خلال المشاركة في ندوة سياسية نظمتها مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وجّه الأسير مروان البرغوثي، انتقادات لاذعة للسلطة الفلسطينية، من سجنه الإسرائيلي، وقال إن السلطة تحولت إلى "سلطة بلا سلطة، واستعمار بلا تكلفة".

وفي مداخلته خلال الندوة السياسية التي نظمتها مجلة "الدراسات الفلسطينية"، بعنوان "الحركة الفلسطينية الأسيرة: الجغرافيا السادسة"، وجّه البرغوثي انتقادات للسلطة الفلسطينية، رغم أن حركة فتح التي يشغل عضوية لجنتها المركزية هي من تقود السلطة.

وقال البرغوثي إن "ركائز الهجرة، والأرض، والاستيطان، وبناء القوة العسكرية والأمنية المتفوقة، والحليف الدولي، منذ انطلاق هذا المشروع (الصهيوني) حتى الآن، لا تزال تشكل العمود الفقري لسياسات الاستعمار الصهيوني".

ولفت الانتباه إلى أن الهجرة اليهودية لا تزال تتدفق بمعدل 32,000 مهاجر يهودي سنوياً، وقال: "الاستيلاء على الأرض الفلسطينية يسري بشكل يومي، ووصل إلى مرحلة متقدمة جدا"، لافتا إلى أنه سجل زيادة 200,000 مستوطن في الأعوام العشرة الأخيرة في الضفة الغربية.

وأوضح أن ذلك ترافق مع تطور القدرات العسكرية والأمنية، التي وصلت إلى مرحلة غير مسبوقة، قائلا: "بات الاستعمار الصهيوني يملك قدرة عسكرية لا تقلّ عن قدرة بريطانيا وفرنسا، كما أن هذا الاستعمار يواصل بناء تحالف لا مثيل له في التاريخ الحديث بين الولايات المتحدة الأمريكية والاحتلال، ويجري تحالفات متقدمة مع كل من روسيا والصين والهند".

وأشار البرغوثي وهو يتحدث عن الكيان الصهيوني، إلى أن الكيان قطع شوطاً كبيراً في التحول إلى "دولة مركزية" في الإقليم تسعى عدة دول للتحالف والتعاون معها، فضلاً عن أن الوضع الديموجرافي للوجود الصهيوني لم يسبق أن وصل إلى هذا الحجم، أي 7,5 ملايين يهودي.

وقال إن هذا المشروع الاستعماري، بأطيافه وأحزابه وتياراته "لا يقبل بالحد الأدنى الذي وافق عليه التيار الرئيسي في منظمة التحرير الفلسطينية كأساس للتسوية"، وتابع: "مع ذلك، وبعد ربع قرن من المفاوضات ومحاولات الوصول إلى تسوية، وصل هذا المشروع إلى فشل كامل، تحولت السلطة الفلسطينية إلى سلطة بلا سلطة، واستعمار بلا تكلفة".

وأشار إلى أنه رغم ذلك فإن "سياسة التطهير العرقي ما زالت تتواصل إلى جانب السياسات الاستعمارية الأُخرى".

وتحدث البرغوثي عن الواقع الفلسطيني، قائلا: "المشهد، فلسطينياً، متداخل، من جهة وصول النظام السياسي الفلسطيني الذي تبلور في العقود الماضية إلى حافة الانهيار، وسقوط جميع مكوناته المنقسمة والعاجزة والفاشلة".

مضيفا: "فبعد مرور أكثر من 130 عاماً على الغزو الاستعماري المدعوم دولياً، وما مارسه من سياسات ما انفكّ يمارسها على أرض فلسطين بين النهر والبحر، هناك 7 ملايين فلسطيني هم ليسوا عاملاً ديموغرافياً فحسب، بل إنهم فاعل سياسي ووطني وثقافي وإنساني وحضاري أيضاً".

وتابع: "لعل الأهم من ذلك، أنهم فاعل مقاوم لم يتراجع على الرغم من مسلسل التطهير العرقي والمجازر والقتل والاعتقال والإبعاد والنفي والتعذيب والمعاناة والتجويع والحصار واللجوء، عن حقه في الحرية والعودة والاستقلال".

وأشار إلى أن معركة القدس الأخيرة والمستمرة تعد "دليلا ثابتا وقاطعا على ما أكدناه دوماً، ولم يصدّقه البعض، وهو أن شعبنا الفلسطيني لديه مخزون نضالي لا ينضب، وأن معاناته وآلامه، مهما تبلغ، لم ولن تدفعه يوماً إلى التخلي عن حقوقه الوطنية الثابتة، فما يحتاج إليه هو ممارسة المقاومة الشاملة، في مواجهة المشروع الصهيوني".

وأكد أن "المعركة الأخيرة" المبدأ الذي يدعو إليه دوماً، وهو: "المقاومة الشاملة" التي تتكامل فيها أساليب وأشكال النضال، وتتعاضد فاعليتها مجتمعة، وقال إن المعركة الأخيرة "كشفت عن عجز النظام السياسي الفلسطيني وهشاشته وضعفه، وأثبتت أن ما نحتاج إليه أكثر من أي وقت مضى هو إنتاج نظام سياسي جديد مدخله الوحيد العودة إلى الشعب، وإنجاز الانتخابات العامة بمراحلها الثلاث من دون إبطاء"، ورأى أن البديل "أسوأ ممّا يتصور كثيرون".

جدير ذكره أن خلافات ظهرت خلال التحضير للانتخابات البرلمانية، التي أُجلت بقرار من القيادة الفلسطينية، بين البرغوثي وقيادة حركة فتح حول قائمة الحركة للانتخابات، ودخل مقربون منه في تحالف ضمن قائمة يقودها ناصر القدوة الذي فصل من عضوية اللجنة المركزية لحركة فتح، بسبب هذا القرار.

وقد أعلن مقربون من مروان البرغوثي، أنه ينوي الترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة، في خطوة تغاير توجهات حركة فتح، التي تطلب بأن يكون الأمر من خلال اختيار توافق عليه قيادة الحركة.