أرسل الله سبحانه الرسل مبشرين ومنذرين، وجعل من بعدهم بقايا من أهل العلم، أخذوا بأيدي الناس إلى صلاح الدنيا والأخرة، وأناروا لهم الطريق وهانت حياتهم في رفعة الدين وماتوا على ذلك فالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى منهج الأنبياء ومن بعدهم العلماء والمصلحين الذين جعلهم الله سبحانه حجة على الناس في كل وقت وحين.

ولذا تظل ذكرى الصالحين نسيمًا للعليل، وبلسمًا للمريض، وعبرةً للسائرين على طريق رب العالمين وموعظة للمتقين. والشيخ مناع القطان كان واحد ممن سعى لترجمة معاني الإسلام قولا وفعلا، فترك بصمات وآثار تربوية في نفوس الناس، حتى سطرت صحائف التاريخ اسمه بمداد من نور.

ميلاده

وسط الريف المصري، ووسط أجواء التربية المحافظة ولد الشيخ مناع خليل القطان في قرية شنشور التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية بمصر، في أسرة متوسطة الحال، وفي بيئة إسلامية مترابطة في أكتوبر من عام 1925م الموافق ربيع الأول 1344هـ.

بدأ حياته بحفظ القرآن الكريم في كتاب القرية، على دأب أمثاله من أبناء البيوت المحافظة في ريف مصر حيث حرص والده على حسن تربيته منذ صغره.

تعليمه

بعدما تعلم على يدي شيخه في الكتاب أصول المعرفة والكتابة والقراءة وحفظ القرآن، ألحقه والده بالمدرسة الإبتدائية ليتمها وهو لم يتجاوز سنه الثانية عشرة من عمره. بعدها دفع والده به إلى المعهد الأزهري بشبين الكوم؛ كي يزداد معرفة بالعلوم الإسلامية، حيث كان والده يحب الأزهر ورجاله، ويتمنى لولده أن يكون واحدا مثلهم.

ظل في المعهد الديني حتى حصل على الثانوية الأزهرية، وقد تتلمذ على أيدي عدد من علماء عصره كالشيخ عبدالرازق عفيفي (أصبح رئيسا لجماعة أنصار السنة المحمدية قبل استقراره بالسعودية)، والشيخ عبدالمتعال سيف النصر وغيرهم.

التحق بكلية أصول الدين في القاهرة، ومنها حصل على الشهادة العالية بتفوق، ثم التحق بعدها بتخصص التدريس، ونال الشهادة العالمية مع إجازة التدريس عام 1951م.

مشايخه الذين تأثر بهم

الشيخ عبد الرزاق عفيفي -الشيخ عبد المتعال سيف النصر- الشيخ علي شلبي -الشيخ محمد زيدان

الدكتور محمد البهي - الدكتور محمد يوسف موسى

وهو يعتبر أن والده خليل القطان، ثم الشيخ عبد الرزاق عفيفي، ثم الإمام حسن البنا أكثر الشخصيات تأثيراً فيه.

نشاطه وعمله

بعدما نال إجازة التدريس عمل مدرسا قبل أن يُعار إلى المملكة العربية السعودية عام 1953م للعمل في مدارسها ومعاهدها. ثم انتقل للعمل بالتدريس في كلية الشريعة بالرياض عام 1958، ثم كلية اللغة العربية، حتى نال تقدير الجميع لإسهاماته فاختير مديراً للدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بالإضافة إلى عضويته في مجلس الجامعة، ورئاسة اللجنة العلمية لكلية البنات وكذلك لجنة السياسة التعليمية بالمملكة.

أيضا شارك في افتتاح المعهد الديني في الأحساء، ثم انتقل إلى القصيم ليفتتح أول معهد ديني بها. عمل مستشار خاص لوزارة الداخلية السعودية وأشرف على مواد التشريع الإسلامية بكلية قوى الأمن الداخلي. اختير عضوا في مجلس الإدارة لمدارس الرياض، بالإضافة إلى إشرافه على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه في جامعات محمد بن سعود، وأم القرى، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، والتي بلغ عددها 115 رسالة.

