بقلم: سمية مصطفى مشهور

أختي الحبيبة.. إنَّ لله في أيام دهرنا لنفحات منها العشر من ذي الحجة، فلنتعرض لها ونستعد لاستقبالها.. لقد أقسم الله بها ﴿وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)﴾ (الفجر) الشفع يوم 10 والوتر يوم 9، ولحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام (يعني الأيام العشر من ذي الحجة) قالوا يا رسول الله: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء" (رواه البخاري)، "ما من أيام أحب أن يتعبد له فيها من عشرة ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة فيها بقيام ليلة القدر" (رواه الترمذي).

 

وفي رواية ابن عباس- رضي الله عنه- أضاف: "فأكثروا فيهنَّ من التهليل والتكبير وذكر الله، وإنَّ صيام يوم فيها يعدل صيام سنة والعمل فيهنَّ يضاعف بسبعمائة ضعف"، وعن عائشة- رضي الله عنها- عن الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة"، "أفضل أيام الدنيا أيام العشر" (صحيح).

 

أختي الحبيبة..

عند دخول الامتحانات نعمل ونجتهد بصدق وبأقصى ما نملك من أجل الحصول على أعلى الدرجات.. فلماذا لا نعمل في هذه الأيام الصالحة بجدٍّ واجتهاد ونحصل على أعلى درجات التفوق في اختبار الآخرة، فهي خيرُ أيام العام.

 

إنَّ العشرة الأوائل من ذي الحجة نعمة عظيمة مِن الله، يقدِّرها حق قدرها الصالحون المشمِّرون.. فاستشعري هذه النعمة واغتنمي هذه الفرصة، ونظِّمي وقتَك ورتِّبي مشاغلك يجعل الله لك من نهارك فرصةً عظيمةً للعمل الصالح، كذلك ليلك.

 

* ومن فضل الله أن جعل لنا طرقًا كثيرةَ للخيرات وسُبُلاً متنوعةً للطاعات، ونهتم بمشاركة الأبناء لنا في الأجر والثواب.

 

* قبل دخول العشر.. أختي الحبيبة

اجلسي مع أبنائك واستشعري المعاني العظيمة التي تتضمنها هذه العشر من العِبَر والعظات وتحدثي معهم فيها، ومنها:

 

1- السمع والطاعة لله: ولنا في سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام الأسوة الحسنة عندما استجابا لأمرِ الله بذبح ابنه والاستسلام لله وكذلك السيدة هاجر وترك زوجها لها ولابنها طاعةً لله، وقالت: "إذن لن يضيِّعَنا"، فهذا استشعار معية الله والتسليم لأمره، فالزوجة والابن كانا عونًا للوالد على دعوةِ وطاعةِ الله.

 

2- السعي والأخذ بالأسباب: كسعي هاجر، وكذلك السعي في الطاعات واستذكار الدروس، وكلما زاد الجهد زاد اليقين.

 

3- تلبية نداء الله في كل أمرٍ ونهي وتسليم وإجابة نداء الله "لبيك اللهم لبيك" هذا هو حال المؤمن تلبية دائمة، طاعة لله في نفسه، في عباداته، في تربيته لأولاده، في ماله، وفي جهاده، فسارع في تحقيق هذا المعنى في نفسك وفي علاقتك مع ربك حتى يحبك الله "لبيك وسعديك يا عبدي".

 

4- تجمع الناس يوم عرفات يُذكِّرنا بالآخرة والناس بين يدي الله.

 

5- الشيطان عدو للإنسان حتى الممات فاجعلنه عدوًّا، ومن فضل الله أنه يوسوس ويزيِّن فقط ولا يستطيع حملكِ على المعصية وأنتِ صاحبة القرار فاستعيني بالله وادفعيه وارجميه بدفع وسوسته.

 

6- التضحية في سبيل الله بالمال والنفس كما فعل سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل.
أختي الحبيبة.. بعد مناقشة هذه المعاني مع أسرتك حدِّدي العبادات المراد فعلها، واجعلي لها برنامجًا فيه نسبة زيادة في الطاعات على أن يستمروا عليه قدر الإمكان.

 

بعض النصائح التي تساعدك على البرنامج

1- الدعاء عند رؤية الهلال بالمأثور

 

2- الحفاظ على الصلاة أول وقتها والنوافل والسنن وصلاة الضحى.

 

3- إخراج زكاة المال إن لم تكن أُخرجت.

 

4- الصدقة بما تيسر من مالٍ أو ملابس.

 

5- صيام التسعة أيام الأولى لما سبق من فضل صيامها؛ فإن لم يتيسر فصيام اليوم الثامن والتاسع أو في التاسع فقط حسب سن الأبناء.

 

6- الاجتهاد في ختم القرآن في العشرة بمقدار ثلاثة أجزاء في اليوم وإن لم يتيسر فختمه في شهر ذي الحجة.

 

7- قيام جزء من لياليه العشر، فهي تعدل قيام ليلة القدر خاصة ليلة 9، 10.

 

8- الإكثار من الدعاء خلال هذه الأيام، خاصةً في الأسحار وأثناء النهار، وتخصيص يوم عرفة بذكر "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شئ قدير"، وأذكار الصباح والمساء، وزيادة جرعة الذكر كل يوم، من التهليل والتكبير والتحميد والصلاة على رسول الله مائة لكل منها أو أكثر، وسؤال الجنة والاستعاذة من النار، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

 

9- صلة الرحم وبر الوالدين وإصلاح ذات اليمين والإحسان إلى الجيران وإدخال السرور على المسلمين، ومساعدة المحتاجين كلها أعمال صالحة يُضاعف ثوابها في هذه الأيام سبعمائة ضعف.

 

10- خصصي لكل يوم من الأيام العشرة معنى من المعاني الموضحة سابقًا من استسلامٍ وتضحية.. إلخ.

 

11- علمي أبناءك الحرصَ على الدعوةِ إلى الله، من خلال تشجيعهم على نقل هذه المعاني للأصدقاء والزملاء في المدرسة، ونشر الخير بين الناس، فهي وظيفة ربانية ومن أهم دعائم صلاح المجتمع، ولنكن نحن دعاة إلى الله خاصةً في مثل هذه الأيام.

 

12- حبَّذا لو اجتمعت الأسرة قبل المغرب على وردٍ قرآني، دعاء جماعي.

 

13- هناك طاعات تعادل الحج منها: حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "مَن صلى الصبح في جماعة ثم جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كان له مثل أجر حجة وعمرة تامة تامة تامة" (رواه الترمذي) فجرِّبي ذلك، كذلك "مَن غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم علمًا أو يُعلمه كان له كأجرِ حاج تامة حجته" (رواه الطبري) هذا درس في المسجد، وأيضًا "مشيك في حاجة أخيك المسلم خير لك من حجة".

 

14- اغتنمي من هذه العَشرة شعارًا اتخذيه وأبناءك دائمًا لكم، ألا وهو: "لبيك اللهم لبيك" في كل طاعةٍ وعمل صالح وجهاد.

 

نسأل الله أن يتقبل منا الصيام والقيام والقرآن وصالح الأعمال في هذه الأيام المباركات.