كنت أتابع المسرحية الهزلية لانتخابات مجلس الشورى، والتدخل السافر للجهات الأمنية- بشقيها: الأمن الوطنى، والمخابرات العامة - التى اختارت المرشحين، حتى لا يخرج أحد عن النص – حيث لاصوت يعلو على صوت التصفيق والتطبيل، وشراء الأصوات، وتزوير إرادة البسطاء من الناس واستغلال حاجتهم وفاقتهم!!
وقد قالوا على سبيل الدعابة، عن المرشحين، الذين يستغلون حاجة البسطاء والفقراء، بدفع رشاوى لهم لشراء أصواتهم.

إن مرشحاً كان يقوم بجولة انتخابية في إحدى القرى، فرأى رجلا كبير السن، فاحتضنه وأعطاه ورقة من فئة المائتى جنيه، على أن يعطيه صوته، فقال له الرجل يابني أنا لا أريد المال: ولكن أريد أن تشترى لى حماراً، يساعدني فى المعيشة، فذهب المرشح مباشرة إلى السوق ليشتري حماراً للرجل الفقير، حسب طلبه، ولكن المرشح لم يجد حمارًا بمائتى جنيه، وعاد من السوق، دون أن يشترى حماراً، فقال للرجل لم أجد حماراً في السوق بمائتى جنيه، ابتسم الرجل، وقال له : لم تستطع أن تشترى حماراً بمائتى جنيه، وتريد أن تشترينى أنا بمائتى جنيه!!

ومن خلال متابعتى لردود الفعل على هذه المهزلة، وجدت تغريدة للأمين العام السابق للحزب الوطنى المنحل "حسام بدراوى" يقول فيها: "رغم أني كنت أرى قيمة لوجود مجلس شيوخ يوازن الاختيارات الشعبوية للغرفة الأولى للبرلمان، إلا أن ما أتابعه من أساليب في الترشح وتدخل أجهزة الدولة في اختيارات المرشحين لا يضيف لنظام الحكم بل يأخذ منه، لقد أصبحت في حيره وتساؤل إذن لماذا؟ ومن المستفيد؟!!

المهم أن سيادة الدكتور، الذى كان أحد أعضاء مجلس الشورى بالتعيين، زمن المخلوع مبارك، وكان آخر أمين عام للحزب الوطنى المنحل، وقد عاين الفساد وعاشه، كما قال أحد أساطين نظام المخلوع، أن الفساد فى المحليات للركب، بالطبع لم يكن الفساد فى المحليات وحدها، لأن السمكة تفسد من رأسها – كما يقولون-.

اليوم سيادة الدكتور، يتكلم عن تدخل أجهزة الدولة، في اختيارات المرشحين، ونسى أو يحاول أن يتناسى أن نظام المخلوع، هو مَن سنّ هذه السنة السيئة، التى عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة!!

أما إذا كان سيادة الدكتور، يريد إجابة شافية، لتساؤله الذى أوقعه في الحيرة، فأنا أقول له فتش عن المستفيد، إن المستفيد من هذه المهزلة هو قائد الانقلاب وطغمة العسكر، وفلول حزبك المنحل، وشلة المرتزقة الفاسدين المفسدين، من ناهبى المال العام ومصاصى دماء الشعب!!

فالقصد من هذه المهزلة هو إلهاء الشعب عن قضية ضياع مياه النيل وفضيحة سد النهضة، وما يحدث فى سيناء، وزيادة معدلات الفقر والمرض والجوع، وكورنا التى تنهش في الشعب، والتغطية على الفشل، بإجراء هذه الانتخابات العبثية.

أما السؤال الأهم يا سيادة الدكتور، وهو من سيدفع فاتورة انتخابات فاشلة، لمجلس مطبلاتية، ليس له أى لازمة، ويكلف ميزانية الدولة أكثر من 2مليار جنيه، تكاليف طباعة أوراق وأحبار وتجهيز أكثر من 14 ألف ‏لجنة فرعية، و27 لجنة عامة ومكافآت لـ 18 ألف قاض، ‏و120 ألف موظف، بخلاف تأمين اللجان من قبل قوات الجيش ‏والشرطة.‏ مكافآت للقضاة والشرطة والعسكر؟

معالى الدكتور لم يستطع أن يصرح في تساؤله المحير، ما الأجهزة التى تتدخل في انتخابات مجلس الشورى، -كما أهل التصوف- بالسر إن باحوا تُباح دماؤهم وكذا دماء البائحين تباح.

لكننى سوف أختصر له المسافة وأرفع عنه الحرج، هذه الأجهزة، هى جهاز الأمن الوطنى، ومخابرات عباس كامل، الذين تم تكليفهم، بتولى مهام اختيارات المرشحين، وإدارة المشهد برمته.
هذه الأجهزة التى عبثت بالمشهد السياسى قبل ثورة يناير، فكان لابد من أن تساهم في العبث الدائر اليوم ظناً منها أنها تثبت أركان الانقلاب.
وإدارة المشهد الانتخابى العبثى، تشمل اختيار المرشحين، والحشد الجماهيرى بالترغيب تارة والترهيب تارة أخرى.

واللافت أن الاختيارات جاءت بأبناء أعضاء الحزب الوطنى المنحل، لكن بصورة جديدة من خلال أحزاب مستقبل وطن، والشعب الجمهورى والمستقلين. لكن لا أدرى هل زالت حيرة الدكتور حسام بدراوى أم لا؟

ومن الضرورى أيضاً مشاركة مفتى الدم في هذه الخطيئة، وهو الذى شارك في كل خطايا النظام الانقلابى.
فقال مفتى الدم: "إن المشاركة الإيجابية فى الاستحقاقات الوطنية - ومنها انتخابات مجلس الشيوخ- واجب وطنى، إذ إن المشاركة الفعالة فى الانتخابات وإبداء الرأى الحر الَّذى تُملِيه مصلحة الوطن أيا ما يكون هذا الرأى واجب وطنى.
و"إن ذلك نابع من حبنا لبلادِنا وانْتِمَائِنا لهذا الوطنِ، الذى لم يسمح فى وقت من الأوقات لإرادة الشر أن توقف مسيرته ولا أن تملى عليه شروطها، حتى فى أحلك الأوقات وأقسى الظروف".

أما حزب النور، كعادته، فهو يشارك حسب زعمه لتقليل المفاسد والشرور، ومنع القوانين المخالفة للشريعة، إلا بما يرضى الله!!

هذه المسرحية الهزلية محسومة، كما قال أحد العمد، في محافظة الفيوم، يدعو أهل القرية للتصويت بانتخابات مجلس الشورى، لكنه أكد لهم أن المشاركة وعدم المشاركة لن تغير النتيجة، لأن المرشحين سواء انتخبناهم أم لم ننتخبهم ناجحون!!

ونحن.. من نحن..؟
نحن مواطنون عند الحاجة..
نحن مواطنون في الحملة الانتخابية..
نحن أرقام انتخابية..
تنتهي صلاحيتها عندما تنتهي الانتخابات..
عندما تغلق دكاكين الانتخابات..
عندما يتسلق المتسلقون..
وتعود حليمة..
إلى عادتها القديمة.