كلف من قبل كل من جامعة الإمام محمد بن سعود وجامعة الملك سعود بالرياض، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وجامعة أم القرى بمكة المكرمة، بتقييم عدد من بحوث أساتذتها المساعدين والمشاركين المقدمة للحصول على الترقيات، كما أحيلت إليه من بعض الجامعات عدة مؤلفات لتقدير مدى صلاحيتها للنشر.

مشروعاته

لم ينس الشيخ القطان في خضم الأحداث العناية بالنواحي التعليمية والخدمية في قريته، فاستطاع أن ينشئ مجمعًا إسلاميًّا خيريًّا عام 1993م في قريته شنشور بمحافظة المنوفية، على نفقته الخاصة، وافتتحه وزير الأوقاف المصري (آنذاك) محمود حمدي زقزوق بحضور عدد كبير من علماء الأزهر.

معرفته بالإخوان المسلمين

كان للبيئة التي نشأ فيها والتربية التي حظى بها من والده ومشايخه أثر في التفاعل مع كل من يدعو إلى العمل للإسلام.

التحق بجماعة الإخوان المسلمين في فترة مبكرة من حياته عندما كان طالباً في المرحلة الثانوية، ثم أصبح عضوًا في قسم الدعوة والإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين، وكان مكلفًا من قبل إخوانه بالتجول في المدن والقرى للدعوة إلى الفهم الصحيح للإسلام، ونشر مفاهيمه في محيط الطلاب. انتخب مسئولاً لطلاب الإخوان بكلية أصول الدين، قبل أن يشارك في الانتخابات الطلابية وتم انتخابه رئيساً لاتحاد الطلاب بكلية أصول الدين بالأزهر الشريف.

كانت تشغله الأمور التربوية حيث كان يرى فيها (رغم صغر سنه) أنها السبيل إلى النهوض بأبناء الوطن، ولذا تفاعل مع دعوة الإمام البنا في المطالبة بتجديد المناهج الأزهرية لتمكين الأزهر من النهوض بمسئوليته بإزاء الدعوة، ونشرت له عدداً من المقالات في جريدة "الشهاب" الناطقة باسم الإخوان في ذلك الوقت، وشارك في الأنشطة التربوية والدعوية منذ عام 1946م.

جهاده في فلسطين والقنال

اهتمت جماعة الإخوان المسلمين بالقضية الفلسطينية منذ نشأتها عام 1928، وأصبحت قضية محورية يهتم بها كل أبناء الإخوان. ومن ثم حينما تم صدور قرار بتقسيم فلسطين من قبل مجلس الأمن الدولي رفض الإخوان القرار الظالم، وقرروا الدفاع عن الأراضي المقدسة؛ ولذا افتتح الإمام البنا مراكز التطوع أمام شباب الإخوان المسلمين وغيرهم.

شارك مناع القطان في هذه المعسكرات وسافر للجهاد في فلسطين عام 1948م، وتعرض لخيانة الحكام والحكومة مثلما تعرض بقية المجاهدين حتى أنه تم اعتقاله عقب عودته من أرض المعركة وزج به في سجن الطور.

بعد خروجه من السجن وعودة جماعة الإخوان المسلمين إلى وضعها القانوني واختيار المستشار حسن الهضيبي مرشدا عاما لها، أعلن النحاس باشا (رئيس الوزراء)إلغاء معاهدة 1936م التي كانت بين مصر وبريطانيا، فاندفع الإخوان وشبابهم في محاربة المستعمر على طول القنال عام 1951م، فكان مناع القطان واحدا من هؤلاء المتطوعين.

عائلته

كان الشيخ مناع القطان يثني على والده الحاج خليل القطان ويصفه بالتقوى، وهو ما عمل على أن يترجمه الشيخ مناع في تربيته لأولاده حتى أتت ثمارها.

