قال رئيس الهيئة السياسية لحزب "أمل" أحمد نجيب الشابي، مساء السبت، إن الرئيس التونسي قيس سعيد منغلق على نفسه ولا يستمع إلى أحد، مضيفا أن السبيل للخروج من الأزمة السياسية الحالية في البلاد هو حوار وطني بين القوى السياسية.

وأوضح الشابي في مقابلة مع برنامج المسائية على الجزيرة مباشر أن "الخروج من هذه الورطة يكمن في إطار ندوة وطنية استشارية يشارك بها الجميع دون استثناء تتناقش في مسائل عديدة".

وقال: "أول هذه المسائل التي يجب أن تناقش هي مسألة تعيين شخصية وطنية تشكل حكومة إنقاذ عاجلة، لأن البلد لم يعد يتحمل تبعات الأزمة المالية والاقتصادية والحصار الخارجي".

وأضاف أن ثاني هذه المسائل "النقاش حول الإصلاحات الدستورية والقانونية التي تهم القانون الانتخابي، لأن تجربة العشر سنوات الماضية أثبتت أن التنظيم (القانون) السابق لا يستطيع أن يستمر".

وبين أن مخرجات هذه الندوة الاستشارية يجب أن تحال إلى الاستفتاء الشعبي، ثم نذهب إلى انتخابات مبكرة تعيدنا إلى الشرعية الانتخابية.

وأكد أنه يجب على قيس سعيد أن يبادر بالتشاور مع من يوافقه أو يخالفه بالرأي، حتى ننهض بالبلاد.

وقال الشابي: الرئيس قيس سعيد منغلق على نفسه لا يستمع لأحد، وقراراته ارتجالية، لا نعرف ما هي قرارات الغد، حتى هو نفسه قد لا يعلم ماذا يقرر غدا.

وأضاف: نحن في دولة لديها مكتسبات في مجالات الحرية، فمستقبلها لا يتوقف على شخص، فإما هذا الشخص (سعيد) يوقن أنه وصل إلى طريق مسدود، وأنه لا يمكن له أن يخطو خطوة إلى الأمام وأن يتراجع لينفتح على قوى المجتمع المدني والسياسي، أو أن القوى التونسية تنهض لإيقاف المنحدر الخطير.

وعند سؤاله هل ترى أن التراجعات التي أقدم عليها سعيد صادرة باقتناع منه أم مفروضة عليه؟ قال الشابي: شخصيا لا أتفق مع القول إن المشكلة لا تكمن بالرئيس بل بمحيطه، فهو بنفسه من يضع مستشاريه، المسؤولية المباشرة على الرئيس سعيد، وهو المطلوب منه أن يفتح طريقا للبلاد ويتحمل مسئوليته.

وحول ماذا سيحدث إذا لم يتراجع الرئيس خطوات للوراء، قال الشابي: "يمكنني أن أجزم أن هذه المغامرة سوف تسقط لأن كل العوامل ضدها، منظمات المجتمع المدني والسياسي أخذت مسافة عما يسمى بتحول 25 يوليو، وسهام النقد توجه من كل مكان".

وقال: "في الداخل هناك حصار مطبق وهناك أزمة اقتصادية ومالية جد خانقة وانتظارات جد عالية للتونسيين، وتخبط سياسي واقتصادي، لذلك في الأسابيع القادمة سيصل المجتمع إلى حافية الهاوية".

ووجه الشابي رسالة إلى سعيد قائلا: "كفاك مكابرة، أنت تسير في طريق مسدود، ولك الوقت لتتراجع، لا تراجعات جزئية ولو كنا نثمنها، لكن بتحول جدي إلى أبناء بلدك، لست وحيدا في علاقتك مع أبناء بلدك، شعب تونس شعب المواطنين، مهيكل في منظمات، وله من يمثله، فافتح حوار حتى نخرج من هذه الأزمة لنعزز الانتقال إلى الديمقراطية".

وتجمع تونسيون السبت للاحتجاج على إحكام سعيد قبضته على السلطة منذ يوليو، وهو ما أدى لأزمة دستورية واتهامات بحدوث انقلاب.

وتجمع المحتجون في وسط العاصمة وأخذوا يهتفون "يسقط الانقلاب" و"نريد العودة للشرعية"، بينما نظم عشرات من أنصار سعيد احتجاجا آخر هتفوا فيه "الشعب يريد حل البرلمان".

وصاحب الاحتجاج انتشار كثيف للشرطة، وهو الأول منذ إعلان سعيد في 25 يوليو عزل رئيس الوزراء وتعليق عمل البرلمان والسيطرة على السلطات التنفيذية.

وقال الشابي إن "المظاهرة صحية لأنها عبرت عن تيارات موجودة في المجتمع التونسي ترفض الانقلاب الذي جرى 25 يوليو الماضي، وهي بنفس الوقت مظاهرة ناجحة، حيث خرج عدة آلاف بشارع بورقيبة".

وقال: "يجب أن نشير إلى أننا في وضع استثنائي يمنع التجمهرات، ورغم ذلك وقع التجمهر لعدة آلاف من التونسيين، نادوا بالتمسك بالدستور والعودة للشرعية ونددوا بالانقلاب".

ثلاث تغيرات

ورأى السياسي التونسي أن ثمة تغييرات إيجابية شهدتها تونس خلال الساعات الماضية كان آخرها أن قوات الشرطة لم تتدخل لفض المظاهرة بل حمتها، على حد قوله.

وأوضح أن أول تغيير كان بتراجع السلطة عن المنع الجماعي للسفر الذي كان مفروضا عن التونسيين وحصرها في أوضاع قانونية فقط منصوص عليها.

وقال إن التغيير الثاني كان بتصرف القضاء العسكري بالإفراج عن النائب سيف الدين مخلوق، حيث أن السلطة السياسية أرادت أن توظف القضاء لتصفية الحسابات مع المعارضين السياسيين.

وكان قاض بالمحكمة العسكرية في تونس أمر بإطلاق مخلوف، القيادي في ائتلاف الكرامة، بعد ساعات من اعتقاله على يد قوات بالشرطة في زي مدني.

ومخلوف معارض بارز للرئيس سعيد، وهو مطلوب للقضاء العسكري بعد أن رفعت نقابات أمنية دعوى ضده واتهمته بالاعتداء على أمنيين في المطار قبل أشهر فيما يعرف “بقضية المطار.