قال لي طالب جامعي بالإسكندرية: لقد أروني كتاب البخاري، وقرأوا لي منه حدیثَ "نصرت بالرعب" وتضاحكوا وهم يقولون: "نبي مرعب" ينشر دينه بالإرهاب، والاعتراف سيد الأدلة!

وقلت للطالب: إن البخاري وغيره رووا هذا الحديث، وأريد أن أشرح لك المعنى الوحيد له مستعرضا مواضع هذه الكلمة لا في السنة الشريفة، بل في القرآن الكريم، لتعلم أنها أتت في سياق حرب "دفاعية" عن الحق، "هجومية" على الباطل، الا عدوان فيها ولا إرهاب.

بعد هزيمة المسلمين في أحد نزلت هذه الآية: "سَنُلْقِى فِى قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ  ٱلرُّعْبَ بِمَآ أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِۦ  سُلْطَٰنًا ۖ وَمَأْوَىٰهُمُ ٱلنَّارُ ۚ وَبِئْسَ مَثْوَى ٱلظَّٰلِمِينَ".
وهزيمة أحد كانت في أعقاب خروج المشركين من مكة، وشنهم الهجوم على الإسلام وأمته في المدينة. وقد استطاع المشركون إيقاع خسائر جسيمة بالمدافعين عن الدين وموطنهالجديد مما ترك آثارة سيئة في النفوس...
فأراد الله أن يواسي جراحهم، وأن يشعرهم أن القتال القادم سيكون لمصلحتهم، وأنه سيقذف الرعب في قلوب المعتدين عندما يكررون هجومهم. فماذا في ذلك من عيب؟

وجاءت هذه الكلمة عندما خان یهود بني النضير عهدهم، وحاولوا قتل النبي، فرد عليهم حملة ليؤدبهم، ولكن القوم دون قتال حل بهم الفزع وقرروا الجلاء عن المدينة، "هُوَ ٱلَّذِىٓ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ  مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ مِن دِيَٰرِهِمْ لِأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ ۚ مَا  ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ ۖ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ  حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ  يَحْتَسِبُواْ ۖ وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ  بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِى ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ  يَٰٓأُوْلِى ٱلْأَبْصَٰرِ".

وأخيرا ذ كرت هذه الكلمة عندما انضم يهود بني قريظة إلى الأحزاب التي أحاطت بالمدينة تبغي دگها على من فيها، وأعلنت حصار رهيب عليها.
وكان بنو قریظة قد أعطوا العهد من قبل على أن يعيشوا مع المسلمين في سلام شریف، واعترف رئيسهم بأنه لم يجد من النبي إلأخيرا، ومع ذلك فقد انتهز الفرصة التي سنحت، وأعلن الحرب الغادرة وظن أنه سيقاسم المشركين الغنائم بعد الإجهاز على محمد وصحابته. ولكن قدر الله كان أغلب، لقد فض الله جموع المحاصرين: "وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ  وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ  فَرِيقًا".
إذا وقعت حرب الآن بيننا وبين إسرائيل، حرب جادة يستعلن فيها الإسلام وتتحد الكلمة ويتقدم ليوث محمد يطلبون إحدى الحسنيين: إما النصر وإما الشهادة، وفزع اليهود لهذا الزحف الجديد، الواثق العنيد، أإذا حدث ذلك وسرى الرعب في قلوب أعدائنا قيل عنا أننا إرهابيون؟
======
من كتاب "قذائف الحق".