لم يستطع النزول للزواج خوفا من بطش عبدالناصر، فاختارت له أمه زوجة وسافرت إليه في السعودية، حيث رزقه الله بابنه الدكتور محمد القطان (أستاذ واستشاري جراحة اليد والتجميل ورئيس قسم الأبحاث في جامعة الملك سعود وهو متميز عالميا في مجاله)

ابنه الثاني الدكتور خالد القطان (استاذ واستشاري جراحة الصدر وزراعة الرئة في مستشفى الملك فيصل التخصصي والعميد المؤسس لكلية الطب في جامعة الفيصل). ابنه الدكتور وائل القطان (استشاري جراحة الكبد والمناظير في مدينة الملك فهد الطبية وجامعة الفيصل).

ابنته الكبرى الدكتورة هند القطان (استشارية جراحة العيون في مستشفى الملك خالد للعيون ورئيسة قسم علم الامراض وطب المختبر). ابنته الدكتورة ريم القطان (أستاذة لجراحة الأسنان في كلية طب الأسنان في جامعة الملك سعود). هذا وقد منحه الملك فيصل ـ رحمه الله ـ الجنسية السعودية وجواز سفر دبلوماسي .

نشاطاته

شارك في الكثير من المؤتمرات الإسلامية والعلمية في داخل المملكة وخارجها، وأهمها:

    المؤتمر الأول لرابطة العالم الإسلامي.

    المؤتمر الإسلامي العالمي في كراتشي.

    المؤتمر الإسلامي العالمي في بغداد.

    المؤتمر الإسلامي في القدس.

    مؤتمر المنظمات الإسلامية.

    مؤتمر رسالة الجامعة ـ الرياض.

    أسبوع الفقه الإسلامي ـ الرياض.

    أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ الرياض.

    المؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي ـ مكة المكرمة.

    المؤتمر الجغرافي الإسلامي ـ الرياض.

    ندوة رسالة المسجد ـ الرياض.

    مؤتمر الدعوة والدعاة ـ المدينة المنورة.

    مؤتمر مكافحة الجريمة ـ الرياض.

    ندوة مكافحة المخدرات ـ الرياض.

    مؤتمر الندوة العالمية للشباب المسلم ـ الرياض.

    ندوة انحراف الأحداث.

وغيرها من المؤتمرات والندوات في أنحاء العالم الإسلامي

مؤلفاته

أضاف إلى المكتبة الإسلامية بالكثير من الكتب ومنها:

    تاريخ التفسير ومناهج المفسرين.

    تفسير آيات الأحكام.

    مباحث في علوم القرآن الكريم.

    نزول القرآن على سبعة أحرف.

    التشريع والفقه في الإسلام تاريخاً ومنهجاً.

    الحديث والثقافة الإسلامية.

    الدعوة إلى الإسلام.

    معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية.

    رفع الحرج في الشريعة الإسلامية.

    وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية.

    موقف الإسلام من الاشتراكية.

    إقامة المسلم في بلد غير مسلم.

    نظام الأسرة في الإسلام.

    الزواج بالأجنبية.

    الإسلام رسالة الإصلاح.

    رعاية الإسلام للمعاقين.

    التكييف الفقهي للتبرع بالأعضاء وزراعتها.

    الحاجة إلى الرسل في هداية البشرية.

    مباحث في علوم الحديث.

    الفرق الإسلامية.

    العقيدة والمجتمع.

    القضاء في العهد النبوي والخلافة الراشدة.

توجهاته

ساهمت نشأة الشيخ مناع القطان ودراسته وعمله في المملكة العربية السعودية في إبراز الجانب الشرعي والديني على غيره من الجوانب.

تكشفت رؤيته في إصلاح الشعوب بالإسلام في قوله:

على يد علماء الإسلام الذين يدركون واقع أمتهم، ويفهمون حقيقة رسالتهم، ويقدرون أمانة الله في أعناقهم، على يد هؤلاء العلماء يقع العبء الثقيل في مسيرة الجيل، والوقوف في وجه التيارات الغازية، واستئناف حياة إسلامية صحيحة.

