قالت صحيفة لاكروا الفرنسية La Croix إن الاكتظاظ ونقص الرعاية الصحية يعملان على تسريع انتشار فيروس كورونا في السجون المصرية التي انتقدت المنظمات غير الحكومية ظروف الاحتجاز فيها، مشيرة إلى حرمان عائلات السجناء من زيارتهم منذ 4 أشهر، مما يضاعف الألم بين الطرفين.

وقال مراسل الصحيفة في القاهرة مارتن رو إن السجناء محرومون من الصحف والإذاعة والإنترنت، متسائلا عما يمكن أن يعرفوه عن فيروس كورونا وكيفية حماية أنفسهم منه.

وأوضح المراسل أن 4774 شخصا ماتوا رسميا في مصر بسبب كوفيد-19 حتى 31 يوليو الماضي، وأن هناك 93 ألفا و757 إصابة.

كسر أبواب السجون المغلقة
وضرب المراسل مثالا بحالة منى سيف المنزعجة من عدم تلقيها أي خبر منذ شهر عن شقيقها الناشط علاء عبد الفتاح المحتجز تعسفا -حسب المراسل- منذ سبتمبر 2019 رغم أنها تناضل من أجل كسر أبواب السجون المغلقة منذ أن علقت السلطات زيارة السجون في 10 مارس الماضي مع بداية دخول الوباء إلى البلاد.

وتقول منى سيف "وصلتنا رسالتان فقط من علاء، وقد دفعت عائلتنا ثمنا باهظا مقابل كل واحدة منهما، حيث جاءت الأولى بعد أن أضرب علاء عن الطعام لمدة 37 يوما، أما الثانية فجاءت على إثر اعتقال أختي الصغيرة (المتهمة بنشر أخبار كاذبة عن فيروس كورونا)، ولا أعرف ماذا سنفعل للحصول على ثالثة، هذه الرسائل هي الوحيدة التي تؤكد أنه لا يزال على قيد الحياة".

ومثل منى تتعلق أسر المعتقلين بهذا الخيط الوحيد الذي يربطها بأحبائها، في وقت تتزايد فيه الإصابات بكوفيد-19 في زنازين السجون ومراكز الشرطة في جميع أنحاء البلاد، وفقا لتقرير نشرته منظمة حقوق الإنسان هيومن رايتس ووتش في 20 يوليو الماضي.

200 سجين يشتبه في إصابتهم
وأشار المراسل إلى ما ذكرته المنظمة الحقوقية بشأن وفاة 14 سجينا على الأقل بسبب الوباء، موزعين على 10 مراكز احتجاز، بالإضافة إلى إدانتها نقص الرعاية الطبية وعدم وصول السجناء إلى الاختبارات واكتظاظ السجون، وذلك على الرغم من الإفراج عن 13 ألف معتقل منذ فبراير/شباط الماضي.

وفي تقرير المنظمة، أشارت إلى ما نقلته "لجنة العدل" -وهي منظمة مستقلة مقرها في جنيف بسويسرا- من أن ما يقارب 200 سجين قد أصيبوا بكوفيد-19، وهو رقم "مقلق للغاية" حسب رئيسة مركز النديم المصري لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب عايدة سيف الدولة.

وتقول هذه الطبيبة النفسية -التي تقف منظمتها إلى جانب 3 منظمات غير حكومية أخرى وراء عريضة تؤكد حق المعتقلين في التواصل مع العالم الخارجي- إن "السجون أماكن شديدة العدوى، مكتظة وبدون ماء نظيف وتهوية، ومنذ وقف الزيارات في مارس/آذار لم يغادر بعض المحتجزين زنازينهم، ولم يسمح لآخرين بالخروج إلى الهواء المفتوح منذ بدء اعتقالهم".

نقص الرعاية.. انتهاك متكرر لحقوق الإنسان
وتقول عايدة سيف الدولة إن "تجنب هذه الوفيات المرتبطة بكورونا كان ممكنا، لأن واحدة فقط من هؤلاء المعتقلين تجاوزت الستين من العمر، في حين أن البقية لم يكونوا مسنين".

وتقول هيومن رايتس ووتش إن "ترك السجناء يموتون ممارسة لا يعود تاريخها إلى ظهور كورونا لسوء الحظ"، مشيرة إلى أنه لم ينقل إلى المستشفى سوى 9 من بين 14 محتجزا ماتوا بالفيروس، وأحيانا تم النقل قبل ساعات فقط من وفاتهم.

وفي مواجهة هذه الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان -كما يقول المراسل- تقدم أسر المحتجزين مساعدة حيوية، حيث تقول زوجة سجين يشتبه في إصابته بكورونا -شريطة عدم الكشف عن هويتها- "أحضر كل شهر الطعام والدواء، ويسمح لي الضباط بذلك لأنني أسكت عن الحالة الصحية لزوجي، وهم يهددون بوضع أحبائنا في الحبس الانفرادي إذا أخبرنا وسائل الإعلام عن وجود الفيروس في السجن".

وأشار المراسل إلى أن 677 سجينا توفوا بسبب نقص الرعاية الطبية منذ انقلاب عبد الفتاح السيسي إلى السلطة عام 2013 وحتى ديسمبر 2019، حسب لجنة العدل.

وختم المراسل بأن مصر -حسب الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان- يوجد فيها حوالي 106 آلاف معتقل، نحو 60 ألفا من بينهم سجناء سياسيون، حسب تقديرات عدة منظمات غير حكومية.