يعد خلق الحياء من أفضل الأخلاق وأجلها، وأعظمها وأكثرها نفعا، كما جاء في السنة النبوية، لذا على الأم تعليم أبنائها على اكتساب مكارم الأخلاق، وأمهات الفضائل؛ تعلمهم الخير، وتشجعهم عليه، وتعمق لديهم فكرة مفادها أن التربية بدون أخلاق تربية جوفاء، والأخلاق بلا تربية أخلاق بتراء.

ولا بد أن يعي الأبناء أن خلق الحياء، وهو سمت الأنبياء والأولياء والصالحين، قال تعالى في سورة القلم: "وإنك لعلى خلق عظيم"، وهو صفة مشتركة بين الإنسانية جمعاء، كما أن شعبة من شعب الإيمان، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحياء خلق الإسلام، وقرين الإيمان، وصعود في مدارج الإحسان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لكل دین خلقا، وخلق الإسلام الحياء"، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم النصيب الأوفر منه، وقد حث الشرع عليه، ورغب فيه لا سيما وأنه باعث على الخير.

مراتب الحياء
لا بد أن يعلم الآباء لأبنائهم مراتب الحياء ودرجاته وهي:

الحياء من الله بذكره، ومحبته، والإحساس بمراقبته، والخشية من المصير الأخروي.

الحياء من الناس؛ بالابتعاد عن كل قبيح، بالملاطفة، والملاينة، والصبر، والتوقير، والتعظيم.

فالسيدة أسماء بنت أبي بكر نموذج للصحابيات اللواتي جسدن الحياء في أسمی تجلياته؛ كما استحت سيدتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها من كون الثوب الذي يغطي جسد المرأة بعد موتها شغاف ويلتصق.

يبذل الأبوان كل ما في وسعهما، ويوجهان أبناءهما التوجيه الرقيق، ويوضحان لهم أن الحياء لا يمنع الإنسان من تعلم دينه؛ وها هي أم سليم رضي الله عنها، لم يمنعها حياؤها من الوقوف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، مستفسرة عن أمر دينها.

نموذج آخر هو تجسيد لمقام الحياء؛ سیدنا عثمان بن عفان، وقد شهد الرسول صلى الله عليه وسلم بحيائه حين همّ عثمان بالدخول عليه فاعتدل في جلسته وقال: "ألا أستحيي من رجل تستحيي الملائكة منه".

فالحياء أبو الفضائل، وهو من أهم شُعب الإيمان، هو وقاية ذات حدين: حياء من الله وانكماش عن فعل يكرهه الله، وحياء توقير واحترام وأدب ولباقة، فتلك الفضائل، أو ينقلب الحياء على صاحبه فتصبح العافية داء، وذلك الخجل، قاتل الفضائل.

وهناك فوائد لتعظيم معنى الحياء في بيوتنا:

– البيت الذي يشيع فيه الحياء هو بيت أخلاق وذكر وطمأنينة، وبيت إيمان ونبل وعفة.

– الحياء هو الحافز القوي الذي يدفع الأبناء لتوجيه غرائزهم الوجهة الصحيحة، والتعامل مع جوارحهم وعقولهم بشكل هادف، والتغلب على غرورهم وأنانيتهم. وهذا -لعمري- هو لب الحياء وجوهره.