وفي موضع أخر يقول:

لكل مجتمع آلامه وآماله التي تنبعث من صميم بيئته، فهو يتطلع إلى مبضع يبرئ سقمه في لطف، ويعيد إليه عافيته، وما لم تلمس موعظة الداعية حقائق مشكلاته، يسبر أغوارها، ويشخص علاجها. والذي يخاطب عصره بمشكلات عصر آبائه وأجداده، أو معضلات بيئته، كالذي يصيح في واد، أو ينفخ في رماد.

وفي رؤيته أن مشكلة الأمة الرئيسة تكمن في البعد عن دينها وعقيدتها، إذ الأمة قد تُرزأ في اقتصادها، واحتلال أرضها، أو تخلف حياتها، لكنها تظل أمة حية تنبض بمعاني القوة، ما دامت معتصمة بدينها، مؤمنة بعقيدتها، والثقة بنصر الله لها.

والإسلام - كما يراه القطان - ليس فقط العبادات والشعائر إنما الإسلام عقيدة وشريعة،...، والإسلام دين عالمي للبشرية كلها، يترفَّع في بناء الأمة عن ولاء الجنس والعنصر والأرض، ويجعل العقيدة هي الوحدة المشتركة بين الناس جميعًا في ظل الإسلام.

حرب عقدية:

ويرى الشيخ القطان أن الحرب التي تدور على الأمة هي حرب عقدية في المقام الأول، إذ أن التآمر الدولي الذي يحيكه خصوم الإسلام إنما يستهدف القضاء على عقيدة الأمة الإسلامية ومقومات شخصياتها حتى تظل نهب المطامع الغربية تارة والشرقية أخرى، فلا يتحقق لها استقلال ذاتي ولا تنفض عن كاهلها غبار التبعية.

والتغريبيون أو التقدميون - كما يرى القطان - هم رأس الحربة في الغزو الفكري الذي يشق طريقه للقضاء على عقيدة الأمة الإسلامية ومقومات شخصياتها بخطوات ثابتة.

الدور الأبرز في إنقاذ عقيدة الأمة هو دور العلماء:

ويؤكد أن الدور الأبرز في إنقاذ الأمة هو دور العلماء، فعلى كاهل العلماء يقع العبء الثقيل في مسيرة الجيل، والوقوف في وجه التيارات الغازية، واستئناف حياة إسلامية صحيحة، وعلى يد علماء الإسلام الذين يدركون واقع أمتهم، ويفهمون حقيقة رسالتهم، ويقدرون أمانة الله في أعناقهم، على يد هؤلاء العلماء يقع العبء الثقيل في مسيرة الجيل، والوقوف في وجه التيارات الغازية، واستئناف حياة إسلامية صحيحة.

المعركة واحدة وغايتها واحدة:

وحتى يستطيع العلماء خوض المعركة فهناك حتمية يراها القطان وهي ضرورة العمل الموحد، فعلماء الإسلام على مر العصور والأجيال يختلفون في المسائل الفرعية الاجتهادية، ولكن هذا الاختلاف لم يفسد ما بينهم من رابطة الجهاد ووشيجة قرابته، فقد كانوا يوقنون بأنهم جميعا جنود عقيدة الإسلام في صف المعركة

فالمعركة واحدة وصفها واحد وغايتها واحدة، وهي تحرير الإنسان من عبوديته لأخيه الإنسان حتى يصير عبدًا خالصًا لله، وإذا كانت الاتجاهات المعادية للإسلام تدفن كل خلاف بينها لتقف على قلب رجل واحد في حرب الإسلام ولتحطيم كيانه وتمزيق شمل أمته، فكيف يسوغ لرجالات الإسلام أن يواجهوا هذا التكتل أشتاتًا متنافرين؟!

ويؤمن القطان بأهمية روح العصر في مواجهة المستجدات مع التمسك بالثوابت الشرعية المحكمة، فلكل عصر مشكلاته التي تتجدد معه بتجدد الحياة وأفكارها، ونظرة العقل البشري إليها، فالذي يخاطب عصره بمشكلات عصر آبائه وأجداده، أو معضلات بيئته، كالذي يصيح في واد، أو ينفخ في رماد.

