بعد أربع جولات انتخابية شفافة ونزيهة .. حسم يحيى السنوار النتيجة لصالحه ضد نزار عوض الله على منصب رئاسة الحركة بغزة .

وما إن تمت هذه الانتخابات حتى بدأ البعض محاولة إسقاط ماتم من انتخابات في غزة على واقع جماعة الإخوان المسلمين بمصر، وهذا ظلم بين .

 فالظروف في غزة مختلفة كليا عن الظروف في المنطقة العربية كلها .

فغزة هى المكان  الوحيد المحرر في العالم العربى، على عكس مايتصور البعض بأن غزة محتلة !!

أما ما يتم تداوله حول انتخابات حماس الداخلية، رغم ما تمر به من ظروف قاسية واستغلال ذلك في محاولة الهمز واللمز للطعن في ما يتم في فروع الحركة الإسلامية في مناطق أخرى .. فإن هذه المحاولات تحتاج إلى وقفة جادة، ونظرة شاملة لا أن يُُتناول الموضوع بصورة مجتزأة دون العلم بتفاصيله .

بداية يمكننا القول: إن إجراء انتخابات حركة بوزن حركة حماس أمر في غاية الإيجابية ودليل دامغ على أن الإسلاميين يمارسون الديمقراطية في تنظيماتهم الداخلية  بنزاهة وشفافية؛ مهما حاول الآخرون تشويه صورتهم والادعاء بأنهم إذا ما كانوا في السلطة فسيكون الاستبداد هو سيد الموقف، ويستدلون على ذلك ببقاء بعض القيادات في أماكنهم فترة طويلة حسب زعمهم .

وللدلالة على ذلك نقول:

أولاً : من المعلوم أن انتخابات حماس تتم في المناطق غير الخاضعة للاحتلال الصهيوني، وبالتالي ما يشاع أنها تتم في كل الأماكن بما فيها الضفة الغربية .. هو أمر مجاف للحقيقة .

لذلك يتم إعلان مسئول الحركة في غزة والخارج فقط، أما الضفة الغربية فلها ظروفها الاستثنائية، وهذه الانتخابات بلا أدنى شك صورة مشرفة لحركة حماس .

ثانياً : نذكر الجميع بما تم في مصر- رغم استبداد وقمع نظام المخلوع مبارك للمعارضة - من انتخابات قاعدية من الشعبة وحتى مكتب الإرشاد في عام 1990 ، 1994 وقد ترتب على ذلك  الزج بعدد من أعضاء شورى الجماعة ومكتب الإرشاد فى محاكمات عسكرية هزلية، وسلسلة محاكم استمرت أكثر من عشر سنوات وطالت تقريبا معظم أعضاء مكتب الإرشاد، وكانت رسالة النظام الواضحة أن مثل هذه الانتخابات خط أحمر بالنسبة للنظام .

وبالرغم من كل أدوات القمع و البطش المستخدمة ضد الحركة .. فقد كانت اجتماعات مكتب الإرشاد تتم بصورة أو بأخرى .

وقد شارك الإخوان في الانتخابات البرلمانية المصرية أكثر من مرة بمرشحين بصفتهم الإخوانية .

كما تمت انتخابات تكميلية لأعضاء مكتب الإرشاد وتم الإعلان عن نتائجها، بل تناولتها الصحف المصرية بشكل واسع .

ثالثاً: تمت انتخابات الإخوان عام 2010 في عهد مبارك أيضا من القاعدة للقمة على مستوى الجمهورية، وتم الإعلان عن نتائجها في مؤتمر صحفي بالقاهرة، بل تم إعلان انتخاب مرشد جديد للجماعة في مؤتمر صحفي مشهور .

رابعاً: بعد الثورة تمت انتخابات تكميلية لأعضاء مكتب الإرشاد في أحد فنادق القاهرة الكبرى وفي حضور الصحفيين وجميع أعضاء مجلس الشورى العام للجماعة، وتم نقلها على الهواء مباشرة .

وللعلم فإن جميع انتخابات الجماعة في مصر على كل المستويات لا يكون فيها تزكية لأحد أو تقدمه للترشح أو منعه منه، فكل الأسماء مرشحة وتتم الإعادة إذا لم يحصل أحد المرشحين على أكثر من نصف الأصوات .

خامساً: بعد الانقلاب ورغم قتامة المشهد والقمع والقهر الذي مارسه النظام ضد أفراد الجماعة، والزج بمعظم قيادييها في السجون والمعتقلات .. فقد تمت انتخابات تكميلية لجميع الهياكل الإدارية عام 2015 .

ولمن لا يعرف الواقع المصري، فالإخوان في السجون محرومون من الزيارة والتواصل مع الأهل والمحامين منذ ثماني سنوات، في الوقت الذي لا يحرم فيه الأسير الفلسطيني من التواصل مع أهله ومحاميه بل ومع بعضهم البعض، فهناك هيئة منتخبة للأسرى بعلم الصهاينة، لأنهم حريصون على تصدير صورة للعالم تبدو وكأن فيها نوعا من الحرية مع استخدام كل وسائل الإجرام في معاملة الأسرى.                                                                                                                                        

فالانطباعات العابرة وإن كان فيها بعض الحق .. إلا أنها يعتريها كثير من اللبس والغموض، وعرضها بهذه الصورة ظلم و خطأ جسيم .

ومع ذلك فإن الجماعة تقبل النصح مهما كان قاسياً، وتقدرالاجتهادات الجادة، مهما اعتراها من شطط ، والجماعة لن تألو جهداً في تصحيح الأخطاء ومعالجة العيوب ونشدان الكمال.

ورغم كل ماتبذله قيادة حركة حماس من جهود علي الصُّعُد كافة، وفي ظل أجواء عصيبة وتحديات كبيرة، فلم تسلم انتخابات الحركة رغم كل التحديات من نقد من بعض أبناء الحركة ومحبيها أو كارهيها علي السواء .

فالله الله في دعوتنا، ونعوذ بالله أن نكون  همازين لمازين لدعوتنا التي ربتنا وعلمتنا، وتنسمنا فيها عبير الحرية والعزة والكرامة والله أكبر ولله الحمد .