فتحي السيد 

لايخفى علينـآ جميعاً أن الحجاب الشرعي عفـة وطهارة للمسلمة، بل تشريف وتكريم أيضا، وهو قبل ذلك وبعده عبـادة وفريضة، يجب على كل المسلمـات تطبيقها كماأمر الله - عزوجل ،فالمرأة تتعبَّد اللهُ بلبس الحجاب الساتر لجميع البدن والزينة أمام الرجال الأجانب عنها، تعبدًا تُثاب على فعله، وتُعاقب على تركه، ولهذا كان هتكه من الكبائر الموبقات، ويجر إلى الوقوع في كبائر أخرى مهلكات؛ فعلى نساء المؤمنين الاستجابة إلى الالتزام بما افترضه الله عليهن من الحجاب والستر والعفة والحياء طاعةً لله تعالى، وطاعة لرسوله صلى الله عليه وسلم قال الله عز شأنه‏:‏ ‏وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا (36) الأحزاب.

مرحلة  الثانية عشْرة حتى السادسة عشْرة

في هذه المرحلة تكون ابنتك قد بلغت سن التكليف أو قد لا تكون، فإذا بلغته فعليك أن تخبريها- بلطف -أن موعد إقامة حفل حجابها قد حان، فإن استجابت عن طيب خاطر، فبها ونعمت؛ وإن لم تستجب فإليك ما نصحت به الأستاذة نيفين السويفي: (لمعالجة هذا الأمرتقول: قد يبدو ما سأقوله محبطًا، ولكنها الحقيقة التي يجب أن نتفهَّمها حتى نستطيع التعامل معها، فما تمر به ابنتك وما تجدينه من صعوبة في إقناعها أمر طبيعي جدًّا، وبخاصة في مرحلة المراهقة التي تتسم بالعناد والرفض، والرغبة في إثبات الذات- حتى لو كان ذلك بالمخالفة لمجرد المخالفة- وتضخم الكرامة العمياء التي قد تدفع المراهق ـ على رغم إيمانه بفداحة ما يصنعه ـ إلى الاستمرار فيه، إذا شعر أن توقفه عن فعله سيشوبه شائبة أو شبهة من أن يشار إلى أن قراره بالتوقف عن الخطأ ليس نابعًا من ذاته وإنما بتأثير أحد من قريب أو بعيد. أختي الحبيبة، لن أطيل عليك، وسأبدأ معك في عرض اقتراحاتي لحل المشكلة، وأرجو منك أن تتفهميها وتسمعيني فيها إلى آخر الحديث: دعيني أوضح لك شيئًا هامًّا، وهو أن أسلوب الدفع في توجيه البنت وتعديل سلوكها، لن يؤدي إلا إلى الرفض والبعد، فكما يقولون: "إن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضاد له في الاتجاه" سأقترح عليك برنامجًا قد يستغرق منك 3 أشهر، وربما أقل أو أكثر حسب توفيق الله وقدره وتنظيمه، كالتالي:

المرحلة الأولى:

وتستغرق منك 3 أسابيع إلى شهر: قومي فيها بالتوقف عن الحديث في هذا الموضوع" الحجاب" تمامًا، ولا تتحدثي فيه من قريب ولا بعيد، ولو حتى بتلميح مهما بعد أعلم ما قد تبدينه من استغراب قد يصل إلى الاستنكار، ولكن الأمر بالضبط كالدواء الذي يكتبه لنا الطبيب، و نأخذه رغم عدم درايتنا الكاملة بمكوناته و تأثيراته و لكننا تعلمنا من الرسول صلى الله عليه و سلم أن لكل داء دواء لتمرد المراهقة و هو الداء الذي يصيب أغلبية الشباب كما يصيب البرد أغلبية الأطفال في الشتاء تذكري أننا نربِّي ضميرًا ونعالج موضوعًا إذا لم يُعالج في هذه المرحلة فالله سبحانه وحده الذي يعلم إلى أين سينتهي؛ فلا مناص من الصبر، و حسن التوكل على الله، و جميل الثقة به سبحانه، ونعود مرة أخرى إلى العلاج ألا وهو التوقف لمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع عن الخوض في موضوع الحجاب، والهدف من توقفك عن الحديث في هذا الأمر هو نسيان ابنتك له، حتى تفصل بين الحديث في هذا الأمر وبين علاقتك بها، لنصل بهذه العلاقة إلى مرحلة تشعر فيها البنت بالراحة، وكأنه ليس هناك أي موضوع خلافي بينكما، فتستعيد الثقة في علاقتك بها، وأنك تحبينها لشخصها، وأن الرفض هو للفعال السيئة، وليس لشخصها فالتوتر الحاصل في علاقتكما الآن بسبب اختلافكما أحاطك بسياج شائك يؤذيها كلما حاولت الاقتراب منك، أو حاولت أنت الاقتراب منها بنصحها حتى أصبحت تحس بأنها تصاب بالأذى النفسي كلما حاولت الكلام معك، وما نريد فعله في هذه المرحلة هو محاولة نزع هذا السياج الشائك الذي أصبح يفصل بينكما .

