث، لكنه ليس مقدسا عند المسلمين كما هو الحال عند اليهود".

تسويق الأغراض السياسية
واشار صافي إلى أن "وهبة" سوق لمجموعة من الأدلة من المراجع الإسلامية والتي تحدثت فعلا عن اختراع الأمويين بشكل أو بآخر قداسة لمكان الصخرة وما حولها لأغراض سياسية، وأورد استنكار بعض الفقهاء لهذا التقديس والتوظيف. واستدك قائلا "يفعل ذلك لإنكار القداسة عند المسلمين وتثبيتها لليهود.. فأي ازدواحية يتعامل بها؟".
وتابع: "يضع الكاتب خلاصة لبحثه، بالإجابة على سؤال المقال:  هل المسجد الأقصى هو الهيكل اليهودي؟ ويجيب: نعم. أي أنها لليهود بالأساس".

تجاهل متعمد
وكشف الباحث صفوت أن كاتب رصيف 22 تجاهل في سياق "البحث" الذي يعول فيه على فرضيات خاطئة مرورا بقصص هو ذاته ليس مقتنعا بها ليقول إن القدس لليهود، أن هناك شعبا فلسطينيا.
وأضاف لذلك أن فكرة التوظيف السياسي لقداسة المكان التي استخدمها الكاتب لوصف ما قام به الأمويون يمكن استخدامها ذاتها مع الرومان، وبالتالي سنجد أنفسنا أم قداسة مزعومة يرفضها علم الآثار.

أهداف صهيونية
وخلص صفوت صافي إلى أن ما يقوم به "محمد وهبة" من إعطاء حق لليهود وإنكار لهذا الحق على الفلسطينيين على اختلاف معتقداتهم يتماشى مع أهداف الحركة الصهيونية: سلب الحق من أصحاب الأرض لصالح عصابات متعددة الجنسيات باستخدام خرافة دينية. وأن طرح تقرير "رصيف 22" يقوم على أن "إما أن تكون القدس مدينة فلسطينية مقدسة للأديان الثلاثة يحق للحجاج والزوار من كل العالم زيارتها في ظل دولة فلسطينية، أو أنها غير مقدسة للجميع وهي مدينة فلسطينية بكل بساطة".
وعلق على مصافي البحث قائلا "أما أن تكون يهودية فقط فهذا تصهين أكثر من الصهاينة".

https://www.facebook.com/safwat.safi/posts/10158760761933000