قال مجلس الأحوال الشخصية الإسلامية -الذي أناط به مسلمو الهند مسئولية إدارة قضية المسجد عقب هدمه- في بيان له عقب إعلان رئيس الحكومة الهندوسية الهندية ناريندرا مودي مشاركته في حفل وضع حجر أساس معبد هندوسي حلّ محل مسجد "بابري": "إن المسجد يظل مسجدا حتى يوم القيامة، ووضع الأصنام فيه أو هدمه أو منع الصلاة فيه لفترات طويلة لا يغير من (حقيقة وجود) المسجد".

وقال أمين عام المجلس الشيخ محمد ولي الرحماني إن قرار المحكمة العليا كان عملا غير قانوني وظالما، لأنها أصدرت حكما جائرا رغم قبولها بكل الحقائق المتعلقة بالمسجد.

وأصدرت قيادات مسلمي الهند بيانا مشتركا يوم 5 أغسطس ناشدت فيه المسلمين "بالصبر والتحمل والتعقل" وطلبت منهم أن يحترموا القضاء رغم إجحافه بحق المسلمين.

وفي خروج عن المألوف قال النائب أسد الدين أويسي، رئيس “مجلس اتحاد المسلمين” وهو حزب سياسي صغير: إن مودي بمشاركته حفل وضع حجر أساس المعبد قد جرح كرامة منصبه، وقال إن هذا يوم هزيمة الدستور الهندي.

في حين خالف "إقبال أنصاري"، وهو أحد الفرقاء الرئيسيين في قضية المسجد البابري عن المسلمين، محاولة الصمود إلى المشاركة في حفل  وضع أساس المعبد، الذي قاده "مودي" قائلا إن القضية قد حسمت الآن وهو يشارك في حفل وضع الأساس ليظهر أن المسلمين ليسوا ضد المعبد.

تقرير لموقع "الجزيرة نت" أشار إلى أن مسلمي الهند يرون أن تنازلهم عن المسجد البابري سيفتح الباب على مصراعيه ليطالب الهندوس بمساجد أخرى، وهو ما حدث فعلا، إذ جدد الهندوس مطالبهم القديمة لاستعادة مسجدين آخرين.

كما أعد غلاة الهندوس قائمة بثلاثة آلاف مسجد في أنحاء البلاد يدعون أنها بنيت بعد هدم معابدهم، ولذلك لابد من استعادتها وتحويلها إلى معابد، وهذا يعني أن مطالب الهندوس لن تنتهي بالمسجد البابري.

ورأى التقرير أنه "بصورة عامة سكتت المنظمات الإسلامية والأحزاب الصغيرة المحسوبة على المسلمين، أو أصدرت بيانات إدانة خفيفة باستثناء".

محكمة هندوسية

ووصلت القضية إلى المحكمة العليا في مدينة إله آباد، والتي حكمت سنة 2010 بتقسيم أرض المسجد إلى ثلاثة أجزاء وأعطت جزأين للهندوس وجزءا للمسلمين.

ورفض المسلمون الحكم واستأنفوا القضية بالمحكمة العليا، وفي هذه الأثناء وصل الحزب المتطرف إلى سدة الحكم وشكل الحكومة في مايو 2014 برئاسة ناريندرا مودي المعروف بإشرافه على مذابح المسلمين بولاية كوجرات عام 2002.

ورفضت المحكمة الاستئناف، وقالت كلمتها بالحكم الصادر في 9 نوفمبر 2019 والذي أعطى أرض المسجد البابري بكامله للهندوس، وأمر بإعطاء المسلمين قطعة أرض في مكان آخر لبناء مسجد بديل هناك.

وجاء قرار المحكمة العليا المجحف هذا رغم اعترافها في حيثيات الحكم بأن المكان كان مسجدا لأكثر من ثلاثة قرون، وأن وضع الأصنام فيه كان جريمة وأن هدمه لاحقا كان جريمة أيضا.

واستأنفت المنظمات الإسلامية القضية أمام المحكمة العليا طالبة إعادة النظر في الحكم، إلا أن الأخيرة أعلنت أن باب القضية قد أقفل ولا سبيل إلى فتحه من جديد.

الشيخ الندوي

وبدأ النزاع حول المسجد البابري حين وضعت فيه التماثيل وتم تحويله من الناحية العملية إلى معبد هندوسي ليلة 22-23 ديسمبر 1949م، وثارت ضجة حول وضع التماثيل، ولكن المسلمون في الهند لم يلجؤوا إلى القضاء إلا سنة 1961م وبعدها أيضا تركوا القضية نائمة منسية في المحاكم، إلى أن اكتشفت المنظمة الهندوسية العالمية عام 1984 أن قضية بناء “معبد راما” (مكان المسجد حاليا) ستكون حاسمة وقادرة على إثارة مشاعر الهندوس، وبالتالي صالحة لاستغلالها سياسيا.

من البداية أصرت قيادة مسلمي الهند على عدم التنازل ولو عن بوصة من أرض المسجد عندما كان الطرف الهندوسي راضيا بمقاسمة الأرض، وبأن يقوم المعبد جنبا إلى جنب المسجد.

تقرير "الجزيرة نت" نسب إلى الشيخ الراحل أبو الحسن علي الندوي توصله مع قادة الهندوس الدينيين إلى تسوية على هذا الأساس، ولكن القيادات الإسلامية المتحمسة رفضت هذه التسوية وأصرت على أن “المسجد سيظل مسجدا حتى يوم القيامة، وأن أرض المسجد تمتد من الأرض إلى السماء”.

كما رفضوا اقتراحا آخر بأن تبنى عمارة المعبد فوق مبنى المسجد البابري، بحيث يبقى المسجد على حاله على الأرض ويستخدم البناء العلوي معبدا.

ورفض قادة المسلمين اقتراحا بنقل مبنى المسجد البابري لموقع قريب آخر بعد قطعه إلى أجزاء وإعادة تركيبه مرة أخرى في الموقع الجديد.

وظل إصرار المسلمين قائما، في وقت تزداد فيه الحركة الهندوسية قوة على قوة في كل انتخابات جديدة أقيمت في البلاد منذ منتصف الثمانينيات، إلى أن جمع دعاة المعبد نحو نصف مليون من الغوغاء وقاموا بهدم المسجد في 6 ديسمبر 1992، والتي قتل فيها المئات من المسلمين دفاعا عن المسجد.