المرحلة الثانية:

مرحلة الفعل الصامت من ثلاثة أسابيع إلى شهر: في هذه المرحلة لن توجهي إليها أي نوع من أنواع الكلام، وإنما ستقومين بمجموعة من الأفعال المقصودة، فمثلا  قومي بدعوتها- بشكل متقطع على فترات؛ حتى يبدو الأمر طبيعيًّا وتلقائيًّا- للخروج معك، ومشاركتك حضور أحد الدروس بدعوى أنك تريدين مجرد صحبتها وليس دعوتها لحضور الدرس، بقولك: حبيبتي أنا متعبة وأشعر بشيء من الكسل، ولكني أريد الذهاب لحضور هذا الدرس، تعالَي معي، أريد أن أستعين بك وأستند عليك فإذا رفضت لا تعلقي ولا تعيدي عليها الطلب، وأعيدي المحاولة في مرة ثانية؛فإذا حضرته معك إسأليها عن رأيها ودعيها تعبر عن رأيها بحرية وبإنصات منك جيد، واتركيها حتى تبدأ هي بالسؤال عن الدين وعن أموره، ويتوازى مع هذا الأمر أن تشاركيها في كل ما تصنعينه في أمور التزامك في أول الأمر من خلال طلب رأيها ومشورتها، وكأن هدفك- بل هو في الحقيقة ما يجب- تقريب العلاقة وتحقيق الاندماج بينكما بمنتهى الحب والتفاهم تقولين لها: "حبيبتي تعالَي سمِّعي لي القرآن الكريم الذي حفظته"، أو: "حبيبتي ما رأيك في هذا الحجاب الجديد"، "ما رأيك في هذه الربطة"… كل هذا وأنت تقفين أمام المرآة، تستعدين للخروج مثلاً ، وهكذا بدون قصد أوصليها بالطاعات التي تفعلينها أنت اتركيها تتحدث عن نفسها، وعن رأيها في الدروس التي تحكين لها عنها بكل حرية.

وأود أن أوجِّه نظرك إلى أمور مهمة جدًّا: -

يجب ألا تتعجلي الدخول في مرحلة دون نجاح المرحلة السابقة عليها تمامًا، فالهدف الأساسي من كل هذا هو نزع فتيل التوتر الحاصل في علاقتكما، وإعادة وصل الصلة التي انقطعت بينها وبين أمور الدين؛ فهذا الأمر تماما كالمضاد الحيوية يجب أن تأخذ رجعته بانتظام و حتى نهايتها، فإذا تعجلت الأمر و أصدرت لها و لو أمرًا واحدًا خلال الثلاثة أسابيع فتوقفي و ابدئي العلاج من البداية.

- لا تتحدثي في موضوع الحجاب أبدًا، أبدًا في هذا الوقت؛ فهو أمر يجب أن تصل إليه عن قناعة تامة، وإذا نجحتِ في كل ما سبق- وستنجحين بإذن الله، فأنت قد ربيتِ نبتة طيبة حسب ما تذكرين أنك ملتزمة، وأن أباها على خُلُق- فسيأتي اليوم الذي تطلب منك هي شخصيًّا أن ترتدي الحجاب، بل قد يأتي اليوم الذي تشتكين فيه من سفر أغطية رأسك وحجابك وهجرتها إلى دولابها الخاص .

 - لا تعلِّقي على ملابسها، إلا في أضيق الحدود، وتجاوزي عن بعض التجاوز فيه مثل الألوان التي لا تعجبك - اقصري الاعتراض واستخدام سلطتك في المنع على الأخطاء التي لا يمكن التجاوز عنها، مثل: لو أرادت الخروج مع صحبة غير مؤتمنة، أو أي شيء فيه انتهاك شرعي صريح، قد تعترضين و تقولين :"أليس عدم لبس الحجاب بعد البلوغ تجاوز شرعي؟ "لا يُخالفك أحد في هذا الأمر و لكن هذا الموضوع نحن بصدد علاجه بصورة جذرية حتى نصل إلى تشكيل قناعة داخلية لا تجعل من موضوع الحجاب والطاعة بصفة عامة رد فعل لأوامر الأهل

- استعيني بالله ولا تحزني، وادعي دائمًا لها، ولا تدعي أبدًا عليها، وتذكري أن الأمر قد يحتاج إلى وقت، لكنه سينتهي بسلام إن شاء الله فالأبناء في هذه السن ينسون ويتغيرون بسرعة، خاصة إذا تفهمنا طبيعة المرحلة التي يمرون بها وتعاملنا معها بمنتهى الهدوء والتقبل وسعة الصدر والحب)

وما أجمل أن تطلبي أيتها الأم منها مشاركتك في اختيار و شراء الهدايا لتهنئة من ارتدين الحجاب من أقاربكم وجيرانكم وأصدقائكم، لعلها تغار !! بل دعيها تسمعك وأنت تهنئينهن برضوان الله، وتوبته عليهن، وإبداله سيئاتهن حسنات إن هن  اتبعن الحجاب بأعمال صالحة،وبالجنة حيث النعيم المقيم،وحيث تكون المرأة المؤمنة  أجمل وأرفع مكانة من الحور العين!!