علّق الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي على خروج مظاهرات، اليوم السبت، احتجاجًا على تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والهيكلية في البلاد، نافيًا أن يكون سببًا في انقسام الشارع.

وقال المرزوقي -في حديث لبرنامج المسائية على شاشة الجزيرة مباشر- إن قرارات الرئيس الحالي قيس سعيّد، في 25 يوليو الماضي، ارتكزت على جملة من الحجج والوعود، اكتشف الشارع حقيقتها بعد مرور 50 يومًا وتبين للشارع أنها وعود كاذبة، وإن فرِح بها الشارع أول الأمر وتوهّم أنها نهاية أزمة سياسية خانقة.

وتابع "الأزمات على تنوعها -اقتصادية وسياسية وهيكلية- تتفاقم في تونس، الدولة بدون برلمان ولا حكومة، ومن ثم فلا غرابة أن يخرج جزء من الشعب معبِّرًا عن غضبه".

واستطرد "لا أستغرب أن يكون قيس سعيّد قد بعث بأنصاره للتشويش على هذه المظاهرة، إذ إنه لا يتحمَّل أن يكون الشارع ليس معه، ولأنه يريد إظهار تمسكه بشعار (الشعب يريد)، فإن هؤلاء المتظاهرين هم أيضًا جزء من الشعب”، وذلك في إشارة إلى تصريحات سعيّد المتكررة بأنه يستمد شرعيته من الشعب وينفذ بقرارات، يوليو الماضي، رغبات التونسيين.

وأشار المرزوقي إلى أن المؤسسة الأمنية لم تقمع المتظاهرين لأن جموع التونسيين لن تقبل بمثل هذه التجاوزات، ولعدم قدرة سعيّد على التعامل مع المتظاهرين بالقوى الأمنية فإنه أرسل أنصاره للتشويش وتشتيت الانتباه، على عكس ما جرى، في يوليو المنقضي، إذ سُمح لأنصار سعيّد فقط بالخروج إلى الشارع.

وقال إن الأزمة تتفاقم كل يوم عِوض أن تتراجع، وخروج الشارع يحمل رسالة مفادها (كفى)، فالأمور حتى الساعة تراوح مكانها، والأزمات لم تُحل بعد ولا جديد منذ 50 يومًا.

وفي وقت سابق اليوم، قال سعيّد -في منشور عبر فيسبوك- إن ما يشهده الشارع التونسي يؤكد مناخ الحرية، مشيرًا إلى أن أحداث 25 يوليو الماضي ليست انقلابًا، مستدلًا بأن الانقلاب لا يسمح بالمظاهرات ولا يعطي مساحة للحريات.

وردًا على منشور سعيّد، قال المرزوقي “هذا كلام غير صحيح، فالانقلاب ليس على هذه الشاكلة فحسب، الانقلاب يتمثل في برلمان محاصر بالدبابات، ومثله قصر الحكومة، فضلًا عن سجن عدد من نواب الشعب”.

وواصل المرزوقي “المؤسسة الأمنية لم تعد تقبل بقمع الشارع، ولو فعلت لصارت المسألة فضيحة دولية، ومن ثم فإنه (سعيّد) مُجبر وليس بمقدوره فعل شيء سوى المراوغة، وقد خرج على الدستور الذي أقسم عليه، وهو الوحيد الذي يحكم دون وجود حكومة”.

وأبدى أسفه لتبدّد آمال الشعب وأحلامه يومًا بعد يومًا لتأزُّم الأوضاع وتفاقم الأزمات دون أن تلوح في الأفق بوادر حلول تنتشل المسار السياسي والاقتصادي التونسي من مأزقه مع تبخُّر وعود سعيّد، على حد تعبيره.

وعن رؤيته للخروج من المنعطف الضيق، قال الرئيس الأسبق “إنه يتعين على سعيّد تسمية حكومة جديدة، وإن كانت تلك الحكومة ستواجه صعوبات جمة مع رئيس كهذا لا يفهم ولا يتحدث ولا يناقش”، وفق تعبير المرزوقي.

وبخصوص رفض الاتحاد العام التونسي للشغل مظاهرات اليوم، قال المرزوقي “من يدعي أن النداء إلى التظاهر يقسِّم الشعب التونسي فهو كاذب، لأن الانقلاب هو الذي قسّم الشعب التونسي، وليست مظاهرات اليوم، ويتحمل سعيّد هذه مسؤولية تقسيم الشعب التونسي”، وأضاف “يضمن القانون حق التظاهر، فبأي منطق يُسمح لأنصار سعيّد وحدهم بالخروج؟”.

وتوقّع الرئيس التونسي الأسبق أن تكبر كرة الثلج بمرور الأيام، ولن يكون اليوم آخر التظاهرات ضد الانسداد السياسي في البلاد، وإنما “بداية مسلسل من المظاهرات نظرًا لتفاقم الأزمتين الاقتصادية والسياسية”.

وتابع المرزوقي “هل تعلم أن هذه الدولة المفلسة ربما تعجز عن دفع رواتب الموظفين؟ وأن الغلاء في ارتفاع مطرد، فضلًا عن العجز عن سداد الديون، وهذا الرجل (سعيّد) يرفض -حتى الآن- أن تكون لدينا حكومة، وهذا شيءٌ من الهَبَل”، حسب قوله.

وبعد أسابيع من قرارات سعيّد، يطغى الغموض في تونس بشأن الوضع السياسي ونظام الحكم ومصير الدستور الحالي.

وكان سعيّد قد تعهد بالتحرك في إطار الدستور، مضيفًا أنه قد يعمد إلى تعديل بعض فصوله، وأعلنت أحزاب عدة معارضتها لأي خطط لإلغاء دستور 2014.

ويواجه سعيّد ضغوطًا للإعلان عن أجندة محددة لإدارة المرحلة المقبلة، بما في ذلك الإصلاحات السياسية المتوقعة وتكوين حكومة في أقرب وقت لمباشرة مهامها التنفيذية والتفرغ للأزمة الاقتصادية.