عندما قال الشاعر العباسي " أبوتمام" : 
السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ :: في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ
فإن " أبوتمام" - رحمه الله-  كان يقصد بذلك أن السيف أصدق من نبوءات المنجمين، وأن حد السيف هو الذي يفصل بين الجد واللعب .
وكان سبب ذلك أن الروم أغاروا على أهل عمّورية أيام الخليفة المعتصم بالله، واعتدى أحد علوج الروم على امرأة مسلمة؛ فصرخت واستغاثت بالمعتصم بالله قائلة: “وامعتصماه” فوصل خبر هذه المرأة إِلى المعتصم بالله فأقسم أن ينصرها .
رب وامعتصماه انطلقت  ... ملء أفواه الصبايا اليتّم 
لامست أسماعهم لكنها  ... لم تلامس نخوة المعتصم
وقد زعم المنجمون  أنه يجب على المعتصم أن يصبر حتى ينضج العنب والتين، وبعد ذلك يستطيع فتح عمورية. 
ولكنه لم يأبه بما قالوا، وقرر غزو الروم  وانتصر عليهم، فأنشد أبوتمام قصيدته المعروفة.
ذكرني هذا البيت الرائع لأبي تمام بما نشره إعلامي صهيوني والذي يعبر فيه عن خيبة أمله من الرواية الرسمية لجيش الاحتلال الذي يكذب ويتحرى الكذب قائلاً :
"جمهورنا بات ينتظر بيانات الناطق العسكري لحماس ( أبو عبيدة) ويعمل على أساسها، ويثق بكلامه أكثر من ثقته برواية جيشنا وحكومتنا".
وهذا بالطبع لم يتأت من فراغ، ولكن بالدليل القاطع والبرهان الساطع .
فهناك فعلاً استطلاعات رأي أكدت أن الشارع الصهيوني يصدق خطابات " البطل الملثم "- أبوعبيدة- أكثر من تصريحات القيادات السياسية والعسكرية الصهيونية .
لأن أباعبيدة  نجح فى إثبات كذب الكثير من الروايات للمستويين العسكري والسياسي لدى الصهاينة عبر تأكيد وقوع قتلى فى الجيش الصهيوني بعمليات نفى الجيش سابقاً وقوعها، أو إظهار خوف وتراجع الجنود الصهاينة أمام ضربات المقاومة.
وهو ما دفع الجيش الصهيوني إلى العمل على منع وصول مقاطع أبى عبيدة التي نشرت كثيراً مترجمة بالعبرية إلى الجنود للحفاظ على الروح المعنوية القتالية لهم .
والطريف أن الإعلام الصهيوني يسير على خطى الإعلام العربي ، حيث يسوق الإعلام الصهيوني رواية لتحميل رئيس أركان جيش الاحتلال "أفيف كوخافي" المسئولية عن فشل العدوان على غزة لإعفاء مجرم الحرب النتن ياهو من المسئولية!!
وإذا كان الإعلام الصهيوني يزيف الحقائق فالإعلام العربي يقوم بنفس الدور من خلال نشره أخبار الحرب الصهيونية على غزة والقدس والشيخ جراج وانتفاضة الداخل الفلسطيني من خلال نقل الأخبار الكاذبة عن رويات العصابات الصهيونية وقطعان المستوطنين . 
ولله در الشيخ عبدالعزيز الطريفي الذى قال عن قناة العبرية "العربية" المشبوهة : "لو كانت (قناة العربية) في زمن النبوة ما اجتمع المنافقون إلا فيها، ولا أُنفقت أموال بني قريظة إلا عليها".
فقد نقلت هذه القناة المشبوهة عن إعلامي صهيوني عن وزير دفاع الاحتلال قوله: "أنهينا قدرات حماس العسكرية ".
وبعدها بساعات كان صاروخ "عياش" يوقف العمل في مطارات الصهاينة ومدارسهم .
فقناة "العربية" لقيطة، غير محايدة في تغطيتها للأحداث، ولا تنحاز للقضية الفلسطينية، قضية العرب والمسلمين الأولى، وتتبنى رواية وسياسات الدول المنبطحة والمطبعة مع الكيان الصهيوني حتى لوكانت تجافي الحقيقة .
فعلى سبيل المثال لا الحصر.. فعند تناولها للأحداث في فلسطين تقول "الجيش الإسرائيلي" و "القتلى الفلسطينيين" بدلا من "الشهداء الفلسطينيين" و "سلاح غزة" حتى أن من يتابعها  يظن أنه يتابع  قناة عبرية وليست قناة عربية .
وقد وصفت القناة ما جرى من اقتحامات شرطة الاحتلال وقطعان الصهاينة لحي الشيخ جراح وباب العامود واقتحامات المسجد الأقصى بأنه "اشتباكات" بين طرفين بسبب "خلاف على التجمع وقت الإفطار" دون أي إشارة إلى انتهاكات المستوطنين ، واعتداءات قوات الاحتلال على الفلسطينيين في الأقصى، وإطلاق قنابل الغاز على المصلين والمعتكفين .
وعند الحديث عن حركة حماس تقول "سلاح غزة" في إشارة إلى المقاومة، وكأنها لا تعترف بالمقاومة وبما تقوم به من ردع للصهاينة رغم تفوقهم العسكري الواضح والدعم المطلق من الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، وهو ماعبر عنه نتن ياهو اليوم أمام عدد من السفراء بقوله: "إذا اعتقدت حركة حماس أنها تنتصر فهذه هزيمة لنا كلنا وللغرب بأسره".
فضلاً عن أن  مصطلح "سلاح غزة" الذي تستخدمه هذه القناة المشبوهة، يضفي صفة "التسليح" على شعب غزة بأكمله، مع أن الحقيقة غير ذلك .
وتتبنى القناة رواية الصهاينة" بأن الجيش الصهيوني يؤكد تركيز هجماته على أنفاق حماس"، في تجاهل تام لمئات القتلى من الأطفال والنساء !، وإبادة عائلات بأكملها !، مثلما حدث في مخيم الشاطئ الذي أسفر عن إفناء أسر كاملة .
وآخر فضائح هذه القناة ماذكرته عن موجة اعتقالات في قطاع غزة لعملاء من داخل حركة حماس، بما في ذلك هروب قائد في وحدة الكوماندوز البحري التابعة لكتائب القسام إلى الكيان!! .
فقد ردت صحيفة "إسرائيل اليوم" على قناة "العبرية" العربية بقولها أن هذه الأخبار "لا ترتكز على مصادر موثوقة".
فلمصلحة من يقوم الإعلام العبري العربي المأجور بتزييف الحقائق وتبني مواقف لاتخدم إلا مصلحة الكيان الصهيوني الغاصب؟؟ 
ولكن كما يقولون : أن حبل الكذب قصير ، فسرعان ما تظهر الحقيقة ويفتضح أمر الكاذب .