قيل البنت قرة عين أبيها، وروح فؤاده، صديقة بلا شبهه، حبيبة بلا غيرة، رفيقة العمر مضمونة، والقلوب بحبها مسكونة، سبب الرزق على رغم ضعفها، وأم أبيها برغم صغرها شمس أيامه، وقمر لياليه، وسبيله إلى الجنة بإذن ربها .

لا أشك يا بنيتي أنك تعلمين عظيم محبتي لك، ولا أظنه يساورك أدنى شك في هذه المحبة التي ترينها، ولله الحمد، على أرض الواقع تربية وتعليمًا ومعاملة.! ولكن لماذا أحبك؟!

حتى تعرفي مقدار تلك المحبة والرحمة.. دعيني أبثك حال المرأة في الجاهلية، ألست تعلمين أنهم كانوا يقومون بوأد البنات؟! أليست تعاني من الظلم والقهر ما الله به عليم! وأن أردت مثالاً واضحًا فدونك حال المرأة الغربية اليوم، وكيف تباع وتشترى كالسلعة، ثم إذ كبرت عانت الأمرين من الشيخوخة والعقوق! وما إن ينتهى الحديث المؤلم عن واقع المرأة في الغرب حتى بادرت صغيرتي بسؤال فيه حنان! أتحبني يا أبي؟! نعم أحبك يا صغيرتي فأنت فلذة كبدي، وريحانة قلبي!

أتعرفين لماذا أحبك؟.. أحبك لأن حسن تربيتك، والقيام بأمرك من أسباب دخول الجنة قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من كان له ثلاث بنات، يعولهن ويرحمهن ويكفلهن، وجبت له الجنة ألبتة» قيل يا رسول الله، فإن كن اثنتين؟ قال: «وإن كن اثنتين» [رواه أحمد].

يا بنيتي.. تربيتك والإحسان إليك ترفع الدرجات، وهو ما نسعى إليه جميعًا في هذه الدنيا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من عال أي - قام عليها بالمؤنة والتربية - جارتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين - وضم أصبعيه-» [رواه مسلم].

قال ابن بطال - رحمه الله-: «حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك».

يا بنيتي: أحبك فأنت ستر لي وحجاب من النار، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترًا من النار» [رواه مسلم].

والإحسان الوارد في الحديث معناه: القيام بأمور الدنيا كالأكل والشرب والكسوة وغيرها، مع أمر مهم جدًا ألا وهو تربيتهن التربية الإسلامية، وتعليمهن، وتتنشئتهن على الحق، والحرص على عفتهن، وبعدهن عما حرم الله من التبرج وغيره، وهو ما يتبادر إلى ذهنك أنه سياج أضعه أمامك وتقييد لحريتك وتدخل في شئونك!

يا بنيتي احبك أسوة بنبينا صلى الله عليه وسلم فقد كان يستقبل ابنتة فاطمة، ويمشي لها، وكان إذا رآها رحب بها، وقال: «مرحبًا يا بنيتي» ثم يجلسها عن يمينه، أو شماله [رواه مسلم].

وكان صلى الله عليه وسلم: «إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها، فقبلها، وأجلسها مجلسه» [رواه أبو داود].

كانوا يتواصون بمحبة البنات والعناية بهن.

كان الإمام أحمد يقول: «الأنبياء آباء بنات وقد جاء في البنات (أي من الفضل) ما علمت».

يا بنيتي.. الآن علمت لماذا أحبك؟!

أحبك محبة صادقة.. امتثالاً لأمر الله - عز وجل - وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذه المحبة عبادة أتقرب بها إلى الله - عز وجل-.