كشفت مصادر فنية سودانية ومصرية، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، عن صدمة القاهرة والخرطوم بشأن المحاولات التي تقودها جمهورية الكونغو الديمقراطية، باعتبارها رئيسة الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، بين مصر والسودان وإثيوبيا في ملف أزمة السد الإثيوبي، وذكرت المصادر أن إثيوبيا رفضت البدء في أي عملية تفاوض جديدة بشأن سد النهضة، تقوم على أساس الاعتراف المسبق بالحصص المائية الحالية، في إشارة لحصة مصر المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب وحصة السودان المقدرة بـ18 مليار متر مكعب.

ونوّه مصدر مصري مطلع، إلى أن هناك استياءً مصرياً من إدارة الكونغو الديمقراطية، واقتصار دورها على نقل الملاحظات والمطالبات فقط بين أطراف الأزمة، على الرغم من الدعم الدولي الذي تحظى به كينشاسا في الوساطة من جانب الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والاتحاد الأوروبي. وأوضح المصدر أن الجانب المصري أبلغ المسئولين في جمهورية الكونغو الديمقراطية عدم رضاه عن الآلية المتّبعة في إدارة الأزمة، وإخلالها بالأدوار المكلفة بها، والتي تتضمن ضرورة إعداد تقارير دورية بمسار المفاوضات لاطلاع المراقبين الدوليين عليها، يتم خلالها تحديد الأطراف المعوّقة للمفاوضات والتوصل إلى حل سياسي للأزمة، خلال كل مرحلة من مراحل التفاوض، وهو ما يحمل شبهة انحياز لطرف من أطراف الأزمة.

فيما أوضح مصدر سوداني مطلع على مفاوضات أزمة السد، أن طرح كينشاسا الأخير، جاء متضمناً لشرط إثيوبي آخر، ينص على أن أديس أبابا لن توقّع على أي اتفاق يحرمها مما سمته "حقها الطبيعي في استخدام مواردها الطبيعية من المياه"، أو يقيد توظيف تلك الموارد في عمليات التنمية مستقبلاً. وقال المصدر السوداني، إن الشرط الإثيوبي جاء في صياغة فضفاضة، تحتاج إلى توضيحات، موضحاً أن إبداء إثيوبيا أخيراً استعدادها للانخراط في مفاوضات تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، بعيداً عن الرقابة الدولية، أو دور فاعل للمراقبين في مسار تلك المفاوضات، يتضمن عملية خداع كبيرة. واعتبر أن إثيوبيا فخخت تلك الاستعدادات بشروط مجحفة، لا يمكن للسودان ومصر القبول بها، لتبدو الدولتان وكأنهما تقفان وراء التعثر، في ظلّ عدم إلزام الوسطاء بتحديد الأطراف المعرقلة، ما يعني تواصل عمليات المراوغة والمماطلة من جانب أديس أبابا حتى تنتهي بشكل كامل من بناء السد، وتشغيله.

من جهته، قال مصدر دبلوماسي إن الشروط الإثيوبية الأخيرة، وعدم الرضا المصري عن مسار المفاوضات، ودور الاتحاد الأفريقي ممثلاً في دولة الكونغو الديمقراطية، كان وراء تصاعد حدة التصريحات الصادرة عن المسؤولين المصريين أخيراً بشأن الأزمة.

وحول طبيعة الجولة الجديدة التي تقوم بها جمهورية الكونغو الديمقراطية، كشفت مصادر دبلوماسية مصرية لـ"العربي الجديد"، أن الطرح الجديد الذي سلمه وزير خارجية الكونغو الديمقراطية كريستوف لوتوندولا أخيراً لمصر والسودان، تضمن عدم إجراء مفاوضات مباشرة بين الأطراف الثلاثة، كما كان يحدث في السابق، معتبراً أن "آلية المفاوضات المباشرة غير مجدية في هذه المرحلة ومن شأنها زيادة الأمر تعقيداً". وأوضحت المصادر أن الطرح الإثيوبي الجديد، تضمّن الوقوف عند آخر محطات التفاوض السابقة بين الدول الثلاث، إذ قامت بجمع النقاط الخلافية التي تم التوقف عندها في السابق من دون حسم، وطرح بديل لكل نقطة منها بعد العودة لفريق الخبراء القانونيين والفنيين في الاتحاد الأفريقي.

وكشفت المصادر أن طرح الكونغو الديمقراطية الجديد لم يتضمن في أي من نصوصه المقترحة لحل الخلاف عبارة "أن يكون اتفاقاً قانونياً ملزماً"، واستبدلها بـ"اتفاق بضمانات". وهي الصيغة التي أبلغ الجانب المصري نظيره في الكونغو الديمقراطية، أن قبوله لذلك المقترح سيتوقف على الضمانات المطروحة، من جهة، وكذلك التعاطي الإثيوبي مع المفاوضات والملاحظات المصرية من جهة أخرى