اليقظة الواعية:

كما يرى أن اليقظة الواعية هي التي تنفض يدها من الشرق والغرب، وتراجع رصيدها الإسلامي من تاريخ أمتنا المجيدة، فتجدد في هذه الأمة بواعث الأمل وعوامل النهوض لبناء مجتمع إسلامي معاصر على مبادئ الإسلام وهدى شريعته، يقيم للإنسانية حضارة إسلامية فاضلة، تأخذ بيدها إلى سبيل الرشاد.

ويقول أيضا شرحا داء الأمة وعلاجها:

"لكل مجتمع آلامه وآماله التي تنبعث من صميم بيئته، فهو يتطلع إلى مبضع يبرئ سقمه في لطف، ويعيد إليه عافيته، وما لم تلمس موعظة الداعية حقائق مشكلاته، يسبر أغوارها، ويشخص علاجها، صمّ آذانه عن الاستماع إليها، ولكل عصر مشكلاته التي تتجدد معه بتجدد الحياة وأفكارها، ونظرة العقل البشري إليها، فالذي يخاطب عصره بمشكلات عصر آبائه وأجداده، أو معضلات بيئته، كالذي يصيح في واد، أو ينفخ في رماد. على كاهل العلماء يقع العبء الثقيل في مسيرة الجيل، والوقوف في وجه التيارات الغازية، واستئناف حياة إسلامية صحيحة.

إإن الإسلام عقيدة وشريعة، وإن الولاء الذي يجمع الشمل ويصلح الناس، هو الولاء للدين، والإسلام دين عالمي للبشرية كلها، يترفَّع في بناء الأمة عن ولاء الجنس والعنصر والأرض، ويجعل العقيدة هي الوحدة المشتركة بين الناس جميعاً في ظل الإسلام، فكانت الأخوّة الدينية بين المسلمين، هي هذه الوحدة المشتركة التي قررها القرآن الكريم( إنما المؤمنون إخوة) (الحجرات:10)

وقررها الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم"، فغلبت أخوّة الإيمان على كل صلة سواها، حتى صلة النسب، فنسي المرء بها قبيلته، وخرج على عشيرته، وخاصم الولد أباه، وقاتل الأخ أخاه:( لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أوعشيرتهم ....) (المجادلة:22)، وأخوّة النسب تنقطع بمخالفة الدين، وأخوّة الدين لا تنقطع بمخالفة النسب".

أثره وكلماته

اهتم الشيخ مناع القطان بجوانب التربية الفردية والمجتمعية حتى تميز في ذلك وترك بصمات عظيمة في هذا الشأن تتضح فيما قيل عنه.

يقول الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ (وزير العدل السعودي سابقا):

"لقد تتلمذت على الشيخ مناع القطان في المعهد العلمي، وفي كلية الشريعة، وقد كان له أكبر الأثر في نفوسنا، عندما كنا طلاباً للعلم، وقد غرس فضيلة الشيخ القطان في قلوبنا حب الخير والمعرفة والاطلاع والسعي دائماً بحثاً عن العلم".

ويقول عنه مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ:

"إن الشيخ مناع القطان داعية إسلامي معروف، وقد درست عليه مادة التفسير عندما كنت طالباً في جامعة الإمام محمد بن سعود لعامين في السنتين الثالثة والرابعة، وكان يرحمه الله من الدعاة المعروفين، وله عناية كبيرة بتفسير القرآن، وفد إلى المملكة قبل أربعين عاماً، ودرّس في معهد الرياض، وكلية الشريعة بجامعة الإمام".

ويقول الدكتور عبدالله الشبل مدير جامعة الإمام سابقاً:

"لقد كان الشيخ مناع القطان أحد العلماء البارزين الذين احتلوا مكانة مرموقة من خلال مشاركاته العلمية، وتواجده المكثف في مختلف القضايا التي تهم الإسلام والمسلمين، إضافة لحضوره البارز في الأبحاث الإسلامية".

ويقول عنه تلميذه د. إبراهيم السماري:

"تتلمذت على فضيلة الشيخ مناع القطان في كلية الشريعة، وكان مشرفاً على رسالتي للماجستير، ثم توفي رحمه الله وهو مشرف على رسالتي للدكتوراه، فعرفت الكثير من أخلاق فضيلته، وسمو نفسه، وعلو همته، وصدق صبره.

