تتأمل خيمتها علها ترى طيف ابنتها. أم مصعب نازحة من حلب، تقطن في مخيم البل بريف حلب الشمالي، فقدت ابنتها ذات السبعة أشهر بسبب نقص التغذية، فالفقر خيم على حياتهم منذ سنوات لا يستطيعون تأمين لقمة إلا بشق الأنفس، فزوجها مصاب ولا يستطيع العمل ولا يملكون سوى ما تقدمه المنظمات الإنسانية لهم.

تقول أم مصعب "ابنتي شام ماتت بسبب الجوع، فنحن لا نملك المال لشراء حليب الأطفال لها والرضاعة الطبيعية لم تكن كافية". وأضافت: لدي طفلان بات الجوع يؤثر عليهما وأخاف أن أفقدهما.

وليس بعيدا، تكافح أم عمر لعلاج ابنها، على مر سنوات عمره الخمسة، فهو مصاب بضمور في الدماغ وسوء امتصاص ونقص في التغذية، بذلت مع زوجها أغلب المدخرات المادية لعلاج ابنهما وأنفقا الكثير ولكنهما لم يجنيا أي نتيجة.

وتقول والدة عمر "دفعنا الكثير للمواصلات والأدوية والعلاج ولكن كل الأطباء يقولون لنا من الصعب علاج ابنكما في سوريا ولم نستطع تأمين الدخول لتركيا".

وأضافت "الأدوية الخاصة بابني أصبحت غالية كثيرا وفي أغلب الأحيان لا تتوفر، فباتت حياة عمر بخطر"

مع تزايد أعداد حالات سوء التغذية لدى الأطفال أنشأت منظمة بهار مركزا خاصا لمتابعة هذه الحالات، يتضمنه فرق تجري مسحاً للمخيمات والمدن والبلدات، لإحصاء الحالات وتقييم صحة الأطفال المصابين، ومن ثم يتم نقل الأطفال الذين أعمارهم دون الخمس سنوات إلى المركز ليشرف على علاجهم أطباء مختصون.

ويقول القائمون على المركز إن أعداد المصابين كبير، ويتسع المركز لثلاثين طفلا فقط بعد التوسعة التي تم إجراؤها، في حين يبقى غامضا مصير الأطفال المصابين بسوء تغذية جراء مرض خَلقي أو عصبي بالإضافة لمن تخطى عمره الخمس سنوات، فلا يمكن علاجهم في المركز لعدم توفر الامكانيات.

ويقول الدكتور عبد الرزاق درويش مدير مركز بهار في ريف حلب الشمالي "حالات سوء التغذية ليست وليدة اليوم، زيادة اكتشاف حالات سوء التغذية في المرحلة الأخيرة كان بسبب زيادة عدد الفرق العاملة وازدياد عدد النازحين الوافدين لريف حلب الشمالي".
اعلان

وأضاف أن الحالات المصابة بسوء تغذية الناتجة عن أمراض خلقية طبياً يكون علاجها تلطيفيا ولكن لا يمكن علاجها في المركز أو في المنطقة لعدم توافر الكوادر والإمكانيات والتجهيزات اللازمة لهذه الحالات.

جميع الإحصائيات تقول إن أغلب الأطفال المصابين بسوء التغذية في سوريا سببه الفقر، وإن هذه الأرقام والمعاناة لم تكن موجودة قبل عشر سنوات، فالحرب والنزوح والتهجير خلفت مئات آلاف الفقراء الذين يعيشون بمرارة فتارة ينهش أجسادهم وأطفالهم البرد وتارة الجوع وتارة المرض، ولا يرون مع استمرار تصعيد النظام وروسيا أملا ً في المستقبل، فلا سبيل لهم إلا الصمود بكسرة خبز في خيمة قماشية.
----
المصدر "الجزيرة"