عبرت جهات في الكيان الصهيوني عن حالة قلق وغضب وارتباك، بعدما الإعلان عن قرار المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق مع الكيان الصهيوني بشبهة التورط في ارتكاب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1967، وسط استمرار بتهديد السلطة الفلسطينية بالانتقام منها.

وحمل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو والساسة والعسكريون الصهاينة من الائتلاف الحاكم والمعارضة على قرار المحكمة الدولية، واتهموها بمعاداة السامية والنفاق والاستهداف البيّن للكيان.

من جهته اعتبر قائد جيش الاحتلال، أفيف كوخافي، قرار المحكمة الدولية خاليا من أي صلاحية. فيما اعتبره وزير خارجية الاحتلال، جابي أشكنازي، إفلاسا أخلاقيا وقضائيا. لكن وزير الأمن الأسبق ورئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيجدور ليبرمان الذي هاجم المحكمة الدولية، اعتبر في حديث للإذاعة العامة الصهيونية أن قرار المحكمة يعكس فشلا ذريعا لسياسات نتنياهو وحكومته. وأوضح ليبرمان أنه لا يستطيع تقديم تفاصيل أخرى عبر الأثير حول إخفاقات نتنياهو في هذا المضمار.

مزاعم التحقيق الذاتي

ويخشى الصهاينة من احتمال صدور أوامر اعتقال ضد مسئولين سياسيين وعسكريين من قياداتهم، ويأملون أن تستمر المحاكمة سنوات ولا تطال جنودا وضباطا صغارا، وأن تبادر المدعية العامة الجديدة للمحكمة كاريم خان لتغيير قرار المدعية العامة الحالية فاتو بنسودا.

بين هذا وذاك، من المنتظر أن تصل الكيان مذكرة خلال الأيام القادمة من المحكمة الجنائية الدولية تشمل شروحات حول التحقيقات بشبهة ارتكاب جرائم حرب خلال عدوان “الجرف الصامد” عام 2014 على قطاع غزة، إضافة للتحقيق مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس). كما يتمنى الصهاينة أن تمد إدارة بايدن يد المساعدة لها ضد المحكمة الدولية وعدم الاكتفاء بإعلان معارضتها لقرار المحكمة، ومنع بنسودا من دخول الولايات المتحدة.

تهديد وابتزاز السلطة الفلسطينية

وهدد الصهاينة السلطة الفلسطينية، وحذّروها من “تبعات” تعاونها مع تحقيق المحكمة الجنائية الدولية حول جرائم الحرب الصهيونية في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967. وكشفت القناة الصهيونية الرسمية أن الكيان أخطر السلطة الفلسطينية بأنه “ستكون هناك تداعيات لفتح التحقيق الدولي في محكمة لاهاي، تشمل إظهار السلطة الفلسطينية لحماس زائد في التعاون مع المحكمة وإمدادها بمعلومات قد تُسرّع من إجراءات التحقيق. وهدد الصهاينة السلطة الفلسطينية بـ”وقف الدفع باتجاه إطلاق عملية سياسية وجولة مفاوضات مع الفلسطينيين أو إجراءات لبناء الثقة”، كما هددوها بـ”تضييق اقتصادي يشمل تقييد الأنشطة التجارية في الضفة الغربية المحتلة”.

وبحسب ما نُشر، تتمحور التحقيقات الدولية بعدوان “الجرف الصامد” على غزة قبل سبع سنوات، وبالبناء في المستوطنات. وبعد أن يتلقى الكيان الصهيوني مذكرة رسمية من الجنايات الدولية، سيتعين عليه الرد خلال 30 يوما عما إذا كان ينوي التحقيق بنفسه بالشبهات المنسوبة له.

 

ويرى موقع “واينت” الصهيوني أنه رغم أن التهديد القضائي الموجه لمسئولين كبار في الكيان  ليس فوريا، فإن قرار الجنائية الدولية ينطوي على تبعات خطيرة وبعيدة المدى. مرجحا أن يتعرض للتحقيق أو الاعتقال قادة الجيش والمؤسسة الأمنية والاستيطان بمن فيهم رئيس حكومة الاحتلال ووزراء وقائد الأركان. ويوضح أن أوامر اعتقال بحق الصهاينة لن تصدر قريبا؛ لأن التحقيقات تستغرق وقتا طويلا، مذكرا بأن قرار فتح ملف تحقيق بحق جورجيا عام 2015 لم ينم عن أوامر اعتقال.

وينقل الموقع عن خبراء قضائيين صهاينة قولهم إن مصدر القلق من قرار المحكمة الدولية ينبع من احتمال صدور أوامر الاعتقال بشكل سري وفجائي، في ظل التوقعات بأن يقاطع الكيان المحكمة ولا يتعاون معها. موضحا أنه مع صدور أوامر الاعتقال تصبح كل واحدة من الدول الأعضاء في محكمة الجنايات الدولية (122 دولة) ملزمة باعتقال المشتبه بهم ممن صدرت بحقهم مذكرات اعتقال، مما يجعل الاعتقال خطرا حقيقيا داهما.

 

ويقترح “واينت” التريث ليرى الكيان بنود الاتهام التي تتضمنها لائحة الدعوى القضائية، وبالتزامن يجند دعما دوليا واسعا ضد قرار المحكمة الدولية، على أن يبادر في المنظور الفوري للاستعداد الخاص وإبداء حذر شديد بكل ما يتعلق بسفر المسئولين إلى خارج البلاد، علما أنها سبق وأعدت قائمة بـ300 شخصية صهيونية معرضة لتهديد الاعتقال في العالم.

تعقيب بنسودا على تهم الصهاينة

وعقبت فاتو بنسودا على الهجوم الصهيوني عليها وعلى المحكمة الجنائية الدولية بالقول في تصريحات إعلامية، إنها ترفض تهم اللاسامية الموجهة لها، نافية استرشادها بأجندة معادية للكيان مسبقا. وتابعت: “لا توجد لدينا أي أجندة سوى احترام واجباتنا المحددة بميثاق روما باستقامة”. كما ذكّرت المدعية العامة بقرارها عدم فتح ملف تحقيق بالهجوم الصهيوني على السفينة التركية ماري مرمرة عام 2010، منوهة أنه عندما تتوجه دولة للمحكمة بادعاء بوجود أساس لفتح ملف تحقيق جنائي فإنها ملزمة باتخاذ قرار كهذا.