وحين أتحدث عن شيخي مناع القطان، أجد القلم مخنوقاً بعبرة الحسرة على فراق هذا الشيخ الجليل، وعلى فقد علمه الغزير الذي طالما أسعدني الاغتراف منه، ومما يميز هذا العالم الفاضل مع طلابه، تحليه بحليتي الصبر والتواضع، فبرغم مرضه في الآونة الأخيرة، لم يظهر تذمراً حين أراجعه في موضوع دراستي، بل كان يشجعني ويحثني على بذل أكبر جهد، ويفتح لي آفاقاً جديدة، أو مداخل قد أستفيد منها".

دفاع العلماء عنه

كتب أ.د. محمد بن يحيى النجيمي:

قرأت في جريدة الجزيرة بتاريخ 29-3-1434هـ مقالاً بعنوان: تعرّي الإخوانية، لمحمد بن عبد اللطيف آل الشيخ هاجم فيه الشيخ مناع القطان الشيخ الذي علَّم كثيراً من الناس في السعودية فقال: "ويخيل لي أن مناع القطان المصري الذي تجنس بالجنسية السعودية آخر حياته لو قام من قبره لنفى أن يكون إخوانياً خشية أن ينبذه الناس ويزدروه" فأقول:

الشيخ مناع خليل القطان شيخي وشيخ كثيرين بكل ما تعنيه العبارة، فهو شيخ كثيرين، وإن أبى من أبى، فكان يجب التأدب معه وهو معلِّم الأجيال فليس هذا جزاؤه، ولأن عمك الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية وأباك الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ هما من اختاراه عضواً في أول مجلس للمعهد العالي للقضاء في دورته الأولى في العام الجامعي 1385-1386 هـ

وكان رقمه رقم تسعة والأعضاء خمسة عشر عضواً برئاسة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وكان أستاذاً بكلية الشريعة. ولعلمك الذي كان رئيساً للكليات والمعاهد العلمية هو الشيخ محمد بن إبراهيم، وأن أباك هو النائب له ثم أصبح الشيخ مناع مديراً للمعهد العالي للقضاء فيما بعد لفترة امتدت لأكثر من سبع سنوات.

والرجل له مؤلفات رائعة حتى الآن يستفيد منها طلبة العلم، وقد منحه الملك فيصل - رحمه الله- الجنسية، فأنت تهين الرجل بقولك المصري وهو من الأموات ولا يحل إهانة الموتى، فغض الطرف إنك من نمير، وللشيخ مؤلّفات كثيرة ينتفع بها المسلمون حتى الآن منها:

    مباحث في علوم القرآن.

    تفسير آيات الأحكام.

    التشريع والفقه في الإسلام تاريخاً ومنهجاً.

    الحديث والثقافة الإسلامية.

    نظام الأسرة في الإسلام.

    الدعوة إلى الإسلام. وموقف الإسلام من الاشتراكية، والتشريع الجنائي في الإسلام.

ودرس في كلية الملك فهد الأمنية وعضو في وضع سياسات التعليم وغيرها وغيرها كثير. فلماذا يُعادى مثل هذا الرجل وهذه الكتب ليست إخوانية، بل للمسلمين جميعاً إلا إن كان الكتاب والسنة خاص بالإخوان فنعتذر لك.

وفاته

لم يدخر الشيخ مناع القطان لحظة في العمل من أجل الإسلام والدفاع عنه، وغرس روح الإيجابية والهمة العالية في نفوس أبناء المجتمع المسلم سواء بالقول أو العمل، فكان شعلة من نشاط، حتى كبر سنه ومرض في أخر حياته فتوفي يوم الاثنين 6 ربيع الآخر سنة 1420 هـ الموافق 19 يوليو 1999م وصُلي عليه في مسجد الراجحي بمنطقة الربوة، ودفن في مقابر النسيم بالرياض، عن عمر ناهز 75 عاماً.