عاش اليهود ملوكا بيننا نحن المصريين فى أواسط هذا القرن، فلم تركوا مصر إلى الكيان الصهيوني؟ فرارا من اضطهاد؟
إنه نداء الدين وحده. وهم الآن يحيون ملوكا فى أمريكا وأوروبا الغربية ولكنهم عرضوا مصالح الأوطان التى وسعتهم للبوار. فى سبيل ماذا؟ فى سبيل دولة صهيونية. فى سبيل دولة دينية تجمعهم. فى سبيل الملك الذى تهفو إليه ضمائرهم. ويتلون آياته فى صحف العهد القديم على أنه وعد الله الذى لا يتخلف لهم ولذراريهم من بعدهم..!!

إن الصهيونية نزعة سياسية تولدت عن الاضطهاد النازي فى ألمانيا.. فإن اليهود قبل هذا الاضطهاد بسنين أو بقرون- كما رأيت- كانوا يحلمون بامتلاك فلسطين وطرد أهلها منها أو إبادتهم فيها..

ونحن لا نقر فى العالم أجمع أى تفرقة جنسية. ولكن مسلك اليهود فى ألمانيا كان هو السبب الأول فى إهاجة الألمان عليهم وإيقاع المذابح الشائنة بهم. لقد ظهر أن ولاء اليهود لأوطانهم الرسمية مزيف. وأن ولاءهم الأول هو لجنسهم وتاريخهم وأمانيهم الحرام فى حقوق الآخرين.

وربما تعرض اليهود فى أمريكا بعد سنين معدودة لمثل ما تعرض له أسلافهم فى ألمانيا النازية. عندما يصحو الأمريكيون فيجدون أن مصالحهم فى العالمين العربى والإسلامى قد تلاشت لأن يهود أمريكا قد باعوا هذه المصالح فى سبيل قضاياهم الخاصة..

والمهم ونحن نواجه معركة الحاضر والمستقبل أن نحذر من الببغاوات التى تردد بغباء كلمات لا تفهمها، وتريد بجهلها الغالب إبعاد اليهودية والإسلام عن المعركة مع أن المعركة لا تعنى إلا القضاء على الإسلام لحساب القوى المعادية له:

ـ لا تبعدوا اليهودية والإسلام عن المعركة.
ـ التنادي بالإسلام هو صيحة النجاة.

إننا لقينا العنت من أولئك الشامخين بجهلهم. سواء أكانوا فى الصحف أو الإذاعات. أو المسارح.. وظاهر أنهم ثمار الاستعمار الثقافي لبلادنا. ذلك الاستعمار الناقم على الإسلام وحده. الحريص على تربية أجيال تكره شرائعه وفضائله. وترفض مناسكه وشعائره وتنسى ماضيه وحاضره.

 تلك هى الأجيال التى وقفت فى ميدان السياسة تصف الغزو اليهودي لفلسطين. بأنه حركة عنصرية. أو عدوان محلى. أو تعاون بين الإمبريالية والصهيونية. أو تآمر رأسمالي على حركات التحرر الحديث. أو غير ذلك من الترهات التى أتقنها الجيل المستكبر الفاشي هنا وهناك.

ولو أن واحدا من هؤلاء ذهب إلى أقرب مكتبة. ودفع قروشا قليلة أو كثيرة واشترى العهد القديم وحده. أو الكتاب المقدس كله. ثم كلف خاطره القراءة فيه لوجد التخطيط الديني لصهيون الكبرى واضحا فى صحائفه. ولوجد الكفن الذى يلف رفات العرب منسوجا من كلماته. ولوجد حرب الإبادة التى تعرض لها قومه ناضحة بين سطوره. إن مؤامرة الاستعمار فى القرون الأخيرة خلعُ العرب من دينهم فى الوقت الذى يتحمس فيه كل ذى دين لدينه!

إن صحف العهد القديم لم تكتف بحداء بنى صهيون كي يجيئوا من كل مكان إلى فلسطين. بل صورت لهم البقاع التى ينزلون بها. والحدود التى تفصل كل سبط عن أخيه!! ووزعت عليهم دمشق وحماة وبيروت وعشرات من البلاد الواقعة قرب البحر المتوسط.

اقرأ هذه السطور من سفر حزقيال في الإصحاح السابع والأربعين:
"هكذا قال السيد الرب: هذا هو التخم الذى به تمتلكون الأرض بحسب أسباط صهيون الاثنى عشر:
- يوسف قسمان. وتمتلكونها أحدكم كصاحبه- على الهيئة- التى رفعت يدي لأعطى آباءكم إياها. وهذه الأرض تقع لكم نصيبا.
- وهذا تخم الأرض: نحو الشمال من البحر الكبير طريق حثلون إلى المجيء إلى صدد.
- حماة وبيروتة وسبرائيم التى بين تخم دمشق وتخم حماة وحصر الوسطى التى على تخم حوران.
- ويكون التخم من البحر حصر عينان تخم دمشق والشمال شمالا. وتخم حماة وهذا جانب الشمال.
- وجانب الشرق بين حوران ودمشق وجلعاد وأرض صهيون الأردن من التخم إلى البحر الشرقي تقيسون. وهذا جانب المشرق.
- وجانب الجنوب يمينا من ثامار إلى مياه مريبوث قادش النهر إلى البحر الكبير. وهذا جانب اليمين جنوبا.
- وجانب الغرب البحر الكبير من التخم إلى مقابل مدخل حماة، وهذا جانب الغرب. فتقسمون هذه الأرض لكم لأسباط إسرائيل" اهـ.

هكذا وضع أنبياء بنى إسرائيل الأقدمون خطة تمزيق العرب. وتقسيم تراثهم على أسباط إسرائيل. وقد نقلت هذه السطور من العهد القديم وإن كنت لم أفهم أغلب الأسماء التى تحدد تخوم الأرض. أو توضح اتجاهات الزحف اليهودي كما أوصى به كاتبو ذلك العهد..

ويُظهر أن اليهود لخصوا المراد فى الجملة المشهورة "أرض صهيون من الفرات إلى النيل". وهم أدرى بما فى كتبهم المقدسة. وأدرى بما يعنيه "حزقيال" متلقى هذه الخريطة عن الوحي الإلهي! كما يدينون..!!
-----
من كتاب "الحق المر"